لا تزال المحاكم الدينية تثير إشكاليات كثيرة بسبب قراراتها خصوصاً إزاء قضايا النساء والحضانة. فهذه القرارات تصدر، في غالبية الأحيان، بمعزل عن مصلحة الطفل نتيجة غياب المحاكمات الموضوعية التي تحدد الجهة المؤهلة للحضانة والتي ترعى مصلحة الطفل على مختلف الصعد.والمشكلة تكبر عندما تنصاع دوائر التنفيذ لقرارات المحاكم الشرعية من دون أن تناقش في أصل القضية بحجة عدم إختصاصها، علما أن هناك اجتهادات تفيد بأنه لا يمكن لدائرة التنفيذ أن توقع وتبصم على كل ما يصدر عن المحاكم الشرعية، «بل يجب التدقيق لمعرفة مدى تناسب القرارات الصادرة مع الإنتظام العام اللبناني خصوصا في ما يتعلّق بالدستور»، على حدّ تعبير المدير التنفيذي لـ «المفكرة القانونية» المحامي نزار صاغية، لافتا الى تغييب مصلحة الطفل في الكثير من تلك القضايا.
في اخر مظاهر هذه الازمة، قيام عناصر من قوى الأمن الداخلي، صباح أول من أمس، بتنفيذ قرار صادر عن المحكمة الجعفرية بمنع المحامية فاطمة زعرور (زوجة سابقة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم)، من تولي حضانة ابنها البالغ من العمر سنتين ونصف سنة. وداهمت العناصر الامنية خالة زعرور في بلدة سجد بموجب مُذكّرة صادرة عن النائب العام الإستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، استناداً إلى قرار قضائي صادر عن دائرة التنفيذ في بعبدا يقضي بتنفيذ حكم المحكمة الشرعية المتعلّق بحق الوالد في رؤية ابنه.
ومع ان البلاد ضجت في اليومين الماضيين بكثير من الروايات حول حقيقة ما حصل، الا ان الواضح اننا امام مشكلة جديدة تتعلق بالخلاف حول حضانة اطفال قصّر. ويظهر التضارب في التفسير في كلام زعرور نفسها التي تقول انها تعرضت للتعنيف بقصد انتزاع الحضانة منها، وبين ما يقوله الشيخ عباس زغيب (وكيل ابراهيم) من أنّ القضية تتعلّق أولا وأخيرا بحق الوالد برؤية ابنه «تماما كحق الأم في رؤية ولدها»، معتبرا أنّ الحديث عن استعمال السلطة والنفوذ وغيرها من الإتهامات التي سيقت بحق اللواء ابراهيم عارية من الصحة.
واوضح القاضي رمضان لـ«الأخبار» أنّ عمله «اقتصر على التبليغ فقط»، مضيفا أن زعرور لم تُبرز بداية ما يُثبت أنها محامية، «وعندما قامت بإبراز بطاقتها أثناء التحقيق، تمت معالجة الأمر بأحسن الطرق الممكنة».