ينسج العرض الموسيقي «قصّة من الشرق» (قصة وسيناريو وأشعار محمود إدريس، تأليف موسيقي وإخراج رعد خلف) الذي قُدِّم أخيراً في «دار الأوبرا» في دمشق، حكايته بالاتكاء على فرضية درامية كلاسيكية وبسيطة، تتمثّل في الحب البليغ الذي تجتمع حوله الظنون وتتكاتف من صوبه الجهود في محاولة لوأده وتفرقة قطبيه. هكذا، يتآمر أهالي قرية على «شغف» و«جاد»، لتقودنا البنية الجغرافية إلى مكان الحدث الذي مُهّد لبطليه عبر شاشة كبيرة قبل بدء العرض تبثّ ملامح من طفولتهما، نحو الفرجة البصرية المنوّعة والدفقات الموسيقية المتباينة والشغل بكثافة وغزارة على مشهدية غنيّة، معتمدة على فسحة جمالية وافية، ومقومات متداخلة بين الديكور والألوان والضوء والسينوغرافيا واستثمار الخشبة بأبعد من مساحاتها الحقيقية، بل استثمار المسافة بين المسرح والجمهور في لوحة راقصي «البريك دانس» التي أشعلت المسرح وخطفت تفاعله لحدود عالية. العرض بزخم عناصره، سيأخذ المتلقي في مطارح كثيرة نحو التشتت، لكن الخطة كانت بأن تظل القصة الدرامية البسيطة تمسك بيده بين وقت وآخر، لتعيده إلى جوهر المقترح وبنيته. هكذا، أرادت الحالة الدرامية أن تكون ناعمة إلى حد كبير بطرحها نماذج شعبية، واللعب على نزاعاتها، من دون أن تنأى بعيداً عن العامود الأساسي وهو قصة «شغف» و«جاد». حتى الروح النسوية تريد أن تحاصر هذا الحب، وصوت السلطة يجابهه كذلك، فيما تبدو رغبة الأب غير بعيدة عن محيطها من مزاج رافض لهذه العلاقة الإنسانية. لكن النهاية ستكون على يد البائع الجوّال الذي يجترح حلولاً، ويستقطب الجميع بصوته، كونه يبيع كل شيء حتى الفرح والعواطف! طبعاً الدراما الساذجة تود أن تكون بمثابة توطئة واستهلال ثم رديف داعم للبنية الموسيقي، والصيغة الاستعراضية والرقصات المنوعة، التي تنتمي لأكثر من مدرسة. لذا سيكون التفاعل والتركيز أكثر على الأصوات النقية التي قدّمها هذا الـ «موزيكال»، والتوليفات الموسيقية والمواويل والقصائد التي كتبت بلغة رهيفة وأسلوب ندّي، يمكنه الاستحواذ سريعاً على روح متلّقيه. بدا واضحاً الضعف في السوية الأدائية عند غالبية الممثلين، وهم من طلاب وخريجي «المعهد العالي للفنون المسرحية»، بسبب غياب رؤية مخرج مسرحي محترف، يعرف كيف يضبط ممثليه، ويحفّز فيهم القدرة العالية لصوغ أعلى ما لديهم.