بعض الوجوه تتحول إلى بصمة! بلمحة واحدة قادرة على سحرك، وتطويع شغفك المطلق لصالحها مدى الحياة! وفي لحظة آسرة ربما تصبح العيون نكهة تلك الوجوه.. تمنحها قيمة مضافة من الصدق البليغ، والتأثير الصريح، والإحاطة الساطعة، من دون أدنى لبس أو تردد، ستتعاطف معها وتميل نحوها، ظالمة كانت أو مظلومة! كيف ذلك؟! الجواب عند الكاريزما، وفن القبض على وجدانك من نظرة يتيمة ... في سجّل الدراما السورية نماذج عدّة يمكن الحديث عنها كأمثلة ناصعة تنطبق على ما قلناه للتو، لكن الممثلة الجميلة رواد عليو من أبرز تلك النماذج. لا يمكن أن تنظر في وجهها من دون أن تترك داخلك انطباعاً ما، كأنها منذ اختارت مهنة التمثيل والشغل تحت الضوء، شيّدت عداء جذرياً مع الحياد! كيف يمكن لها أن تكون حيادية، وهي تملك كل هذا البريق اللامع في عينيها و«الري آكشن» المتفرّد الذي تبرع في صياغته، أو لعلّه جزءاً من عفوية اللعب التي تميّزها عن عدد كبير من زميلاتها وبنات جيلها. منذ أن أدّت دور بطولة في «أشواك ناعمة» (كتابة رانيا البيطار وإخراج رشا شربتجي)، قالت كلمتها بدون ترّدد: «التجسيد فنّ مرهف، لا تقبل الموهبة فيه القسمة على اثنين، وقد خلقت لأمثّل» هذا ما نفترض أنها قالته بدون أن تنطق كلمة واحدة منه، إنما من خلال إجادتها للأداء في ذلك الدور.
بعدها كَتب لها النصيب المهني بأن تكون واحدة من أبطال «ضيعة ضايعة» (كتابة ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو) الذي دوّى بنجاح جماهيري غير مسبوق، حوّلها بكاركتير «عفوفة» وعلاقتها مع حبيبها «سلنغو» (لعب الدور بعمق النجم فادي صبيح) إلى واحدة من الكلاسيكيات، تحيلنا فيه مع شريكها، رغم الفارق الشاسع بالزمن إلى ثنائية «فطّوم وحسني» في «صح النوم». فكما حبست تلك الكركترات جيل الكبار في الدراما السورية، كان «ضيعة ضايعة» على وشك إغلاق الباب على رواد، بعدما صار اسمها عند الجمهور باسم الشخصية التي لعبتها، ساهم في ذلك اندلاع الحرب السورية وتهاوي الماكينة الإنتاجية، إضافة إلى انسحابها من المشهد بذريعة تأسيس عائلة والإنجاب المتكرر. في حديثها معنا، تعقّب الممثلة السورية على ذلك بالقول: «عدا عن موضوع العائلة، والضرورة بأن تبتعد الممثلة عندما تنهمك بمشروع الأمومة، أصابتنا الحرب في مقتل، تحديداً الممثلات السوريات اللواتي كنّ في أوج عطائهن وذروة الانتشار. ربما أكون واحدة منهن». لكن هناك من يعتقد بأنها عادت أخيراً من بوابة الدراما المشتركة، في أدوار أقّل من المساحة التي تستحقها، بعد تغيير جذري في الشكل، وإجراء تجميل ربمّا يؤثر على الأداء عند الممثل؟ تردّ بحسم: «اعتاد الجمهور على شكلي في أكثر الأعمال جماهيرية هو «ضيعة ضايعة». وعندما عدت للعمل بعد فترة انقطاع، كان قد طرأ على ذاك الشكل تطور له علاقة بالبعد الزمني، والإنجاب، بدون أي تجميل سوى في تفصيل صغير بسبب حادث قديم، وقد نبّهت عليه من مخرجين مكّرسين، وكان إجراؤه ضرورة مهنيّة». أما بخصوص الدراما المشتركة، فتعتقد رواد بأنها ميزة قديمة في عمر الدراما التلفزيونية منذ الأبيض والأسود. أما بالنسبة إليها شخصياً، فـ «العمل ضمن سوية رفيعة من ناحية الفريق كاملاً والحالة الإنتاجية، في مسلسلات تضمن جماهيريتها بشكل مسبق، هو أولوية توازي أهمية الدور وإمكانية الشغل عليه بطريقة عصرية، تفصح عن أدوات ممثل يأمل أن يكون متمكناً، ويحقق الصدى الإيجابي بأبهى حالاته لدى مشاهده. على هذه الهيئة تصبح مساحة الدور، وقدر الانتشار مسألة ثانوية لا تفكّر بها بعد مشوار مهني طويل». في سياق مشابه، تملك بطلة «الخبز الحرام» (مروان قاووق وتامر اسحق) وجهة نظر لطيفة عن مهنتها، لعلّها تبرر لها بقصد أو بدونه عدداً من التجارب الرديئة التي كانت حاضرة فيها. إذ تقول «أحب مهنتي وأتمنى الإنجاز فيها دائماً، والحياة تجارب، لا يمكن لك أن تضمن فيها النجاح دائماً، ولو على مستوى شخصي وسط التعاطي اليومي مع محيطك، فكيف لك أن تضمن النجاح في مهنة التمثيل وخلق الشخصيات المتنوعة. كلّ ما نصنعه هو ضمن الرصيد ناجحاً كان أو غير ذلك».
بعد مشاركات عدة في «خمسة ونص» (إيمان السعيد وفيليب أسمر) و «2020» (كتابة نادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر)، لعبت أكثر من دور في أعمال لم تلق الرواج الكافي، فيما ستكون حاضرة على مائدة الموسم المقبل بدور «هيام» في «حارة القبة 2» وهي شخصية تدخل مع نهاية الحلقات لتتحوّل إلى بطلة الجزء الثالث- بدأ تصويره قبل أيّام- بعد أن يتزّوجها أبو العز (عباس النوري) لتصنع سلسلة من المكائد، تعطيها مساحة وافية من الحضور المؤثر!
بعيداً عن حديث الدراما، تملك رواد عليو أيادي بيضاء ناصعة في أنشطة إنسانية مؤثرة. لكنّها تشيح بوجهها دائماً عن عدسات الكاميرات وفضول الإعلام، عندما يبتغي تقّفي أثرها على هذا الصعيد. لعلّها تؤمن بالقاعدة التي تفيد بضرورة جهل يسارك ما تعطيه يمينك. هكذا، تسرف قسطاً يسيراً من وقتها في دعم الحالات الإنسانية المرضية المستعصية، ومحاولة تأمين العلاج اللازم لها من جهات خيرية، ولن يكون آخرها حالة الطفلة السورية جولي ناصر المصابة بمرض نادر والذي يحتاج علاجه إلى مليونين ونصف مليون دولار أميركي، تمكّنت رواد من تحصيل العلاج بعد حملة إعلامية كبيرة دخل على خطّها عدد كبير من نجوم الدراما السورية بينهم: أمل عرفة وباسل خيّاط وأيمن رضا وآخرون.
هذا الجانب تحديداً، وبعيداً عن الموهبة الفذة تجعل المتلقي يقول دائماً: ليتنا نملك من رواد عليو ألفاً ربما كنا بخير!