ليس هناك الكثير لقوله عن فيلم المخرج اللبناني كريم قاسم «أخطبوط» (64 د ــــ 2021) الذي يفتتح مهرجان «شاشات الواقع» الليلة. انتظرنا كريم طويلاً أن يقول لنا شيئاً، كما انتظرنا شخصيّاته أن تنطق، ولكن عبثاً. «أخطبوط» فيلم مُملّ ووقح. هنا، يصبح الواقع هدفاً لتقطيع مشاهد فيديو، ومونتاجها مفيداً لإنشاء منتج تجاري يسمّى ظلماً «سينما». هذا «الفيلم» معبّأ مسبقاً من خلال الصور المختزلة مقارنة بتعقيد الواقع المعاش.

«أخطبوط» عبارة عن مشاهد مكرّرة صوّرها كريم بنفسه بعد انفجار مرفأ بيروت... مشاهد للبنانيّين في بيوتهم المهدّمة، طرقات بيروت المكسّرة، مستشفياتها وحتى مرفئها والدخان المتصاعد منه. ساعة كاملة قامت على هذه المشاهد، من دون كلام. نفهم تماماً أنّ الكلمات عاجزة عن وصف هول الكارثة، لكن حتى وجوه الشخصيّات لا تقول شيئاً. «أخطبوط» مباشر وفجّ، بمشاهد نصادفها كل يوم في الشارع، ولا حاجة إلى أن تكون على شاشة كبيرة. فيلم خالٍ من الخيال أو حتى من الذكاء السينمائي. كل شيء أمامنا كما نراه في الشارع تماماً، وحتى القصة الخيالية التي طرحها متماشيةً مع الوثائقي، لم نفهمها ليس لأنها محمّلة بالرموز، بل لأنها ببساطة فاقدة لأي معنى، تماماً كما الفيلم. في بعض الأحيان، يمكن للصورة القوية أن تختزل الكلام والصوت، لكن في «أخطبوط» صورة كريم قاسم وحدها لا تكفي.
شريط كريم قاسم فاقد للروح التعبيرية

الصورة السينمائية تحتاج إلى حنكة، أن تمتلك مقوّمات مشاهدتها على شاشة كبيرة. وإذا لم يكن لدينا شيء لقوله، فمن الأفضل عدم استعمال هذه الشاشة، لأنها تنقلب علينا وعلى الفيلم. «أخطبوط» فارغ من كل شيء، حتى الأهوال والدمار والوجوه الكئيبة لم تعد تعني شيئاً لأنّها مكرّرة نشاهدها كلّ يوم... في السينما تصوير الواقع البائس يحتاج إلى ذكاء للالتفاف عليه وغمره من كل الجوانب، ليس فقط مجرد مشاهد يمكن لأي شخص تصويرها ومنتجتها ووضعها واحدة تلو أخرى، للقول بأنّنا أمام فيلم سينمائي. شريط قاسم «الصامت»، فاقد للروح التعبيرية للأفلام. وضع شخصياته أمام الكاميرا كما يحلو له. صوّر الكبار في السن في بيوتهم المهدّمة والأشخاص ذوي الإعاقة والعاملات الأجنبيات، والأطفال يلعبون في طرق لا يصلح المشي عليها، صوّر هذا كلّه وعرضه كأنّه في سيرك.

* «أخطبوط»: س: 20:30 مساء اليوم ـــ «سينما غالاكسي»