THE LITANI RIVER, LEBANON: ASSESSMENT AND CURRENT CHALLENGES. SPRINGER 2018. 180 PP. WITH SEVERAL ILLUSTRATIONS IN COLOUR AND TABLES. AMIN SHABAN. MOUIN HAMZÉ (EDITORS).
الليطاني هو أطول الأنهار في لبنان (نحو 170 كلم)، ويعدّ نهراً وطنياً إذ ينبع من ينابيع العليق (نحو 1000 متر) غرب بعلبك، ويجري في سهل البقاع، ويصبّ في البحر المتوسط شمال صور. لليطاني روافد عدة، منها، على الضفة اليمنى، نهر البردوني، نهر شتورا، نهر قب الياس، نبع سعد نايل، نبع عمّيق، نبع الخريزات ونبع مشغرة. وعلى الضفة اليسرى نهر يحفوفا ونهر الغزيّل (تجمّع للعديد من الينابيع والعيون والأنهار الصغيرة كالفاعور وعين البيضا والفارغ وشمسين وعنجر).

كما يتلقّى النهر في أقصى جنوب سهل البقاع مياه عين الزرقا ونبع الغلة.
لدى خروجه من البقاع، يدخل الليطاني في القسم المنخفض من مجراه، فيهبط - ضمن مسافة 100 كيلومتر - من علو 800 متر إلى مستوى البحر. يبلغ هذا الانحدار أشده على علو 500 متر، ضمن مسافة لا تزيد على أربعين كيلومتراً. وفي هذا القسم المنخفض يتلقى مياه نهري زريقون ووادي السلوقي. وعند جسر الخردلي ينحرف باتجاه الغرب قرب قلعة الشقيف عند المنسوب 235 متراً، حيث يسمى نهر القاسمية، ليصب في البحر على بعد ثمانية كيلومترات شمال صور.
مساحة حوض نهر الليطاني تبلغ نحو 2110 كيلومترات مربعة (خمس مساحة لبنان)، 80% منها في سهل البقاع. يبلغ متوسط الهطل السنوي حوالي 764 مليون متر مكعب تتوزع على النحو الآتي: 543 مليوناً خلف سد القرعون، و221 مليوناً خلف بقية السدود المقامة على النهر. وتساوي كميات المياه التي يصرّفها الحوض 24% من مجمل المتساقطات على الأراضي اللبنانية، وتشكّل أكثر من 40% من المياه الجارية في الأنهار الداخلية.
ترد هذه المعلومات، متفرّقة، في فصول المؤلَّف، وقد رأينا دمجها لتسهيل معرفة أهمية هذا النهر وحوضه، والمخاطر التي تحيط بحياة السكان الذين يعتاشون منه، ما يساعد في إدراك مغزى هذه الدراسة التي أنجزتها مجموعة من الباحثين والباحثات، لتحديد المسؤولية عن التدهور، وتقديم الحلول المقترحة، إن لم يكن الأوان قد فات.
قسّم المحرران (أمين شعبان مدير الأبحاث في المركز الوطني للاستشعار عن بعد التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، ومعين حمزة الأمين العام للمركز الوطني للبحوث العلمية) العمل إلى أحد عشر فصلاً، على النحو الآتي:
1) مقدمة (شعبان وحمزة) توضح أهمية الليطاني للأمن الغذائي، إذ يساهم في توفير احتياجات نحو مليون نسمة من المياه العذبة. كما يروي آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ويؤمن مصدر الدخل الأساس لنحو 6% من سكان الحوض (370 ألفاً) ممن يعملون في الزراعة، و31% من مداخيل القطاع الزراعي المرتكز إلى مياه النهر. كما تؤمّن محطات توليد الكهرباء الثلاث (القرعون ومركبا والأوَّلي) المقامة على مجرى النهر نحو 12% من حاجات لبنان للطاقة، ناهيك عن أن النهر يرفد أكبر بحيرة صناعية في لبنان.
