في عام 1997 ظهرت ملامح الأزمة التي يعيشها لبنان اليوم. في ذلك الوقت، قرّرت السلطة بكل مكوّناتها من قوى سياسية ومصارف ونُخب، أن تقترض بالدولار لتغذّي خزينة الدولة. ولم تكتفِ بذلك، بل قرّرت أيضاً وقف الاستثمار وخفّضت حصّتها من الموازنات العامة إلى الحدود الدنيا، وتكريس الدولارات التي تستقدمها من الخارج بكلفة باهظة لتثبيت سعر الصرف، ووقف تصحيح الأجور بالتوازي مع تعزيز النمط الاستهلاكي. في ذلك الوقت فقط عاد التقنين في التغذية بالتيار الكهربائي بعد انقطاع لبضع سنوات تلت الحرب الأهلية، لأن الأولويات كانت للحفاظ على الدولارات داخل النظام المصرفي، ولم تكن مخصّصة لا للاستثمار في زيادة القدرة الإنتاجية للكهرباء، ولا لتسديد ثمن الوقود لهذه المعامل. لذا، لا تظهر أي فروقات جوهرية في طروحات الاستثمار في القدرة الإنتاجية بين اليوم والسنوات الـ25 الماضية. فلطالما كانت هناك مشاريع غير منفّذة، ودفع دائم في اتجاه الخصخصة، ووعود كاذبة لا يمكن تحقيقها. لكن الاتهامات التي تُطلق اليوم على خلفية الدفاع عن حقّ المجتمع بالحصول على الكهرباء، هي الكذبة القصوى التي يمكن إطلاقها، إذ إن الأزمة عرّت الجميع وفضحت المستور منذ عام 1997: ليس لدينا دولارات لاستيراد وقود لزوم تشغيل المعامل. حالياً معامل الكهرباء في لبنان يمكنها أن تنتج 1800 ميغاوات، لكننا «تسوّلنا» فيول أويل من العراق لتشغيلها لمدّة لا تتجاوز ساعتين يومياً. فلماذا نريد معامل إنتاج جديدة حالياً؟
تتنافس أقطاب السلطة على الفوز بلقب «صانع المعجزات». يقودون الجماهير عبر إيهامهم بأن كلّاً منهم قادر على زيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي إلى الحدّ الأقصى، أي 24 ساعة طوال أيام الأسبوع السبعة، أو أن الآخرين يعرقلون هذا المشروع دائماً. وفي هذه المنافسة دائماً كانت النتيجة خسارة مدوّية للمجتمع. فمن دون الإقرار بالحقيقة التي تتضمن وقائع وأفضليات سياسية - اقتصادية، لا يمكن اعتبار أنّ كلام أي من الأطراف السياسية هو مشروع للفوز، ولا يمكن البناء على مشاريعهم لأنها ستبقى وعوداً زائفة. والإقرار يبدأ في أن المشكلة الأساسية التي تتعلق بزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، تكمن في تسديد ثمن الوقود المستعمل في معامل الإنتاج. وحتى لو كانت القدرات الإنتاجية لمعامل الإنتاج الحالية ضعيفة ولا تغطّي الطلب الفعلي من الأسر والمؤسسات، إلا أنّ الاستثمار فيها، وإن بدا أمراً ملحّاً، أو صوّرته القوى المتنافسة باعتباره ضرورة سريعة، إلا أنه لا يختلف عن الوعود الزائفة بشيء. الواقع الحالي معبّر جداً: لدينا معامل إنتاج بقدرة فعلية تبلغ 1800 ميغاوات، لكننا لا ننتج أكثر من 300 ميغاوات. والإنتاج الحالي قائم لبضعة أشهر، إذ ينتهي عقد لبنان مع العراق خلال ثلاثة أشهر. بعدها قد تتوقف معامل مؤسسة كهرباء لبنان عن إنتاج الكهرباء نهائياً.

