يوم غدٍ الثلاثاء، يصل إلى لبنان وفد صندوق النقد الدولي لاستكمال المناقشات الجارية مع لبنان بشأن خطّة الحكومة للخروج من الأزمة. وفد الصندوق برئاسة راميريز ريغو، كان قد أصدر بياناً بعد الجولة الأولى (في ظل حكومة نجيب ميقاتي) من المناقشات أشار فيها إلى أن برنامج إعادة الهيكلة يجب أن يتفق مع التسلسل الهرمي للمطالبات وأن يكون مبنياً على نظام نقدي وسعر صرف موثوق، أي أنه لم يوافق على تضمين الخطّة تحويل الودائع إلى ليرة وضخّ 695 ألف مليار ليرة لإطفاء قسم كبير منها خلال 15 سنة، والقليل من الـ«هيركات». يفضّل الصندوق قصّ الورم، بدلاً من معالجته. لكن هذا جانب واحد للمسألة، فيوم ناقشت الحكومة برنامج توزيع الخسائر مع الصندوق، لم تكن قد أعدّت الخطة الاقتصادية والإصلاحات التي تنوي القيام بها. لهذا السبب عاد وفد الصندوق من أجل جولة ثانية من المناقشات.و«المناقشات» كما أسماها ريغو، تعني أن التفاوض على خطّة العمل لم يبدأ بعد. لا بل يعني أنه لا توجد خطّة حالياً، بل أفكار يناقشها الصندوق مع الحكومة لبلورة خطّة ما. فما أشير إليه بأنه «خطّة» ليس موجوداً إلا في أذهان الجهة التي تعتبر نفسها قادرة على فرض أمر واقع، أي مصرف لبنان. فهو الذي أدار الأزمة بعقل السياسة النقدية والرهان على إطفاء الخسائر عبر ضخّ السيولة النقدية بالليرة ما أجّج تضخّم الأسعار وسعر الصرف أيضاً. إلا أنه مع فشل جولة المناقشات الأولى مع الصندوق، كان لافتاً ومفاجئاً، أن تواصل السلطة في لبنان عملها بشكل اعتيادي. فلم تجتمع الحكومة لمناقشة ما حصل. ولم يطّلع أي مسؤول على نتائج جولة المناقشات مع الصندوق. ولم يسأل مجلس النواب عما حصل. أما الأحزاب السياسية، فقد سكتت بشكل لافت ومريب. وقوى المجتمع المدني لم تنبس بكلمة واحدة. الكل كان يواصل عمله بشكل اعتيادي تحضيراً للانتخابات النيابية. كأن كل أركان المنظومة سلّموا بأنهم لا يحتاجون إلى صندوق النقد الدولي للاستمرار. يقولون في سرّهم: «لدينا رياض سلامة». فها هو سلامة تمكّن من إعادة الاستقرار إلى سعر الصرف. ومن دون أي تفكير، يشير هؤلاء إلى أن سلامة تمكّن من خفض سعر الصرف من 33 ألف ليرة إلى 20 ألف ليرة وتثبيته عند هذا المستوى رغم هشاشة الأمر وضبابيته. وإلى جانب ذلك، تمكّنت قوى السلطة من ترويج فكرة ترسيم الحدود البحرية. الوعود بمليارات الغاز خلقت أملاً زائفاً، ما خلق التثبيت الوهمي لسعر الصرف أملاً مماثلاً.
إذاً، ما الذي نتوقعه بعدما تبيّن أنه ليس لدى لبنان خطّة للخروج من الأزمة؟ من يدير الأزمة في ظل فشل السلطة في إعداد الخطّة؟ هل ستتغيّر إدارة الأزمة مقارنة مع السنتين الماضيتين؟ على هذه الأسئلة يجيب أربعة خبراء هم: سمير المقدسي، عبد الحليم فضل الله، شربل نحاس وكمال حمدان.




عبد الحليم فضل الله: نحتاج إلى خطّة حتى لا يتحمّل الاقتصاد والناس خسائر غير منظورة

(هيثم الموسوي)

حتى الآن ليس لدينا خطّة رغم أن معالمها صارت شديدة الوضوح. والأوراق التي جرى تداولها أخيراً تشير إلى أنّ لدينا جهوزية لإعداد خطّة بعدما بُنيت قاعدة البيانات وجُمعت المعلومات والمعطيات وحُدّدت الخلافات أيضاً؛ لكنّ الخيارات الأساسية لا ترتبط فقط بتوزيع الخسائر وفرضيات التوزيع القابلة للنقاش، إنما شفافية توزيعها هي المشكلة. إذاً لا يمكن النظر إلى الوضع القائم فقط لنتائج التوزيع من دون درس انعكاساته مستقبلاً.

