لا يخفى على أحد أن محمد رمضان هو حالة خاصة في الوسط المصري؛ خصوصاً أنه لا يقدّم نفسه على أنه مجرد «ممثل» تلفزيوني أو سينمائي، بل يريد أن يتعدى ذلك ليكون «مالئ الدنيا وشاغل الناس». تارةً يغني «راب»، وتارةً يخلع قميصه ويغني عاري الصدر، ويصور كليباً يمجّد نفسه ويمدحها شاتماً «أعداءه» الكثر ــ كما يعتقد. كعادته، قرّر رمضان أن يقدّم مسلسلاً رمضانياً هذه السنة. إلا أنّه أراده مختلفاً، خصوصاً بعد النجاح المحدود لمسلسله «نسر الصعيد» العام الفائت، الذي لم يقترب من النتيجة البارزة التي حققها «الأسطورة» قبل عامين وجعله واحداً من أهم نجوم مصر الشعبيين ونجم نجوم الحارات الشعبية. وأمام هذا الواقع، أُطلق على رمضان لقب «الأسطورة». هذا العام، جاء مسلسل «زلزال» (كتابة عبد الرحيم كمال، وإخراج وإخراج إبراهيم فخر) مشابهاً لما اعتدناه من قبل رمضان لناحية القصة التقليدية المرتبطة بالصعود من الهاوية. إنّها قصة الشاب المصري من المناطق والحواري الشعبية يصعد سلم النجاح وصولاً إلى تحقيق ما يرغب به. هذه باختصار قصة المسلسل، وهي مستهلكة في الدراما المصرية والعربية (وحتى الهندية)، ومن قبل رمضان نفسه، خصوصاً أنه يميل لتقديم هذا النوع من الشخصيات ويعشقها (عبده موته، ابن حلال، الأسطورة، نسر الصعيد إلخ). لكن على الجانب الآخر، علينا أن ندرك أمراً شديد الأهمية: لا يختلف إثنان على أن النجم المصري موهوب للغاية، وبالتأكيد مقدرته على إضفاء الكثير على أي شخصية يؤديها نظراً للكم الهائل من المهارات الأدائية التي يمتلكها، خصوصاً لناحية أنه قادر على إضحاك المشاهدين وكذلك إشعارهم بأنه يملأ مكانه والشخصية التي يؤديها مهما كانت طبيعتها، وهو أمرٌ يحسب بشدة للممثل المصري الذي اختاره النجم العالمي عمر الشريف ليخلفه ويكمل مسيرته الفنية!
من هنا، يمكن القول إنّ متابعي «زلزال» يشاهدونه لأنّ محمد رمضان فيه، ولأنّهم يرغبون قبل مشاهدة القصة ومعرفة فحواها في مشاهدة رمضان يمثل؛ ذلك أنه قادر على الإمتاع سواء كوميدياً أو تراجيدياً.
طبعاً ولزيادة التكرار، لايزال رمضان يقارب المناطق الشعبية/ العشوائية البعيدة عن القاهرة، إلى جانب إصراره على مشاهد العنف التي تبدو إلى حدٍ كبير مكرورة في معظم أفلامه ومسلسلاته، ناهيك عن «الشرير» القوي والكاريكاتوري في كثيرٍ من الأحيان. هنا، يلعب دور الشرير الممثل المصري ماجد المصري، وهو أحد أعباء المسلسل في الحقيقة؛ إذ لا يبذل الممثل الذي يمتلك قدراً من المهارة جهداً في أداء الدور، فيأتي دوره إلى حدٍ كبير «خفيفاً». يبدو وكأنّه من أشرار مسلسلات «ديزني». إنها شخصية تدفع إلى الضحك على الرغم من أنّ أفعالها «شريرة»، كونها تفتقر إلى الإقناع في مكامن عدّة. ولولا إصرار محمد رمضان وشخصيته «زلزال» على «مواجهة» الشرير في مشاهد عدّة بشكل «تراجيدي» لكان المشاهدون يضحكون على هكذا مشاهد. الروح نفسها أيضاً سيطرت على بقية الشخصيات في العمل، لا سيّما أصدقاء البطل الذين لا نعرف إذا ما كانوا «يهرّجون» أم أنّ هذه هي شخصياتهم الحقيقية في المسلسل، الأمر الذي عاب العمل بشكلٍ كبير.
على الجانب الآخر، هناك مفاجأة يمكن القول إنّها أجمل ما فيه، وهي النجمة حلا شيحة العائدة إلى التمثيل بعد غياب منذ العام 2006 إثر خلعها النقاب. لم تفقد حلا شيئاً من مهاراتها التي جعلتها إحدى أهم نجمات جيلها. إذ ما زالت على القدر نفسه من «السحر» لتذكّرنا بنجمات العصر الذهبي للسينما المصرية، وخصوصاً شادية وماجدة. شيحة المولودة لأم لبنانية وأب سكندري، تقدّم شخصية الحبيبة التي تحلم دائماً بـ «زالزال» وبزواجها منه. من هنا، تنطلق الشرارة بين الثنائي وفي «مواجهتهما/ لقاءاتهما» الكثير من المهارة التمثيلية التي يقدمانها سوياً.
إخراجياً، لا يمكن الحديث عن أخطاء في عمل ابراهيم فخر، لكن لا يمكن اعتبار ما يقدمه مختلفاً عن المعتاد، إذ بالإمكان مراجعة أي مسلسل لرمضان بشكل عابر لنجد المشاهد والكادرات وطريقة التصوير نفسها.
على صعيد السيناريو، لا يمكن اعتبار ما نراه مبهراً، غير أنّه لا شك في أنّ بعض المشاهد مختلفة، كالإصرار على إدخال موضوع الأحلام والخوارق المرتبطة بها في جو المسلسل، وملامسة الأفكار الشعبية التي يحاول العمل طرق باب جمهورها. بالإضافة إلى مقاربة بعض «الكلشيهات» المعتادة من خلال الجار المسيحي الذي يربّي البطل بعد وفاة والديه، فضلاً عن أستاذ المدرسة صاحب الشخصية التقليدية والذي أداه ببراعة الممثل أحمد صيام. ولا بد من الإشارة إلى أنّه بعد عرض الحلقة العاشرة من «زلزال» هرع السيناريست عبد الرحيم كمال إلى التبرّؤ من العمل، معلناً لجوءه إلى نقابة السينمائيين لحفظ حقه الأدبي واتباع كل الإجراءات الضرورية في سبيل تحقيق هذه الغاية.

*«زلزال»: 23:00 بتوقيت بيروت على dmc، و1:00 على «dmc دراما» و«mbc العراق»، و22:30 على mbc1