أنجل بوليغان ــ المكسيك

لأزمة الكهرباء جذور راسخة في فترة الحرب الأهلية وما بعدها. فقد انهار القطاع أواخر عقد الثمانينيات وأوائل التسعينيات. إنما بعد الحرب الأهلية استثمرت الدولة في هذا القطاع. فمنذ عام 1994 استحدثت معامل إنتاج وفّرت التغذية الكهربائية لكل المناطق وإن لم يكتمل هذا الاستثمار من خلال شموله شبكة النقل ومحطّات التوزيع، وهو ما يفسّر وجود فروقات في توزيع التيار بين المناطق، وهي فروقات اتسعت أكثر مع زيادة الطلب بسبب التركّز السكاني، ولا سيما في المناطق المكتظّة مثل الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت. لكن اللافت أن هذا القطاع لم يُعامل مثل غيره في اتجاه منع الحلول الجذرية أو ضمن حدود دنيا وسقوف للتشغيل. فعلى سبيل المثال، جرى تحويل قطاع الاتصالات إلى قطاع مدرّ للإيرادات منذ خصخصته في البداية، ثم استرداده من قبل الدولة. وحتى بداية الأزمة عام 2019، كان هذا القطاع «نفط لبنان» من خلال جباية الرسوم والضرائب الباهظة. لكن في المقابل، جرى التعامل مع مشكلات الكهرباء بعقل بارد متحجّر لا يرى في الكهرباء سوى سلعة للمتاجرة فيها واقتناص المال العام منها. هكذا نشأت عقود توريد الفيول أويل لزوم المعامل، وهكذا نشأت عقود مقدّمي الخدمات، وهكذا برزت مشاريع بناء المعامل، وصفقات الصيانة والتشغيل...
في المحصلة بات لدينا مجموعة من المشكلات البنوية في قطاع الكهرباء من أبرزها مشكلة التمويل، ثم يليها الإنتاج، شبكات النقل، ومحطات التوزيع. وهي مشكلات تحتاج إلى استثمارات.

لا دولارات للتشغيل
يقول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ المصرف أنفق 24 مليار دولار على مؤسسة كهرباء لبنان منذ عام 2010. كلامه صحيح، لكنه مجافٍ للوقائع. فما لم يقله هو أن هذا الإنفاق لا يمثّل أكثر من 16% من مجمل التدفقات المالية الآتية إلى لبنان في الفترة نفسها. بين عامَي 2010 و2019 سجّل في ميزان التحويلات الجارية تدفقات بقيمة 83.7 مليار دولار، وتحويلات من المغتربين بقيمة 64.8 مليار دولار. الجزء الأكبر من باقي هذه التدفقات أُنفق على تثبيت سعر صرف الليرة بشكل وهمي، ما عزّز القدرات الاستهلاكية للمقيمين في لبنان وحفّزهم على الاستهلاك أكثر فأكثر، وكان هناك نصيب وافر للتحويلات الخارجة من رساميل وأرباح مصرفية وتجارية.

بالأرقام

2300
ميغاواط هي القدرة الإنتاجية لمعامل الكهرباء في لبنان نظرياً، إلا أنّ هذا الرقم ينخفض إلى 2000 ميغاواط فعلياً بسبب تقادم المعامل
2-3
ساعات يومياً هو مستوى التغدية الكهربائيّة الحاليّة في لبنان بسبب الشحّ في الفيول المطلوب لإنتاج المزيد