بالأرقام

13.6 مليار دولار
هي قيمة الاحتياطات بالعملات الأجنبية في لدى مصرف لبنان في نهاية كانون الأوّل 2021
102 مليار دولار
هو حجم الودائع المقوّمة بالدولار في القطاع المصرفي اللبناني في نهاية شهر كانون الأوّل 2021


فعملية تحويل الودائع إلى ليرة، لها انعكاسات على السوق وعلى سعر الصرف. وعند القول إن هناك تسديداً للودائع بالدولار، فعلى الخطّة أن تُظهر مصادر الأموال والفرضيات التي بُنيت عليها: أي نموّ؟ أي فائض في ميزان المدفوعات؟ أي ميزان تجاري؟ ما هي انعكاسات الإجراءات في ظل خطّة تمتد لنحو 15 سنة؟ ما هي الضمانات الاقتصادية والمؤسساتية للزعم بأن الخطّة قابلة للتطبيق كل هذه الفترة؟ فبمجرد وجود طريقة لإعادة حقوق الناس ولا سيما الودائع، تعود قيمتها الاقتصادية، إلا أنها تبقى بلا قيمة ما دام الأمر مفتوحاً على خيارات غير واضحة. ما الذي يضمن اقتصادياً أن تأتي الدولارات؟ ومن يضمن مالياً ونقدياً أن تحويل الودائع إلى ليرة لن يفاقم التضخّم؟ ومن يضمن إدارة هذه العملية في ظل الخراب المؤسساتي؟ ومن يضمن قانونياً أنه في يوم من الأيام لن تكون هناك تغيّرات؟ عملياً، عند توزيع الخسائر ننسى وجود طرفين لا علاقة لهما بها: الاقتصاد والناس. لذا، فإن أي توازن في التوزيع يجب أن يحتسب مفاعيل التوزيع على هذين الطرفين من خلال انعكاسات الإجراءات المتخذة على توزيع المداخيل خلال الـ15 سنة المقبلة، وعلى النمو، وعلى قدرة الاقتصاد في التوسّع، وعلى توزيع الموارد بين القطاعات.
كان يجب أن تكون لدينا خطة أمس، أو اليوم صباحاً، وليس الغد. لكن ما دامت الجهوزية موجودة؛ لدينا حكومة، ولدينا مصرف مركزي «في أحسن حالاته»، وصندوق النقد الدولي يأتي ويذهب... لكن هل يجب أن يكون لدينا خطّة أثناء التفاوض مع صندوق النقد أو خطّة يتوافق عليها ثم نتفاوض مع الصندوق على أساسها؟ الخيار الثاني أفضل. أولاً يجب أن يكون هناك نقاش محلي فنحدّد ما يناسبنا ونتفق عليه، وضمن هذا النقاش، يجب أن يتبين أي خسارة وأي ربح من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فتظهر كلفة السير مع الصندوق أو من دونه عبر المفاضلة بين كلفة وجوده مقابل تقديماته.
من الجيد أن نكون واضحين إذا كنّا غير قادرين على إعداد خطة ولسنا متفقين في ما بيننا فضلاً عن النقاش مع صندوق النقد. فخلال كل هذا الوقت يجب حماية الناس من تبعات عدم وجود خطّة، وحماية الاقتصاد والمودعين. كيف نحميهم من الإجراءات المؤقتة مثل تعاميم مصرف لبنان التي يترتب عليها أكلاف لاحقة مرتفعة. كيف يمكن الادعاء بأن تثبيت الأزمة عند هذا المستوى ثمة ضمانات أنه خلال فترة 3 أشهر أو 4 أشهر بلا خسائر منظورة؟ تثبيت الأزمة مطلوب، لكن إذا تقرّر تثبيت سعر الصرف عند مستوى معين، يجب أن يكون الأمر شفافاً لجهة آلية العمل والقدرة على الاستمرار والكلفة المتوقّعة.
حالياً، الأكلاف غير المنظورة هي التي تتصدّر المشهد. ثمة طرف هو مصرف لبنان، يعيد تركيب أجندة لبنان كل مرّة بطريقة من خلال تعاميمه وقراراته. مرّة تكون الأولوية لدعم السلع، ومرّة لإعادة أموال المودعين بالدولار، ومرّة لإعادتها بالليرة، ومرّة لتثبيت النقد، ومرّة لدولرة الأجور والرواتب... هناك من يعيد ترتيب الأولويات وفق منظار ما، وإذا أحسنّا الظن، ولا يجب أن نحسن الظنّ بالتأكيد، هناك من يعالج المسائل من منظار نقدي رغم الخسائر غير المنظورة. لذا نحتاج إلى خطّة.

