هل تتعرض الجامعة اللبنانية لحملة خطرة في اطار تصفية حسابات سياسية وشخصية؟ لمصلحة من تشويه صورة الجامعة الوطنية عشية بداية عام دراسي جديد وانطلاق أعمال التسجيل في كلياتها؟ هل المطلوب «تهشيل» الطلاب وتأمين زبائن لدكاكين الجامعات الخاصة؟ من المستفيد من تضخيم ما طلبته لجنة أوروبية من الجامعة بالتزام معايير جديدة لكون المناهج في اوروبا، خصوصاً في فرنسا، تخضع لتعديل دائم، والجامعة تتكيف معها عادة، إلى الحديث عن عدم اعتراف بالشهادات؟ هل الاتحاد الأوروبي هو فعلاً الجهة المخوّلة تقييم الشهادات أم الوزارات المعنية في البلدان ومؤسسات التقييم؟ وإذا كان الأمر كذلك لم استنكر الموضوع لدى التواصل معه بشأنه ورفض زج اسمه فيه؟ لم الإساءة المتعمدة واسقاط الهيكل على رؤوس الجميع في أهم صرح تربوي وطني في لبنان؟ لماذا هذا التعتيم المقصود على إنجازات المؤسسة الرسمية الوحيدة ونجاحاتها الكثيرة والنتائج المميزة لطلابها في الجامعات الأجنبية ومباريات معهد الدروس القضائية ومجلس الخدمة المدنية وغيرها؟
هل المطلوب «تهشيل» الطلاب وتأمين زبائن لدكاكين الجامعات الخاصة؟(هيثم الموسوي)

هذه الاسئلة وغيرها طرحت في اليومين الأخيرين في أروقة الجامعة غداة شيوع كلام عن ان «الاتحاد الأوروبي هدد بعدم الاعتراف بشهادة الجامعة ما لم تجر إصلاحات بنيوية جذرية خلال 3 سنوات».
في الواقع، الكلام صدر عن رئيس «جمعية أصدقاء الجامعة اللبنانية»، أنطوان صياح، الذي كان يتحدث أمام عدد من الإعلاميين، في غداء أقامته الجمعية في مقرها يوم الثلاثاء الماضي، «بهدف تكوين رأي عام إعلامي داعم للجامعة». والجمعية هي أحد مكونات اتحاد «اورا» إلى جانب «لابورا» و«الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة ــــ لبنان« (أوسيب ــــ لبنان) و«نبض الشباب» GroAct.
الصياح أقرّ في اتصال مع «الأخبار» بأنّ مصدر حديثه لم يكن تقريراً رسمياً صادراً عن الاتحاد أو عن اللجنة الأوروبية المكلفة بمتابعة مسار الجودة في المناهج والإدارة المالية والإدارة والموازنة والمجالس الأكاديمية وغيرها، والتي زارت الجامعة أخيراً والتقت معظم لجان الكليات التي بدأت بدخول هذا المسار منذ نحو 5 سنوات. بل هو «نابع من تحذير أو انطباع نقله إلينا بعض أعضاء لجان الكليات المشاركة في هذا المسار لدى طرح اللجنة أسئلة دقيقة عليهم خلال اللقاءات. وقد نبّهنا إلى الأمر، لأننا نخشى أن نقع في المحظور، أي أن يعلن القرار في حينه من دون أن يصدر في تقرير رسمي».
ينفي الصياح أن تكون الإضاءة على هذا الموضوع مندرجة في اطار المعركة المستمرة مع رئاسة الجامعة، انما «تنطلق من حرصنا على مصداقية جامعتنا الوطنية التي قدمنا لها سنين عمرنا، خصوصاً أن الملف لا يطال الرئيس فحسب انما يطالنا جميعاً، أي المؤسسة والأساتذة والطلاب والمجتمع بكامله».
