في فيلمه الثاني باللغة الإنكليزية، نخوض في قصة جرّاح القلب ستيفن (كولين فاريل) وزوجته آنا (نيكول كيدمان) طبيبة العيون وولديهما. مع تقدم الفيلم، نفهم طبيعة علاقة ستيفن بالمراهق الغامض مارتن (باري كيوغان). بكثير من الهجاء والعبث، يسخر لانثيموس من البرجوازية. يضع شخصياته التي تشعر بتقدير كبير لذاتها أمام المرآة. عدم قدرتهم على مواجهة بعضهم البعض، خوفاً من فقدان توازنهم، يكشف لنا طبيعتهم الحقيقية. في فيلمه المستوحى من أسطورة يونانية ليوربيديس (إيفيجينيا في أوليس)، يقدم قصة انتقام الصبي المراهق في أجواء قمعية وعنيفة، لكنها أيضاً مسلية بشكل شيطاني. بحكاية رعب بسيطة، ونفحات سوريالية لا يفقد فيها المخرج اليوناني الإشارة إلى الواقع؛ يخلق لانثيموس فرضية قاسية: يجب على الأب أن يضحي بفرد من أسرته من أجل منع كارثة أسوأ. لانثيموس قاس إلى درجة الجنون مثل إله يوناني غاضب. يخلق رعباً نفسياً ويلوثه بكوميديا حادة في حكاية خرافية سوداء. يغوص في العمق. يزعجنا إلى درجة نشعر بالحصار وعدم القدرة على مواجهة النتيجة النهائية. مارتن هو «حاصد الأرواح» الذي يلقي نظرة انتقامية على ستيفن، ويبدأ العد التنازلي، وعلى ستيفن دفع الثمن. إنها الكارما، إنه الرعب النفسي، في قوالب قضايا أخلاقية. ديستوبيا لانثيموس الغريبة ليست مجتمعاً بديلاً، بل واقع فيه شيء «غريب» في جذوره.
يسخر من البرجوازية في أجواء قمعية وعنيفة، لكن أيضاً مسلية بشكل شيطاني
بأسلوبه المهووس بالجمالية، وموسيقى إيقاعية واضحة، يقدم لانثيموس مشاهد فيها الكثير من التفاصيل وكاميرا تراقب التحركات والشخصيات التي تبدو كأنها «روبوتات» غير نمطية من دون نفس للحياة، رهينة لمجتمعها، تتحدث بإيقاع هادئ ولكن من دون خط سردي متصل. الفيلم بأكمله مليء بالعصبية النفسية والجسدية. لغز يكبلنا ويتلاعب بأعصابنا، يقهرنا، يستفزنا، ولكننا نشاهد ونطلب المزيد. لأن سينما لانثيموس خادعة فيها لمسات حنونة تعزز ندرتها.
* The Killing of a Sacred Deer و The Lobster على نتفليكس