ذوو الاحتياجات الخاصة ممنوعون من أدنى حقوق العيش في لبنان، فالطرقات والأرصفة ممنوعة عليهم، المرافق العامة والخاصة بمعظمها غير مجهزة لاستقبالهم، يحتاجون لـ"طلب استرحام" مذلّ لدخول المدرسة الرسمية، أصواتهم في الانتخابات مصادرة ومرتهنة لمن يقدم خدمة النقل والمساعدة. ممنوعون من دخول الجامعة الوطنية اللبنانية، ومن تحصيل الشهادات والدراسات العليا. ممنوعون من الاندماج والمشاركة…والأهم أنهم ممنوعون من حقهم في العمل. فعلى الرغم من مرور 15 عاماً على صدور القانون 220 /2000، المفترض به الاعتراف بهم كمواطنين وإلغاء العوائق أمام اندماجهم في المجتمع، إلا أن التزام المؤسسات العامة والخاصة نص القانون، الذي يلزمها بكوتا 3% على الأقل لذوي الاحتياجات الخاصة، يكاد يكون معدوماً.
هذه القضية اعتصم من أجلها أمس، مواطنون من ذوي الاحتياجات الخاصة، أتوا من مختلف المناطق اللبنانية تلبيةً لدعوة اتحاد المقعدين اللبنانيين. رئيسة الاتحاد سيلفانا لقيس ألقت كلمة، قالت فيها إنه بعد 15 سنة على إصدار القانون "لم نشهد أي مبادرات رسمية، لا على مستوى تطوير سياسات وطنية، ولا على مستوى تهيئة مؤسسات القطاع العام، ولا على مستوى تعديل المناهج، ولا على مستوى تأهيل البيئة، وطبعاً ليس على مستوى قانون الموازنة العامة، حيث لا ترصد أموال لتطبيق أحكام القانون.

وكأن هذا القانون غير موجود". وطالبت باستحداث فريق عمل وزاري ليضع خطة وطنية لتفعيل "الكوتا 3%" في القطاعين العام والخاص، على أن تستوعَب فوراً دفعة كبيرة من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في ملاك الدولة، وفي الوظائف التي تليق بكفاءاتهم "وليس وفق عقولكم المحدودة في فهم قدراتنا". وتحدثت لقيس عن ارتفاع متزايد لنسبة البطالة في صفوف ذوي الاحتياجات الخاصة، وحرمان عدد كبير منهم التعليم. إذ تشير دراسة (أعدها سنة 2014 اتحاد المقعدين اللبنانيين) أن نسبة العاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة لا تتجاوز 15%، ومعظم هؤلاء يعمل بصيغة ظرفية أو متقطعة أو موسمية، ولساعات عمل طويلة وأجور متدنية.
مريم السعيدي من لجنة المفقودين والمخطوفين، شاركت المعتصمين بصرخة أطلقتها، حيث اعتبرت المعوّقين "معطلين من العمل وليسوا عاطلين من العمل"، فالمسؤولون في الدولة "هم المعاقون وأنتم المعوَّقين"، لأن هؤلاء المسؤولين كانوا طوال السنين المنصرمة "صم وبكم عن إحقاق الحق".
أما فادي الصايغ، عضو الاتحاد، فشكر الدولة "ساخراً" لما قدمته له منذ إقرار القانون: "لا كوتا 3 % مطبقة، ولا الدمج المدرسي، ولا الطرقات والمباني جهزت، وقانون السير الجديد غيّب حقوقنا…".
يقول مارك بارد: "أحاول منذ 5 سنوات التقدم إلى فرص عمل، يقبلون السيرة الذاتية ويسعدون بما أملك من خبرة، ولكن عندما يرونني شخصياً يبدلون رأيهم"، بُرّر له في مرات عدة أن سبب رفضه صراحة هو "إعاقته". جيهان لها حكاية أخرى مع التوظيف، إذ تقدمت إلى عدد من المؤسسات التي قبلت بها، إلا أنها أرادت أن تستغلها، "العمل لساعات إضافية وبأجر متدنٍّ"، تروي جيهان أن إحدى الشركات عرضت عليها العمل لـ 9 ساعات يومياً مقابل 250 دولاراً أميركياً شهرياً!