يدخل أحد المكفوفين الى الـ «سوبر ماركت»، بعد أن يتصل مسبقاً لـ«حجز» مرافق. لدى وصوله، يكون المرافق ــــ الموظف في انتظاره ليجول معه داخل المتجر، ويشرح له ما يلمسه. الموظف، هنا، يصبح عين الكفيف.في مبادرة هي «الأولى من نوعها في لبنان والعالم العربي»، بحسب رئيسة جمعية «Red Oak» نادين أبو زكي، قرّرت إدارة مؤسسة «marqet» في منطقة قريطم (بيروت) أن تتحوّل «مؤسسة صديقة للمكفوفين ولمن يعانون من ضعف النظر»، عبر مساعدتهم على التسوّق من دون حاجة لمساعدة أحد من اصدقائهم أو أقاربهم، تسهيلاً لدمجهم في المجتمع.
بعد الموافقة على المبادرة التي تقدّمت بها الجمعية، بحثت إدارة المؤسسة في الطريقة الأفضل لمساعدة زبائنها من المكفوفين، وتقرر في المرحلة الأولى الاعتماد على العنصر البشري على حساب التكنولوجيا. وتم الاتفاق مع جمعية «الشبيبة للمكفوفين» لتدريب عدد من الموظفين على التعامل مع الزبائن المكفوفين. على مدى أسبوعين، عمل رئيس الجمعية عامر مكارم على تدريب 10 موظفين على «تقنيات المرافق المبصر»، أهمها التمييز بين الكفيف وضعيف النظر، والتدرّب على التعامل بطريقة اللمس، فبحسب أحد من خضعوا للتدريب، «من خلال مسكة اليد يعرف الكفيف اذا كان هناك درج أمامه أو عائق ما، وبطريقة أخرى يعرف انه يجب ان يتجه يساراً أو يميناً»، كما «تعلّمنا كيف نوصل الصور التي أمامنا الى عقل الكفيف».
«أول مرة أكون في السوبر ماركت لحالي من دون اختي»، قال محمد مبتسماً لدى انتهائه من التسوق، متمنياً تعميم التجربة. وهذا ما تؤكد عليه ابو زكي، مشيرة الى أن هذه «الخطوة الأولى ضمن مشروع ضخم، ونأمل انتقال التجربة الى بقية المناطق والتعاون مع مؤسسات تجارية بشكل أوسع ليستفيد منها كل المكفوفين».
ولا توجد في لبنان احصاءات دقيقة حول عدد المكفوفين، إذ أنهم غالباً ما يُدرجون مع ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تقدر وزارة الشؤون الاجتماعية نسبتهم بـ 3% من السكان، فيما تقدّرهم احصاءات الأمم المتحدة بـ 10%.
في السياق نفسه، تستعد جمعية «Red Oak»، بالتعاون مع المتحف الوطني الايطالي، لاطلاق مشروع «أبواب ... الرجاء اللمس» الذي يهدف الى تسهيل دخول المكفوفين وضعيفي النظر الى المتاحف. ينطلق المشروع في 29 الشهر الجاري بمعرض في المتحف الوطني يتضمن آثاراً ولوحات ومنحوتات وموزاييك يسمح بلمسها من أجل التعرف عليها. وقد تم تدريب عدد من الموظفين على مرافقة المكفوفين كمرشدين لهم. بالتزامن، ستطبّق الخطوة نفسها في متحفي سرسق (الأشرفية) ومقام (جبيل)، على أن يجري نقل التجربة الى متاحف أخرى.