المكتب الإعلامي في الجامعة لم يتأخر في الرد على ما سماه «شائعة مغرضة» لا أساس لها من الصحة وتدخل في باب الحملة التي تستهدف الجامعة الوطنية لمصلحة بعض الجامعات الخاصة. ولفت في بيان أمس الى أنّ الجامعة «انطلاقاً من وعيها لأهمية دورها الوطني، قدمت طوعا على تقييم الجودة فيها من المجلس العالي للتقييم والاعتماد للتعليم العالي HCERES، وهو سلطة إدارية فرنسية مستقلة (AAI) مسؤولة عن تقييم التعليم العالي والبحث العام في فرنسا، بدعم مالي من المعهد الفرنسي في السفارة الفرنسية في لبنان». وأضاف: «قبلت الجامعة، عن سابق إصرار وتصميم دخول هذه التجربة، لتدعِّم مسارها كجامعة وطنية ولكي تستطيع أن تستمر في تأمين ما يستحقه طلابها من أبناء هذا البلد من فرص سواء في الداخل أو في العالم، لا سيما أن التنافس بات يتخطى الحدود التي أضحت اليوم بسبب العولمة».
وأشار المكتب إلى أنّ كلية العلوم الطبية في الجامعة، كما جميع كليات الطب الخاصة في لبنان، باشرت منذ العام الفائت بالترتيبات اللازمة للحصول على الاعتماد الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية WHO ومنظمة WFME (World Federation For Medical Education) ، لا سيما أنّ جامعات الولايات المتحدة باشرت بتطبيق هذه التوصية وأعلنت عدم قبول طلاب الطب لمتابعة الاختصاص في مستشفياتها بدءا من العام 2023 في حال لم تكن شهاداتهم صادرة عن كليات حازت على هذا الاعتماد.
الصياح: الكلام على عدم الاعتراف بالشهادات ناجم عن «انطباع» نقل إلينا من أعضاء اللجان


ولفت البيان الى أن الرئاسة «أبدت التعاون المطلق وبكل شفافية مع اللجنة التي أرسلها المجلس العالي للتقييم والاعتماد للتعليم العالي HCERES، وقدمت لها طوعا خلال سنة، بدءا من زيارتها الأولى في حزيران 2017 وانتهاء بزيارتها الثالثة في حزيران من هذا العام، كل ما تحتاجه لإصدار تقييم شفاف يظهر نقاط القوة والضعف على المستويات الإداري والأكاديمي والبحثي في كل كليات الجامعة ومعاهدها، لتقوم الجامعة لاحقا بالمسار التصحيحي بما يزيد من تنمية قدراتها على تأمين الفرص الأفضل لطلابها وطالباتها البالغ عددهم اليوم نحو 79 ألفاً».
وشدّد المكتب الإعلامي على أنّه لا يوجد في القانون اللبناني ما يلزم تطبيق الجودة في الجامعات. فقيادة الجامعة الوطنية هي التي ألزمت نفسها وشرّعت أبوابها للجنة الجودة للقيام بالتقييم، وهو أمر يساوي إقدامها في السابق على اعتماد نظام التدريس الجديد في الجامعة اللبنانية المبني على الفصول والمقررات والأرصدة وفقا لسلم الشهادات التالية: الإجازة، الماستر والدكتوراه، ليتوافق نظامها مع نظام التدريس الأكثر انتشارا في العالم. والهدف من كل هذه الإجراءات هو السعي لتأمين أحسن الفرص التعليمية لطلابها بمختلف أطيافهم، مناطقهم، طبقاتهم الاجتماعية ومختلف اختصاصاتهم، من أجل الحصول على أحسن فرص علمية وعملية لمستقبلهم وفق طموحاتهم سواء في هذا البلد أو في دول الانتشار الكثيرة للبنانيين في العالم».
الرئاسة أكدت أن الجامعة هي «دوما في سعي مستمر لمتابعة العمل الحثيث لتطوير هذه القدرات بما يتوافق وتطور العلم والبحث وآلياتهما في العالم. فمعظم الدول الأوروبية تعترف بشهادة جامعتنا الوطنية التي تتبع نظام الأرصدة، وهناك الكثير من الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين الجامعة اللبنانية والعديد من الجامعات الأوروبية بهذا الخصوص، وغير المرتبطة بتطبيق نظام الجودة».