الزيتونة المعمّرة المهداة، أخيراً، إلى رئيس بلدية بربارة الجبيلية، رالف نادر، لن تزين باحة منزله الخاص. سيغرسها عند مدخل بلدته ويهديها بدوره إلى حرية أيقونة النضال الفلسطيني، عهد التميمي. «فالريس» اختار أن تحمل الشجرة ـــــ الصفعة، كما سماها، رسائل ذات مضامين متعددة الاتجاهات. هي أولاً قدسية شجرة الزيتون التي اتخذها المسيحيون رمزاً للدين وآلام السيد المسيح، وباركها المسلمون باعتبارها مثالاً للنور الإلهي. وتالياً، دلالاتها المعبّرة عن الصمود، والثبات، والمقاومة للعدو الصهيوني الذي لم يتوقف يوماً عن سرقتها واجتثاثها من كل أرض فلسطين. وهي في الواقع أول شجرة يحرقها لدى دخوله باحة أي منزل.

أما الخصوصية الثالثة للزيتونة، بالنسبة إلى نادر، فتأتي في سياق العرفان بالجميل لابن البربارة، العميد في فوج الهندسة في الجيش اللبناني، نجيب واكيم، الذي ارتفع شهيداً في حرب تموز عام 2006.
لكن، لماذا «عهد» بالذات وتخصيصها دون سواها من الأسرى والشهداء الذين قدموا تضحيات جسيمة في مواجهة العدو؟ يجيب نادر: «لسنا نحن من يصنّف الأسرى ولا يحق لنا ذلك أصلاً، إنما ببساطة آثرنا أن نهدي هديتنا إلى عهد، تلك التلميذة المناضلة التي اخترقت صفعتها للجندي الإسرائيلي كل الحدود البشرية لتدوّي في قلب العالم، ولكونها السلاح الإعلامي الأقوى المدافع عن العدالة الدولية والحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، والعابر خصوصاً للقارات والطوائف ولكل أنواع الفئوية والتعصب». ويضيف: «لن نكون أقل من هولندا مثلاً التي أطلقت سلطاتها المحلية اسم التميمي على بعض شوارعها».
ستحتفل البربارة، اليوم، بغرس الزيتونة، إضافة إلى أربعة آلاف زهرة، في حضور وسائل إعلامية وبمشاركة عائلة الشهيد واكيم التي سيكون لها كلمة بالمناسبة. وسيلقي كل من نادر وواهب الزيتونة والزهرات كلمات، قبل أن تنطلق جولة للإعلاميين على بعض المشاريع الحيوية التي نفذتها البلدية، ولا سيما الحديقة والنصب التذكاري، لابن البربارة «الشاعر القروي»، رشيد سليم الخوري، الذي اشتهر هو الآخر كشاعر محرّك للقضية القومية العربية. فقد أحضر خصيصاً من مهجره في البرازيل الذي قضى فيه مدّة خمسةٍ وأربعين عاماً؛ ليعود إلى وطنه (الذي قضى فيه ثلاثاً وعشرين سنة) وكان ذلك في عهد الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958. ومن أكثر ما فجّر عند «شاعر العروبة» هذا الموقف القومي ما أصاب القضية الفلسطينية، منذ «وعد بلفور» حتى آخر الهزائم التي انتهت إليها حروب الدول العربية لتحرير فلسطين، ودفع الشعب الفلسطيني الثمن الباهظ من جرّائها.