الكاتبان لفتا إلى الكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت على النهر (نحو 60 دراسة منذ عام 1943)، وإلى تنفيذ مشاريع وطنية ودولية عدة للتعامل مع تلوث المياه منذ التسعينيات، لكنها كلها لم تحل دون أن يزداد الوضع سوءاً، بسبب التوسع السكاني الفوضوي، بما أدى إلى فقدان مساحات من الأراضي الزراعية والضغط على موارد المياه. ناهيك عن أن حوض الليطاني يمثل أكثر مناطق الزراعة المكثفة في لبنان، لكن الممارسات الزراعية البدائية تؤدي إلى إفراط في استعمال الكيماويات وإلى تراكم النيترات والسوائل الملوثة القابلة للذوبان في النظام البيئي للتربة والماء. كما أدى إغراق تفرعات النهر بالمجاري المحلية إلى تلوث بكتريالوجي كبير، إضافة إلى تصريف خطير للنفايات الصلبة والسائلة في النهر، بما فيها النفايات الصناعية.
نحو 60 دراسة منذ عام 1943 ومشاريع وطنية ودولية منذ التسعينيات لم تحل دون أن يزداد الوضع سوءاً


التحديات التي تواجه النهر، بحسب الكاتبين، عديدة، منها سوء الفهم والجهل الذي يدعي أن نوعية المياه المتدهورة تعود إلى عوامل مرتبطة بالتغير المناخي. ويوضحان أن التحديات نوعان: طبيعية (physical) ومصطنعة (anrthopogeneric)، وكلاهما يؤثران سلباً في نظام النهر. التحديات المصطنعة تتلخص في:
- انعدام الرقابة على تفريغ المجاري السائلة والصلبة في مجرى النهر والاستخدام المفرط للأسمدة التي تؤثر سلباً في جودة المياه. وقد خصص المؤلَّف ثلاثة فصول (4 - 6) لسرد تفاصيل نتائج التحليلات التي أجريت في السنوات الأخيرة وبيّنت مقدار التلوث الشديد.
- زيادة السكان ما يؤدي إلى زيادة في الطلب على الماء إلى مليوني متر مكعب سنوياً. هذه الزيادة تؤثر أيضاً في إمدادات المياه والطلب عليها، وكذلك في الأمن الغذائي في حوض الليطاني.
- انعدام مطامر مناسبة للنفايات يؤدي إلى توزيع فوضوي للنفايات السائلة والصلبة على مجرى النهر وفي حوضه، بما يؤثر أيضاً في أحواض المياه الجوفية.
- غياب الرقابة والتشريعات المرتبطة بالمياه، سواء تلك المتعلقة بالاستخدام أو بالحفاظ عليها.
2) «أرضية تاريخية عن نهر الليطاني» (إيمان عبد العال). الكاتبة خصصت هذا الفصل للحديث عن نشوء «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» ودور المهندس إبراهيم عبد العال ودراساته المؤثرة حتى يومنا هذا. وتؤكد أن المصلحة تمتلك القدرة على مواجهة أزمة النهر البيئية، على رغم قائمة طويلة من «التقصيرات المعهودة في الإدارات اللبنانية». وتلفت إلى الصعوبات التي تواجه الاستفادة من الليطاني، ومنها التأخر في حفر نفق مركبا - جزين -الأولي (17 كلم)، والصعوبات التي تواجه مشروع ري لبنان الجنوبي (القناة 800)، مشيرة إلى أنها مصاعب «سياسية أكثر من أي أمر آخر».
3) «الخصائص الفيزيائية لمصادر مياه حوض الليطاني» (أمين شعبان، غالب فاعور ومحمد عواض). هذا الباب مخصص للحديث في مختلف الجوانب التي يشير إليها عنوانه، ومنها الجيموفورملوجيا (geophormology)، أي تكاوين سطح الأرض والأبعاد الهندسية للأحواض المائية، وهيدرولوجيا، أي أنماط جريان المياه للأحواض المائية، ومكونات الغطاء الأرضي، والينابيع وذوبان الثلوج والمياه الجوفية وغيرها. وقد أُرفق الباب، كغيره، بخرائط وجداول توضيحية تسهل على القارئ المتابعة.
4) «طبيعة مياه نهر الليطاني الفيزيائية والكيماوية والميكروبية» (ندى نعمة وشادن حيدر). العينات التي أخذت من عدة مواقع من النهر توضح أن درجة التلوث الناتجة من تسريب المجاري غير المعالجة تجاوزت المعايير الوطنية والدولية. ويخلص الكاتبان إلى ضرورة التحرك لحماية موارد المياه في كل لبنان، آخذين في الاعتبار التغير المناخي وازدياد عدد السكان ما أدى إلى نقص في موارد المياه العذبة.
