كالقابض على الجمر، يمسك المغني والممثل السوري الشاب محمد قصّاب بمشروعه الفني. مجرّد السير في شوارع سوريا والتنقّل بين المحافظات، كان بالنسبة لأيّ شاب كتسلّق جبال الموت، أو السير على حبال من وهم. فكيف لمن يبحث عن مشروع فني! هكذا، أمضى قصّاب سنوات الحرب لاهثاً وراء حلمه بأن يصبح مغنياً مكرساً وممثلاً يطوّع موهبة العزف والغناء لصالح الأولى. لم يترك ملتقى أو احتفالاً ثقافياً، إلا وتبرّع للعزف والغناء فيه مجاناً مقابل أن يمنح موهبته بعض الانتشار المحّلي. كما أن التفكير في شركة إنتاج تتبنّى مثل هذه المواهب صار «أمل إبليس بالجنة». على أي حال، أطلق أغنيته الأولى «خيط العطر» منذ سنوات، وكشفت عن موهبة هادئة معافاة من الإدعاءات والاستعراضات لا تريد أن تقتنص سوى بمقدار حجمها. عسى أن تكون موجودة بهذا القدر. لاحقاً، بدأ قصّاب يوسّع لنفسه مكاناً في الدراما السورية، وجسد مجموعة من الأدوار ربما يكون أهمها ما قدّمه العام الماضي في مسلسل «المهلب» (محمد لطفي). إذ قدّم دور المغني حنين الحيري الذي عاش متنقلاً بين الحجاز والعراق خلال العصر الأموي واعتبر من بين كبار المغنين في زمانه!قبل أيام، أطلق قصّاب أغنيته الثانية «ما تبلى هالقامة» (كلمات وألحان وتوزيع محمد همّاش). الأغنية تجاري خامة صوت مؤديها من ناحية البساطة والهدوء، من دون تخلّ عن الحنّية الزائدة والإحساس العالي بكلمات توغل في اللكنة الشامية وغزل هادر ومقاربة بين لحظات اللقاء والفراق في الحب. في حديثه مع «الأخبار»، يقول قصّاب «تقصّدت التركيز على اللهجة الشامية لأن الأغنية تستمدّ روحها وفكرتها من المنطق الشامي والطريقة الناعمة في الحب وما يعرف عن أهل هذه العاصمة من براعة كلامية وأسلوب ملفت في صياغة الغزل».