لكن سلامة اختار الكهرباء لأنه يعلم الأولويات التي نصبتها قوى السلطة، بمساعدته أو بإشرافه، من أجل إنفاق المليارات التي أتت إلى لبنان في السنوات الـ25 الماضية. فلم يكن مجرّد صدفة أن يتوقف الاستثمار في الكهرباء وأن يزداد التقنين تزامناً مع مباشرة السلطة في الاقتراض بالدولار الأميركي.
وبعد أكثر من عقدين ونصف، انفجرت الأزمة لتكشف عن الوضع الحقيقي للكهرباء. لا أموال لدينا لاستيراد الفيول اللازم لتشغيل معامل الكهرباء، ولا أولوية لدى قوى السلطة بكل مكوّناتها من قوى سياسية والنظام المصرفي بشقّيه مصرف لبنان والمصارف التجارية، والنخب، بأن تنفق الأموال على استيراد الفيول لتشغيل معامل كهرباء لبنان، بل يمكن إنفاق 20 مليار دولار من احتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبية على استيراد سلّة واسعة من السلع التي اعتقدت السلطة أن استيرادها يخدم بقاءها في السلطة ومشروعها للحكم. إذ كان يمكن الاكتفاء بالسلع الأساسية وبكميات محدودة، والامتناع عن تحويل نحو 8 مليارات دولارات للمصارف من أجل تسديد التزاماتها تجاه مودعين ائتمانيّين أي ائتمنوها على ودائعهم عبر مصرف أجنبي.
على أي حال، طغت عقدة تمويل استيراد الوقود لتشغيل المعامل على كل المشكلات. فعندما بدأت تتقلّص احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من دون وجود مصادر لتغذيتها باستمرار كما يتطلب أي مخطط احتيالي، أُجبر مصرف لبنان على الحدّ من استخدام احتياطاته من خلال التوقّف عن التدخّل في السوق للحفاظ على تثبيت سعر صرف العملة الوطنية، ثم توقّف عن دعم لائحة السّلع التي كان تقرّر دعمها على أساس سعر الصرف الثابت مع بداية الأزمة، ثم توقّف عن توفير الدولارات لاستيراد احتياجات الدّولة. هذه الخطوة الأخيرة كانت نتيجتها التوقّف عن شراء الفيول المطلوب لتشغيل معامل الكهرباء. في الواقع دخل قطاع الكهرباء في دوامة العتمة منذ ذلك الوقت.
يمتلك لبنان اليوم قدرة إنتاجية بحوالى 2000 ميغاواط، ولا يمكنه أن يشغّل أكثر من ربعها، لأنه لا يمتلك ثمن الفيول الكافي. المشكلة اليوم تتعلّق في تأمين الفيول، لأن «المصرف المركزي للدولة» لا يملك الدولارات لاستيراد الوقود.

عقم القدرة الإنتاجية
على صعيد معاناة هذا القطاع فإن أحد أبرز مشكلاته التي يُعاني منها منذ سنوات هي النقص في الإنتاج. بمعنى أن قدرته الإنتاجية لم تصل يوماً إلى تلبية حاجة البلد.في هذا الموضوع يقول الباحث إيريك فيرديل أنّ أزمة النقص في الإنتاج اتخذت مسارين بدءاً منذ عقد التسعينيات: المسار الأوّل كان بين عامَي 1991 و2006، وقد كان مساراً تصاعدياً شهد تحسناً كبيراً في إنتاج الكهرباء بلغ ذروته عام 2004. ففي تلك السنة بلغ الإنتاج ما يكفي لتأمين التغذية على مدى 22 ساعة كهرباء يومياً، وهو أفضل معدّل عرفه لبنان بعد الحرب الأهليّة اللبنانيّة. أما المسار الثاني فكان بعد عام 2006، وكان مساراً انحداريّاً. إذ إنّ حرب تمّوز في ذلك العام طالت البنى التحتية التي دمرها العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو تركز على البنى التحتية ومنها بنى هذا القطاع. وترافق ذلك مع توقّف الاستثمارات في زيادة القدرة الإنتاجيّة، هذا الأمر جعل مشكلة النقص في الإنتاج تتفاقم مع مرور الوقت. وما زاد من سوء الأزمة هو استقبال لبنان لحوالى مليوني نازح سوري قدموا إلى لبنان بسبب الأزمة السوريّة التي اندلعت عام 2011، حيث ارتفع عدد المقيمين في البلد بشكل حادّ في فترة وجيزة. بطبيعة الحال كانت النتيجة ازدياد الطلب على استهلاك الكهرباء، ما أدّى إلى ارتفاع العجز في الإنتاج. ففي عام 2018 بلغت القدرة الإنتاجيّة حوالى 1800 ميغاواط (مع احتساب الخسائر التقنيّة)، بينما بلغ الطلب على الكهرباء حوالى 3000 ميغاواط، أي أن العجز بلغ حوالى 40% بالنسبة إلى الطلب. ومع بداية الأزمة الاقتصاديّة في تشرين الأوّل من عام 2019 انخفضت القدرة الإنتاجيّة بشكل أكبر.

