لا شكّ في أنّ المخرج الأميركي إم. نايت شياملان طموحٌ مبدعٌ إلى حدٍّ ما. أفلامه متبذلة، تبدأ بفكرةٍ كبيرة يمكن البناء عليها، ثم تضيع في منعطفات أفكار المخرج وبعدها تأتي النهاية التي لا يريد منها شياملان إلا أن تفاجئ المتفرّج بغض النّظر عما حدث سابقاً. إم. نايت شياملان واحد من أكثر صنّاع الأفلام المبالغ في تقديرهم. في فيلمه الجديد «عجوز» (2021) فعل نفس الشيء، بدأ بفكرةٍ جذّابة ضاعت في المنتصف، وانتهت بأن تكون سخيفةً أكثر من مفاجئة. أفضل ما في الفيلم هو القصة، وهي ليست بالضبط من تأليف شياملان ولكنه استعارها من قصّة هزليةٍ تحمل اسم «قلعة الرمل»، نشرها عام 2010 الكاتب الفرنسي بيار أوسكار والرّسام فريدريك بيترز. والباقي موهبة معينة لحركة الكاميرا، والاستخدام الدرامي للصوت، وتراكمٌ غريبٌ من المنعطفات السّردية السّخيفة بمعظمها.يبدأ الفيلم مع غاي (غايل غارسيا برنال) وبريسكا (ڤيكي كريبس) اللذين وصلا مع ابنتهما مادوكس البالغة 11 عاماً، وابنهما ترينت البالغ 6 سنوات إلى فندقٍ فاخر. منتجع شاملٍ يقع في جنة استوائية استأجرتها الأم عبر الإنترنت. يتمّ الترحيب بهم بالمشروبات والابتسامات، ولكنّ هذه الفرحة الأولى تتناقض مع وضع الزّوجين اللّذين هما في مرحلة الطلاق والمشاكل الصّحية الخطيرة لبريسكا. يدعوهم مديرُ المنتجع مع عددٍ قليل من نزلاء الفندق إلى شاطئ مخفي. الجميع سعداء في الباص الذي يقوده شيامالان نفسه، على الشاطئ الجميل تظهر جثة. وبعد ذلك، لن يكون الولدان في سن 11 و6 بل 16 و11... ما الذي حدث؟ بدأوا جميعاً في التّقدم في السن فجأة. بضع دقائق تساوي سنة، واليوم حياةٌ كاملة.
بدأ «عجوز» (2021) بفكرةٍ جذابة انتهت بأن تكون سخيفة


لا شكّ أنّ الفيلم سيكون صعب الفهم أو غامضاً، لأنّ شياملان ببساطة لا يكشف عن القصة التي بدأها ليطوّرها، لكنّه بدل من ذلك يضع في الفيلم محطاتٍ متزايدة للمعاناة والفوضى والخوف وكسر الجدار الرابع من خلال تسلسلات طويلةٍ بشكلٍ محرج. تُجبر مجموعة من الأشخاص على تحمّل صحبة بعضهم لفترات طويلة من الوقت مع شخصيّات متعدّدة الطبقات ونزاعات وعلاقات متغيرة بعيدة كل البُعد عن الديناميكيّة. يتكوّن الفيلم فقط من إيحاءات ومنعطفات تتلاشى شيئاً فشيئاً مثل الرمال بين اليدين. «عجوز» فيلمٌ ملتزم تماماً بفرضيّته المركزية لا يتطوّر، مفكّك وغير منتظم ومفرطٌ في تداعياته. يتطرّق بخفّة إلى موضوعات مثل الحب والعلاقة مع المرض والوعي، ويذكّرنا دائماً بأنّه يجب أن نواجه قوّة الطبيعة الغامضة التي تحيط بنا والتي لا يمكننا فهمها أو توقعها. الشرير الغامض هو بطل الفيلم، قوةٌ غامضةٌ وصامتة لا يسعنا إلا أن نتكيّف معها، لأن أيّ محاولةٍ لمخالفتها هو عَبث. في النهاية، هناك شيء واحد واضح: هذا الفيلم مخصّص فقط للعقائديّين والمتطرّفين السينمائيّين الذين يرون أن شياملان صانع أفلامٍ مهمّ.

* Old في الصالات