5) «تقويم حالة حوض القرعون الفزيوكيميائي والبيئي» (علي فاضل وكمال سليم). لحوض القرعون أهمية حيوية لسهل البقاع. إذ إنه يستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية ويعدّ مصدراً لصيد الأسماك وري الأراضي الزراعية والسياحة. هذا الفصل مخصص لدرس تطور حالته الفيزيوكيميائية. ويخلص إلى أن حالة البحيرة لم تتحسن في السنين العشر الماضية، ويتضمن توصيات لتحسين وضع الحوض، منها معالجة المياه قبل صرفها فيه، وتحديد مقدار النيترات والفوسفات المسموح بوصولها إليها، وتوعية السكان بأهمية المساهمة في منع التلوث.
6) «نوعية المياه الجوفية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني» (نبيل عماشة وصفاء بيضون). يوضح هذا الفصل أن مياه الحوض الأعلى أضحت عرضة للتلوث في السنوات الأخيرة ما يؤثر في تطور السكان الاجتماعي - الاقتصادي وكذلك في لدانة الحوض. ويلفت الكاتبان إلى أنه على رغم أن كثافة المعادن الصلبة في الحوض لا تشكل خطراً صحياً في الوقت الحالي، إلا أن ازدياد عدد السكان الناتج من تدفق اللاجئين السوريين والتغير المناخي قد يقود إلى ازدياد التلوث. ويدعوان إلى نظام رقابة دائم لنوعية المياه الجوفية كجزء من إدارة مصادر المياه في الحوض.
7) «تحسين كفاءة استهلاك المياه والإنتاجية في حوض نهر الليطاني» (إيهاب جمعة وأمين شعبان). يركز البحث في هذا الفصل على الحوض الأعلى لحوض نهر الليطاني لأنه يحوي المساحة الأكبر من الأراضي الصالحة للزراعة. الكاتبان يشيران إلى مؤسسات لبنانية كثيرة مهتمة بتحسين كفاءة استخدام المياه والإنتاجية في الحوض، وفي مقدمتها مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التي طبقت تقنيات متطورة عدة، ما أدّى إلى تحسن كيفية الاستفادة من المياه عبر إبلاغ المزارعين بالتنبؤات الجوية وتمديد فترة الإرشادات والتوعية.
8) «تقويم مدى استدامة مصادر المياه في حوض نهر الليطاني» (نديم فرج الله، ياسمينا الأمين وأمين شعبان). يلفت هذا الفصل إلى أن الليطاني أضحى المسألة الجيوبيئية الأهم في لبنان إذ يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام على مختلف الصعد. لكن على رغم ذلك، المشكلة تزداد سوءاً لوجود تحديات عدة، أهمها: ندرة المياه، ازدياد عدد السكان الطبيعي وتدفق اللاجئين، التمدد المديني والإدارة السيئة للمياه.
9) «الخطة الوطنية لتنظيف نهر الليطاني وحوضه» (طلال درويش، أمين شعبان ومعين حمزة). خصص هذا الفصل للخطط الحكومية واللجان الوزارية والبرامج المقرة لتنظيف الليطاني، ويقدم مجموعة من المقترحات لذلك.
10) «استنتاجات ونقاش» (معين حمزة وأمين شعبان). يلخص هذا الفصل نتائج الفصول السابقة، ويضيف إليها نتائج استطلاع رأي عن تدهور حال النهر شمل المدن والبلدات والقرى في حوضي نهر الليطاني الأعلى والأدنى، وأظهر أن 39% من المشاركين يلقون المسؤولية على الحكومة. ويعدد الفصل مجموعة من الإجراءات البعيدة المدى اللازم تطبيقها وهي: تشكيل نظام مراقبة، إنفاذ الشرطة البيئية، إقامة سياجات حماية للنهر على الضفتين، معالجة المياه، إقامة مقالب قمامة صحية، وتمرير تشريعات بيئية جديدة.
المؤلف مهم وضروري صدوره بالعربية لرفع درجة الوعي بالمخاطر التي تهدد بقاء نهر الليطاني، خصوصاً أنه يثري السرد بكثير من الجداول والإحصاءات والخرائط والصور.