شربل نحاس: كذبتا تثبيت سعر الصرف وترسيم الحدود تخلقان أملاً زائفاً
فحوى الأمر سؤال أساسي: لماذا يجري التعامل مع موضوع فشل الحكومة في المشاورات مع صندوق النقد كأنه ليس موجوداً في عقل قوى السلطة مجتمعة؟ فبيان صندوق النقد كان شديد الوضوح تجاه هذا الفشل في إعداد خطّة، لكن رغم ذلك لم يتعامل أي طرف من قوى بجديّة تجاه هذا الأمر. وبدا لافتاً أن حالة السكوت هذه قد تكون مقدمة لطي المرحلة والانتقال مباشرة إلى المرحلة التالية.

أرشيف (مروان طحطح)

لكن السكوت لا يعني أنه ليس هناك جواب، بل هناك إجابة واضحة ظهرت من خلال كذبتين أطلقتهما قوى السلطة وصدّقهما الناس لأنهم يعيشون على الأمل فقط.
الكذبة الأولى هي كذبة تراجع سعر صرف الدولار إلى 20 ألف ليرة. فقد تعامل الناس مع هذا الأمر بشكل لافت جداً. حتى زحمة السيارات عادت إلى الشارع، وجرت استعادة بعض من أنماط الإنفاق السابقة. كيّ الوعي من خلال هذه الكذبة جعل الناس يقفزون فوق مسائل كانوا يعتبرون حتى وقت قريب أنها حساسة وضرورية بالنسبة إليهم. فعلى سبيل المثال سوّقت قوى السلطة خلال الفترة الماضية أنها تعمل على زيادة ساعات التغذية بالكهرباء. لكن هذه الكذبة أيضاً لم تبصر النور رغم أن الاعتقاد السائد أن الكهرباء لها مفاعيل قوية في وعي الناس نظراً إلى ما تمثّله من حاجة طبيعية لحياتهم اليومية. مفاعيل تراجع سعر الصرف كانت أقوى وخلقت أملاً زائفاً لدى الناس بأن الأمر ممكن. تعلّق الناس بالاستقرار ورغبتهم فيه أدّيا إلى نجاح محاولة الإيهام بأن تراجع سعر الصرف بالطريقة التي حصل فيها يمكن أن يكون مستداماً من دون أي رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية.
ثمة طرف هو مصرف لبنان، يعيد تركيب أجندة لبنان كل مرّة بطريقة من خلال تعاميمه وقراراته


أما الكذبة الثانية، فهي فضيحة بالمعنى الكامل. فقد قيل لنا بأنه صار لدينا حقل غاز، وجرى تحديد سريع لاسمه حتى. وبمجرّد ما أوحي للناس بأن الغاز آت وأن استخراجه صار حقيقة، ترسّخ في الوعي الجماعي أن المليارات آتية. كذبة مرّت بهذه البساطة وفعلت فعلها. فإذا أردنا النظر إلى الأمر بشكل واضح، وبعيداً من مسألة التنازلات التي قُدّمت للعدو الإسرائيلي الذي لم ينتظر كل ذلك من أجل إطلاق العمل بهذا الحقل، بما يعنيه ذلك من وجود خيانة، فإن فضيحة ترسيم الحدود بمعزل عن النقاش المتصل بأصل عملية الترسيم، خلقت بدورها أملاً زائفاً للبنانيين بأنه يمكن الخروج من الأزمة عبر مليارات الغاز الذي ستعمل الحكومة على استخراجه لاحقاً. ورغم أن هذا الأمر كذبة بسبب المساحة الزمنية الواسعة بين عملية الترسيم، وبين عملية استخراج الغاز بكل التعقيدات التي ترافق هذا الأمر، اعتبر الناس أن عملية الترسيم هذه يمكن أن تنتشلهم مما وقعوا فيه. عملياً الناس تأقلموا ويواصلون التأقلم. الترسيخ في أذهان الناس أن البترول موجود، وهو أمر أتقن إخراجه من أجل فتح باب الأمل. في الواقع، إن إدارة الأزمة ستتواصل كما كانت في السنتين الماضيتين.

كمال حمدان: وضع مأساوي في انتظار إعادة تكوين مركز القرار
بعثة صندوق النقد الدولي التي أتت إلى لبنان حدّدت في بيانها الصادر إثر المشاورات مع الفريق اللبناني، خمسة محاور للخروج من الأزمة: إعادة هيكلة قطاع المال (والمصارف)، الإصلاح الضريبي، إصلاح المؤسسات العامة، معالجة أزمة العملة، الحوكمة ومكافحة الفساد. كل هذه المحاور أساسية، لكنّ العبرة في تنفيذها. فأقصر الطرق أن يقوم لبنان بوظيفته ودوره لتأدية المهام الملقاة على عاتقه.

