بالتصويت، أسقطت أمس «الأجندات السياسية» في مجلس الجامعة اللبنانية ملف ادخال أساتذة متفرغين مستحقين جدد. بعد جدل دام أربع ساعات، وقف 14 عضواً محسوبون على التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية ضد الملف، فيما دافع 10 أعضاء محسوبون على حزب الله وحركة أمل عنه، وامتنع 3 عن التصويت. قبل التئام المجلس بساعات قليلة، تطورت الأحداث بصورة دراماتيكية متسارعة. خرج المكتب التربوي للتيار الوطني الحر ليهوّل بـ «الوقوع في المحظور وزعزعة الثقة الوطنية وضرب التعددية والتنوع»، إذا مرّر الملف غير الميثاقي وغير المراعي للتوازن الطائفي والوحدة الوطنية، محذراً من مواجهته في مجلس الوزراء وهو إذا أقر سيولد ميتاً، باعتبار أن لا شرعية لأي سلطة تناقض ابسط مقتضيات العيش المشترك».
التيار أعلن أنّه لن يسمح بإقرار ملف يضم 80% من المسلمين مقابل 20% من المسيحيين. وعلى الموجة نفسها، تدخل رئيس مؤسسة «لابورا» الأب طوني خضرا وسمح لنفسه أن يطلب من عمداء الكليات مباشرة إقفال الملف نهائياً، على خلفية أنّه «لا يمكن أن يكون العدد المطروح للتفرغ 52% من مذهب واحد».
التيار أعلن أنّه لن يسمح بإقرار ملف يضم 80% من المسلمين مقابل 20% من المسيحيين


هذا التصعيد الذي يترافق مع الاستعدادات للاستحقاق الانتخابي أتى بعد تسريبات صحافية في اليومين الأخيرين اشارت إلى أن التوزيع الطائفي للمرشحين للتفرغ هو على الشكل الآتي: 52% شيعة، 23% سنة، و25% مسيحيين.
إلاّ أنّ مصادر جامعية تناصر إقرار الملف أوضحت لـ «الأخبار» أن الملف أنجزته لجنة مؤلفة من كل الأحزاب السياسية وعلى مدى 40 اجتماعاً وقد ضم 570 أستاذاً اختارهم نظام الكومبيوتر (software) وفقاً لمعايير أكاديمية وقانونية محددة تتعلق بالنصاب (200 ساعة تعليم لسنتين) والكفاءة والأبحاث المنجزة وضمن الاحتياجات والاختصاصات المطلوبة، وأضيف إليهم كل مستحق مستثنى من ملف التفرغ الأخير في العام 2014. كذلك جرى، بحسب المصادر، إدراج نحو 180 أستاذاً آخرين لا تتوافر فيهم الشروط السابقة، لكن تحتاج الكليات إلى اختصاصاتهم. تنفي المصادر أن تكون حصة الشيعة في الملف 52% بل كانت 47%.
وفي الجلسة، طرح أنصار الملف أن يجري تمرير «الملف النظيف»، كما سموه، أي الـ570 أستاذاً، لكون هؤلاء مستحقين فعلا ولا يجوز تأخير تفرغهم، على أن يُعد ملف مواز في مرحلة لاحقة يراعي «التوازن الوطني»، إلاّ أن هذا الاقتراح سقط في الجلسة.
في المقابل، تقول مصادر المعترضين لـ «الأخبار» إنّ الاعتراض لم يكن على التوازن الطائفي فحسب انما أيضاً على شكل الملف، إذ تكتمت رئاسة الجامعة عن الأسماء ولم تسمح لأعضاء مجلس الجامعة بالاطلاع عليها قبل الجلسة. وهنا توضح المصادر أن المداخلات لم تعكس خيارين متناقضين كما أظهر التصويت («وقد رجونا رئيس الجامعة أن لا يلجأ إلى هذا الخيار وأن يرجئ البت بالملف إلى وقت آخر»)، انما تحفظ البعض بالشكل والبعض الآخر طلب التريث في انتظار تحقيق الحد الأدنى من التوازن، باعتبار أن التوازن الكلي لا يمكن أن يحصل إلاّ إذا اسقط أساتذة بـ«الباراشوت» من خارج الجامعة ولم يعلّموا فيها يوماً. ورفض هذا البعض اعداد ملفين متوازيين وفصلهما عن بعضهما البعض، تجنباً لاحداث الانقسام في الجسم الجامعي، على حد تعبير المصادر.
لكن يبدو أن الشرخ حصل فعلاً في صفوف الأساتذة وانقسموا بين مع وضد. وكان المرشحون للتفرغ قد عاشوا ساعات عصيبة قبل اطاحة الملف. تجمعوا أمام الإدارة المركزية للجامعة وطالبوا بحقهم بالتفرغ والاستقرار الوظيفي بعد سنوات من التعاقد بالمصالحة مع الجامعة حيث تأخرت فيها مستحقاتهم 3 سنوات متتالية. وهم اليوم يفكرون فعلاً باعلان الاضراب التحذيري ومن ثم المفتوح، كما قالوا لـ «الأخبار» ويسألون: «هل يليق هذا الخطاب الطائفي بصرح أكاديمي عريق ومؤسسة تربوية وطنية وهل يجرؤ هؤلاء المتدخلون في شؤون الجامعة أن يفرضوا التوظيف في الجامعات الخاصة على أساس ميثاقي وطائفي؟».