توزيع متفاوت
بعد مشكلة العجز في القدرة الإنتاجيّة، تأتي مشكلة التوزيع. هذه المشكلة متعلّقة بشبكة التوزيع التي لا تتحمّل نقل كامل الحاجة إلى بعض المناطق. أساس هذه المشكلة هو ندرة الاستثمارات التي تصب في تطوير شبكات التوزيع، خصوصاً في بعض المناطق، مقابل الاستثمار المفرط في شبكات التوزيع في مناطق أخرى. على سبيل المثال، بحسب الباحث فيرديل، في منطقة «سوليدير»، حيث غطّت الاستمارات إعداد شبكة نقل لحوالى 240 ميغاواط، بينما لا يتجاوز الطلب هناك أكثر من 70 ميغاواط. في المقابل، على سبيل المثال أيضاً، تتحمّل الشبكة في الضاحية الجنوبيّة نقل حوالى 140 ميغاواط في حين هناك نحو المطلوب هو شبكة قادرة على نقل وتوزيع 400 ميغاواط. يُظهر هذا الأمر أنه لم تخصص استثمارات بحسب ما يحتاجه تطوير الشبكة في الضاحية الجنوبيّة، بينما كانت الحاجة ملحّة على مدى العقود الأخيرة لتطويرها، خصوصاً أن الطلب هناك ازداد بشكل كبير بسبب الزيادة السكانية التي شهدتها المنطقة وكذلك بسبب تهالك الشبكة الموجودة.


يحول هذا الأمر من حصول بعض المناطق على التيار الكهربائي بحسب حاجتها، فحتى لو كانت القدرة الإنتاجيّة كافية لتأمين الطلب على الكهرباء، فإن مشكلة التوزيع تمنع حصول هذه المناطق على حاجتها من التيار. وهذا الأمر شهدته المناطق اللبنانية عندما كانت القدرة الإنتاجيّة مرتفعة، في الفترة الممتدة بين عامَي 2004-2006، فالمناطق المهمّشة، لم تحظَ بـ24 ساعة كهرباء حتى في أعلى معدلات الإنتاجية، في حين بيروت تمتّعت بها من عام 1996 حتى عام 2006.
على صعيد الاقتصاد السياسي، يُفسّر هذا الأمر بأن هناك قراراً من الدولة بتفضيل خدمة المركز، أي بيروت، على خدمة الأطراف. وقد يكون لهذا القرار تفسير سياسي، يتعلّق بلون العاصمة الطائفي وإصرار رئاسة الحكومة في كلّ الأوقات على حصولها على تغذية متواصلة بالتيار. لكن الأمر له أسباب اقتصادية أيضاً، حيث تفضّل الدولة خدمة المركز الذي يضمّ المواطنين الأعلى ثروةً ودخلاً، بالإضافة إلى القطاعات الاقتصاديّة المفضّلة لدى النظام الاقتصادي اللبناني (خصوصاً القطاع المصرفي المتركّز في العاصمة).

خسارات متراكمة
المشكلة الثالثة التي يُعاني منها قطاع الكهرباء في لبنان، هي مشكلة ماليّة. فتعاني شركة كهرباء لبنان من خسائر سنويّة هائلة، بلغت في السنوات الأخيرة مليار دولار سنوياً. المكان الأوّل الذي تنبع منه هذه الخسائر هو الفرق بين التعرفة التي تجبيها مؤسسات كهرباء لبنان، والكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء. فالتعرفة الحالية وضعتها الدولة اللبنانية منذ عام 1994، ولم تغيّرها منذ ذلك الحين، مع العلم أن أسعار النفط في ذلك الوقت لم تكن تُجاوز 20 دولاراً للبرميل، في حين أنها اليوم تخطّت عتبة الـ110 دولارات للبرميل الواحد. كان هذا الأمر قبل الانهيار الذي شهدته الليرة اللبنانية في قيمتها. لا تتعدّى التعرفة اليوم 120 ليرة للكيلوواط ساعة، أي أنها بحسب سعر الصرف الموازي، لا تتعدّى السنت الواحد لكل كيلوواط ساعة، في حين أن الكلفة الفعلية للإنتاج تساوي حوالى 14 سنتاً لكل كيلوواط ساعة.
أزمة الكهرباء مرتبطة بامتناع مصرف لبنان عن تمويل عمليات استيراد الفيول أويل اللازمة لتشغيل المعامل


