كما كان متوقّعاً، أثار مسلسل «فلوجة» لسوسن الجمني على قناة «الحوار التونسي» الخاصة موجة غضب بين التونسيين على فايسبوك الذي يُعدّ منذ سقوط نظام بن علي معطى أساسياً لرصد ردود الشارع التونسي حول الشواغل والقضايا اليومية.ردود الأفعال انطلقت بعد انتهاء الحلقة الأولى أمس الخميس، وانصبّت أساساً حول موضوع المسلسل الذي يرصد الحياة اليومية في الوسط المدرسي من خلال أحد المعاهد الثانوية (المستوى المتوسط) وتعاطي المراهقين مع المؤسسة التربوية وتناول القنب الهندي (نوع من المخدرات معروف باسم الزطلة) والمشروبات الكحولية. فقد رأى فيه عدد كبير من المسرحيين والسياسيين والقضاة والمحامين والناشطين «إساءةً كبيرةً» للمؤسسة التربوية وتشجيع للمراهقين على تناول المخدرات والإدمان.
الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي (أكبر نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل)، لسعد اليعقوبي، كان أوّل المعلّقين. إذ كتب: «وزارة التربية وقعت عقداً مع صاحب القناة وسمحت بتصوير مسلسل «الفلّوجة» في «معهد رادس» بعدما حوّلوا اسمه إلى معهد بورقيبة مقابل التبرع ببعض أثاث التصوير للمعهد المذكور». وأضاف: «حذّرنا وزير التربية فتحي السلاوتي الذي اتضح أنّه لم يكن على علم بهذا العقد وأنّ مصالحه قامت بتوقيع الاتفاق من دون إعلامه، لكن الوزير عاد ليؤكد أنّ المسلسل سيخضع لرقابة الوزارة التي ستتوجه إلى الهيكا لطلب منعه لمخالفته العقد قبل حلول شهر رمضان... بدأ العرض من دون رقابة ولا حساب يبدو الأمر أكبر من مجرد بعض أثاث».
كما أعلن المحامي لدى التعقيب (أعلى درجات التقاضي)، صابر بن عامر، أنّه سيقدّم صباح اليوم الجمعة دعوى باسم مجموعة من الأولياء والمربين لإيقاف بث هذا المسلسل الذي «يسيء للأسرة التربوية».
مَن أدانوا بث هذا المسلسل والسماح بتصويره داخل مؤسسة تربوية، ذكّروا أيضاً بماضي منتج المسلسل سامي الفهري، شريك صهر بن علي، في شركة «كاكتيس» التي كانت تبث أعمالها على القناة الوطنية الأولى المملوكة للدولة، والذي كان محل ملاحقات قضائية قادته إلى السجن في السنوات الأولى بعد سقوط نظام بن علي. وعرف الفهري بمسلسلاته الصادمة منذ 2009. وكان أوّل من تناول مواضيع مثل الإنجاب خارج الزواج والمخدرات وتبييض الأموال.
في المقابل، رأى بعض المتابعين، وإن كانت أصواتهم خافتة قياساً بالرافضين، أنّ ما قدّمه «فلوجة» هو الحقيقة، وليس مسلسلا خيالياً. العديد من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالشأن التربوي أكدّت وجود شبكات لتوزيع المخدّرات في الوسط المدرسي، وارتفاع عدد المدمنين بين التلاميذ والطلبة، خصوصاً بعد 14 كانون الثاني (يناير) 2011. ومهما يكن مصير هذا العمل الدرامي، شهدت المنصة التي أسسها الفهري الحاملة لاسمه إقبالاً كبيراً على صعيد المشاهدات، في مقابل مالي بعد ردود الأفعال الغاضبة التي أثارها العمل الدرامي. وهذا ربّما من بين أهدافه الرئيسية في منحى الإثارة.