«مساء الأفلام» بات موعداً ثابتاً على روزنامة «دار النمر للثقافة والفن» (كليمنصو ــ بيروت)، وعلى روزنامة بيروت التي تعجّ صالاتها السينمائيّة بالأفلام التجاريّة، باستثناء بعض العروض الدورية في «سينما متروبوليس أمبير صوفيل» وأماكن أخرى. هكذا تتيح «دار النمر» فرصة مشاهدة أفلام مستقلّة كل شهر سبق لبعضها أن عرض في مهرجانات عالميّة، وتظاهرات محليّة، فيما لم تأخذ وقتاً كافياً للعرض. حتى الآن، استضاف «مساء الأفلام» عدداً من الأفلام من لبنان والعالم العربي والعالم، فضلاً عن استعادة بعض الأفلام لجوسلين صعب وآخرين. على برنامج شهر شباط (فبراير)، أربعة أفلام تسجيلية من لبنان وسوريا تُعرض مرتين متتاليتين خلال ليلة العرض، بحضور المخرجين الذين سيلتقون بالجمهور لنقاش أعمالهم. البداية عند السادسة والنصف من مساء الغد، مع الفيلم التسجيلي الثاني للمخرج اللبناني سيمون الهبر «الحوض الخامس» الذي يحافظ فيه على توجّهات أساسية في أعماله بين الذاكرتين الفردية والجمعيّة للبلاد. التاريخ حاضر أيضاً في «القطاع صفر» لنديم مشلاوي الذي يوغل في الطبقات السياسية والديموغرافية والعمرانيّة والنفسية لمنطقة الكارانتينا في مشاهد تركّز على ملامحها المدينية المتصدّعة. في أحدث أفلامه «قبلات مؤجّلة»، يقطع المخرج السوري نيغول بزجيان مسافات طويلة لتقفي حيوات ستة فنانين سوريين في فرنسا وألمانيا ولبنان. أما المخرجة شيرين أبو شقرا، فتقدّم سيرة موسيقية وبصرية ومسرحية للمغنية المنسيّة وداد في شريطها التجريبي «لحظة أيها المجد».

* «مساء الأفلام»: 18:30 مساء 5 و12 و21 و25 شباط (فبراير) ــ «دار النمر للثقافة والفن» (كليمنصو ــ بيروت). للاستعلام: 01/367013


البرنامج

«الحوض الخامس» ــ سيمون الهبر
5/2 ــ س: 18:30 و20:30



إنه الفيلم الثاني للمخرج اللبناني سيمون الهبر (1975) بعد شريطه «سمعان بالضيعة» (2009) الذي يعدّ بورتريهاً شخصيّاً لعمّه سمعان، وتاريخياً لحرب الجبل. في وثائقي «الحوض الخامس» (2011 ــ 84 د) ننتظر مع سائقي الشاحنات الذين اعتادوا الانتظار لوقت طويل على المرفأ. نجم الهبر، والد سيمون أحد هؤلاء السائقين الذين عايشوا العقود الماضية من تاريخ لبنان. يحتفظ سيمون بخلطة سينمائيّة قريبة من باكورته التسجيليّة. التاريخ الذي يأتينا على ألسنة الأبطال كحديث حميم يستعيد فيه الوالد مع زملائه في العمل ماضي بيروت الذي تشكّل فيه الحرب فصلاً أساسياً. يحكي السائقون عن الستينيات والحقبة الذهبيّة للعاصمة ولساحة البرج، ثمّ الحرب من خلال العلاقة بين السائقين المسلمين والمسيحيين. بين مشاهد على المرفأ وأخرى للجبال الذي تظلّله، يمرّ الشريط التسجيلي على تغيّرات اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة في البلاد، وعلى الحياة الطويلة التي انقضت بسرعة في المدينة، فيما لا تزال الضيعة تنتظر لقضاء أيام أكثر هدوءاً.