من ناحية أخرى، تتعرّض الشبكة للاعتداءات والسرقة في أماكن عدّة، حيث يتمّ الربط على الشبكة من دون معرفة المؤسسة بذلك، أي من دون تركيب أي عدادات يمكن من خلالها قياس الاستهلاك، وهو ما يُعتبر أحد مكامن الهدر. ومن ناحية أخرى نسبة الجباية عند شركة الكهرباء منخفضة نسبياً، ما يتسبّب بخسارات هائلة. بشكل عام، «الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان»، التي أعدّتها وزارة الطاقة، تذكر أنّ إيرادات مؤسسة كهرباء لبنان عام 2021 تبلغ نحو 26 مليون دولار فقط (على أساس سعر صرف 20 ألف ليرة للدولار الواحد)، في الوقت الذي تبلغ فيه كلفة التشغيل الفعلية 860 مليون دولار. أي أن عوائد شركة كهرباء لبنان تغطّي 3% فقط من تكاليف تشغيلها عن طريق إيراداتها.

الحلول المطروحة
الحلول المطروحة اليوم لا تستهدف معالجة المشكلة الأساسية، وهي عدم قدرة الدولة على استيراد احتياجاتها من الفيول والغاز. فكل ما هو مطروح، سواء في خطط الكهرباء المتجددة أو في طروحات رئيس الحكومة، يتعلّق بإنشاء المعامل وإعادة النظر بالتعرفة وتحسين الجباية وتطوير الشبكة. هذا جيد، فطرح الحلول التقنية مهم، لأن، كما هو مذكور سابقاً، المشكلات التقنيّة موجودة. فالقدرة الإنتاجيّة تحتاج إلى تطوير، كما هو حال شبكة التوزيع. كما أن الخسارة التي تتلقاها مؤسسة الكهرباء تظهر بوضوح أن التعرفة بحاجة إلى تعديل والجباية إلى تحسين. إلا أنّ المشكلة الجوهريّة تبقى في استيراد المحروقات، فلا حل مطروح لهذه المشكلة. هناك طرح واحد لحلها، هو استجرار الغاز المصري والاتفاق مع العراق، وهو طرح لا يسمح بإنتاج أكثر من 8 ساعات كهرباء في اليوم، أي أنه غير كافٍ لتغطية الحاجة، كما أن العوائق أمامه كثيرة، وأهمها العقوبات الأميركية.

إذا استطاع لبنان البدء باستخراج الغاز الموجود في بحره قد يكون هذا حلاً لمشكلة استيراد المحروقات اللازمة لقطاع الكهرباء


بمعنى آخر، حتى لو تم «إصلاح» القطاع، وزيادة القدرة الإنتاجيّة، فهذا لا يعني أن شركة الكهرباء ستكون قادرة على تحقيق القدرة الإنتاجيّة كلّها، لأن مصرف لبنان اليوم لا يمتلك الاحتياطات الكافية لتغطية استيراد المحروقات اللازمة، ذلك بحسب زعمه. لذلك، من الطبيعي أن تكون البداية من إيجاد حل لمشكلة استيراد الفيول أو الغاز. سواء كان ذلك عبر اتفاقات ثنائيّة مع دول مستعدّة لتقديم المساعدة، مثل روسيا أو إيران أو العراق، أو عبر تأمين الأموال اللازمة لاستيراد المحروقات اللازمة.
ومع ذلك، الاتفاقات الثنائيّة ليست أكثر من حلّ مؤقت على المدى القصير أو المتوسط، أما على المدى الطويل فلا يمكن الاستمرار إلا عن طريق الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة، وإعادة تكوين كتلة احتياطات لمصرف لبنان، وضمان استمراريتها عن طريق استمرار تدفقات العملات الأجنبية إلى البلد، بشكل صحّي (أي عبر زيادة التصدير على أنواعه). أخيراً، من المؤكّد أنه إذا استطاع لبنان البدء باستخراج الغاز الموجود في بحره، سيكون هذا حجر أساس لحل أزماته الاقتصادية والمالية، ومن ضمنها أزمة استيراد المشتقات النفطية لتشغيل المعامل، فعندها لن يحتاج إلى استيراد الغاز لتشغيل معامل الكهرباء.