مطلع الأزمة السورية، احترم النجم الأردني السوري نضال نجم رغبة والدته بهجر دمشق، وبالفعل وضّب حقائبه وطار إلى عواصم عربية قبل أن يستقر في مصر. هناك عاش مرحلة لا يحسد عليها، لأنه كان مثل تاجر ماهر حطّ به الرحال في سوق لا يدرك مرتادوه ندرة بضاعته وقيمتها! يلخّص نضال علاقته بـ «مدينة الياسمين» في حديثه معنا: «دمشق هي البلد الوحيد في العالم الذي انتميت إليه وامتلكت مفاتيح بواباته وفكّكت شيفراته، منذ اليوم الأوّل الذي وطأته قدمي، رغم أنها ليست مسقط رأسي، لكنها بلدي الأوّل والأخير من دون أدنى شك». لهذا السبب لم يتردد بحزم أمتعته في أيار (مايو) سنة 2017 ليعود إلى الشام، رغم أن الوضع الأمني لم يكن قد استقر كلّياً. لكن حتى اليوم لم يحظ بالفرصة الجوهرية المناسبة التي تليق بعودته رغم قدرته على التقليد وسبك الكوميديا في أعتى درجاتها، وبراعته العميقة في سحب البساط من تحت أقدام مجالسيه، لصالح حنكته في صناعة الطرفة. ورغم الإجماع على خفة ظله واستحقاقه للنجومية بصيغة مطلقة، لكنّه لم ينجز في الشام منذ عودته حتى اليوم سوى بضع لوحات في الجزء الأخير من مسلسل «بقعة ضوء» (مجموعة كتّاب إخراج سيف الشيخ نجيب) بينما كانت مشاركاته الوازنة في أعمال عربية أوّلها «ممالك النار» (كتابة المصري محمد سليمان عبد الملك ــ وإخراج البريطاني بيتر ويبر- سيعرض على شبكة نتفليكس). العمل صوّر في تونس منذ فترة، وهو يرصد التحولات الكبرى لتاريخ المنطقة منذ معركة «جالديران» بين العثمانيين والفرس، ومن ثم بين العثمانيين والمماليك في معركة «مرج دابق». وقد شاركه البطولة كل من: خالد النبوي، رشيد عساف، محمود نصر، كندة حنا، منى واصف، محمود الجندي.. فيما لعب بطولة مسلسل «اختراق» (مجموعة كتّاب ومحمد لطفي) الذي عرض العام الماضي على محطة سعودية ولم يحظ بتسويق جيّد. لكن «النجم» عاتب على محبيه وزملائه وأصدقائه من أهل الإعلام «الذين لم يواكبوا واحداً من أدواره المفصلية في حياته» كما يقول. وعلى الرغم من حضوره المختلف، وقدرته في التقليد، لم ينل نجم «الدوامة» (عن رواية «الضغينة والهوى» لفواز حداد- سيناريو وحوار ممدوح عدوان- إخراج المثنى صبح) فرصة حتى الآن في تقديم برنامج على سبيل المثال، علّه يستثمر فيه مواهبه الكوميدية، وطلاقته في التقليد والغناء.أما عن مشاريعه المستقبلية، فقد ينجز جزءاً ثانياً من «اختراق» كما أنه سيلعب بطولة مسلسل «سوق النسوان» (عن فكرة للمخرج بسام الملا، سيناريو وحوار حنان حسين المهرجي إخراج مؤمن الملّا). ومع ذلك تبقى طاقات نضال نجم أسيرة التجاهل إلى أن يأخذ فرصة في «ستاند أب كوميدي» أو برنامج ساخر، أو عمل يصنّع على مقاس مواهبه المتعددة. لعل هذا التجاهل يرتبط بشكل ما بوصفه الفلسفي لحال الشام اليوم بالقول: «سابقاً كان أغراب هذه المدينة يحملون شيئاً من الألفة، فهم إما سائحون، أو يحملون في عبورهم شيئاً من الحب. اليوم صار الأغراب أكثر وحشة واحتمالاً بالخوف! هذا أكثر ما يفقد البلاد حميميتها وخصوصيتها وأمانها البليغ».