«القطاع صفر» ــ نديم مشلاوي
12/2 ــ س: 18:30 و20:00



جاءت باكورة نديم مشلاوي (1980) الوثائقيّة «القطاع صفر» (64 د ــ 2011) بعد مساهمات موسيقيّة في أفلام لمخرجين لبنانيين من بينهم محمّد سويد وجورج هاشم. في الفيلم الذي حصد جائزة «المهر العربي للأفلام الوثائقيّة» خلال «مهرجان دبي» عام 2011، تفتتح الكاميرا المشاهد في منطقة الكرنتينا. ستتنقّل بين معالمها المكانيّة التي تحمل طبقات تاريخية وديمغرافية ودمويّة كثيرة، بدءاً من المسلخ وصولاً إلى استخدامها كساحة لأولى المجازر الفظيعة في الحرب الأهليّة. برفقة رحلة بصريّة في تلك البؤرة المهملة والمتصدّعة، بين مصانعها ومدابغها التي تتحوّل إلى خريطة بصريّة توازي الخراب الذي طبع الذاكرة الجمعيّة، يلجأ الفيلم إلى مقابلات مع المعماري برنار خوري، والفنان سيراغ ديرغوغاسيان، والكاتب حازم صاغيّة، والمعالج النفسي شوقي عازوري. ينتزعون الطبقات الكثيرة التي صنع منها هذا المكان منذ الاحتلال العثماني الذي منحه الاسم بعدما بني فيه مركز الحجر الصحي، واحتوى أعراقاً وشعوباً مختلفة تشكّل نسيج المجتمع اللبناني من الأرمن والأكراد والفلسطينيين وعرب المسلخ.

«قبلات مؤجلة» ــ نيغول بزجيان
21/2 ــ س: 18:30 و20:30



حياة اللاجئين السوريين وهجراتهم، لا تزال تشغل المخرج الأرمني الحلبي نيغول بزجيان (1955) في شريطه الجديد «قبلات مؤجّلة» (93 د ــ 2018). بعد «شكراً لكم أيها السيدات والسادة» (2014) الذي وثّق فيه يوماً كاملاً من الأيام الطويلة التي يقضيها اللاجئون السوريون في مخيمات البقاع الغربي، منذ الفجر حتى حلول الظلام، ها هو يتقفى خطوات ستة فنانين سوريين تركوا البلاد بسبب الحرب. لا يهتمّ بزجيان إلا بالحيوات الفرديّة لأبطاله الذين يصرّون على صناعة الفن رغم الظروف القاسية التي حكمتهم خلال السنوات الماضية. بين فرنسا وألمانيا ولبنان، تتوسّع جغرافيا الشتات السوري حيث يتنقّل الممثّل أيهم مجيد الآغا، والراقصة يارا حاصباني، والرسامة يارا برصلي، والمغني السوري الفلسطيني أبو غابي، والمصوّر عمّار عبد ربه، والممثل فارتان. قد تختلف تجاربهم الفنية، لكن مشقّة الطريق التي قطعوها من سوريا كانت نفسها تقريباً. غادر الفنانون بلادهم، لكن أعمالهم الفنية لم تنجُ من الموت ومآسي شعبهم تماماً.

«لحظة أيّها المجد» ــ شيرين أبو شقرا
25/2 ــ س: 18:30 و19:30



الفيلم الأخير الذي يعرض هذا الشهر هو «لحظة أيها المجد» (34 د ــ 2009) للمخرجة شيرين أبو شقرا. بمشاركة مجموعة من الممثلين من بينهم الفلسطينية منال خضر وكارولين حاتم وحسان شوباصي وأبو شقرا وصوفيا معماري، يستعيد الشريط التجريبي سيرة الفنانة وداد التي كانت لا تزال في التاسعة عندما بدأ صوتها يذاع على الراديو بشكل حي، قبل أن يعلو هذا الصوت على الإذاعات العربية لفترة طويلة من الزمن. انتظرت وداد المجد طويلاً من دون أن تناله، لأسباب شخصيّة وعامّة يتوقّف عندها العمل. إلى جانب المشاهد الممسرحة، تستعين أبو شقرا بالرسم والتحريك، كما ترافقنا أغنيات طربيّة صارت منسيّة لوداد بصوتها وبصوت ابنتها، بعضها مما لحنه زكي ناصيف وآخرون. بفضل عناصره الجمالية، يقدّم الشريط نبذة شعرية وموسيقية عن حياة الفنانة الراحلة التي لم تحقّق الشهرة كما مجايليها. وفي حين تحكي أبو شقرا قصّة صعود شهرة وداد وانقضائها، إلا أنها تترك في النهاية حكاية تصلح لتكون سيرة لنساء كثيرات في هذه البقعة من العالم.