أرشيف (مروان طحطح)

نعم كان يمكن أن يقوم لبنان بوظيفته في تحضير نظام ضريبي في بلد هو الأكثر تركّزاً للدخل والثروة، ويمكن أن يكون هناك تصوّر أولي للمؤسّسات العامة وتحديد ما يجب أن يبقى وبأي شكل مؤسساتي وقانوني ووظيفي، وأن يُدمج أو أن يُلغى، وكان يمكن أن يبدأ العمل في إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحديد المعايير لبقاء عدد محدود من المصارف انسجاماً مع مؤشرات الاقتصاد وإعطاء إشارات واضحة لصندوق النقد الدولي نحو عدد محدود من المصارف التي يفترض إجبارها على استعادة جزء من أرباحها المتراكمة التي كانت تُحوّل إلى الخارج على مدى السنوات المقبلة. كذلك، ضرورات الحوكمة رغم عمومية الطروحات في هذا المجال، فإن الشيطان يكمن في تفاصيل فرض الإصلاحات وصدور القوانين وتطبيقها، فقد شهدنا سابقاً صدور قوانين بشأن الحوكمة فيما مرّت عشرات السنين من دون أن يكون هناك مؤسّسات لتطبيقها.
تعلّق الناس بالاستقرار ورغبتهم فيه أدّيا إلى نجاح محاولة الإيهام بأن تراجع سعر الصرف بالطريقة التي حصل فيها يمكن أن يكون مستداماً


لو كانت الحكومة قد قامت بهذه المهمة، لكان ابتدأ التفكير في بلورة بداية تفاوض من فوق مع صندوق النقد الدولي، وتحضير الخيارات وأنواعها قبل التقدّم للتفاوض مع الصندوق، إذ لا يمكن تقييم الخطّة وإطلاق آلية للتفاوض إلا في ظل وجود تصوّر واضح يشير إلى أي الخيارات المحبّذة وأيها المكروه. فبهذا القدر من الوضوح والتفصيل الذي يتضمن تعدّد الخيارات يجب أن يدور التفاوض... لو حصل ذلك، لأصبح التفاؤل ممكناً بأن هناك إعادة تكوين لمركز القرار على عكس ما هو حاصل اليوم.
إذاً، كيف تبدو إدارة الأزمة؟ لا يمكن إدارة الأزمة إلا بحكومة من خارج المنظومة وبصلاحيات تشريعية. يجب أن تكون هذه الحكومة من العيار الذي لا يسأل عن الطوائف والمصالح الخاصة. فالوضع مأساوي للغاية. ففي ظل السلطة القائمة، التفكير كلّه يدور حول كيفية إجبار الناس على إنفاق الدولارات المخزّنة في المنازل، واستجرار مساعدات أكبر من المغتربين، حتى إجبارهم على تسييل بعض موجوداتهم لتدبير أمورهم. استمرار هذا الوضع ليس أمراً جدياً أو مجدياً، بل هو طريق لاستهلاك ما تبقّى لدينا من موارد بسرعة قياسية: هجرة، بطالة، احتمال مخاطر أمنية، اتجاه أكبر نحو الفيدرالية... هذا هو معنى السقوط الحرّ.

سمير المقدسي: لابد من وضع وتنفيذ خطة تعافٍ سليمة بمعزل عن أيّ تفاهم مع الصندوق

أرشيف (مروان طحطح)

إن خطّة حل الدين العام التي أعدّتها اللجنة الوزارية المسؤولة والتي نشرتها الصحف، لمناقشتها مع صندوق النقد كانت خاطئة لجهة تحميلها المودعين، أي المدّخرين، العبء الأكبر من هذا الحلّ عبر شطب قسم كبير جداً (هيركات) من الودائع بالعملة الأجنبية وتحويل ما تبقّى إلى الليرة اللبنانية بأسعار صرف تُقرّر اعتباطياً وتسود على مدى زمني يمتدّ طوال 15 سنة.

3240 مليار ليرة

هي قيمة التراجع في الكتلة النقدية في التداول منذ بداية تطبيق التعميم 161 حتى منتصف شهر شباط الحالي، علماً بأن تدني في حجم هذه الكتلة سجل قبل 15 يوماً نحو 3700 مليار ليرة، ما يعني أن مصرف لبنان عاد إلى ضخ سيولة بالليرة رغم محاولته الإمتناع عن ذلك


ولا غرابة أن صندوق النقد لم يتقبّل حلاً كهذا، والذي لو قيّد له أن ينفّذ لكان قد أضرّ بالاقتصاد الوطني والجهاز المصرفي اللبناني ناهيك عن تداعياته القانونية. نأمل بأن تعيد اللجنة المسؤولة النظر في جدولة الدين العام حتى يكون من أهدافها عدم تحميل المدّخرات الوطنية العبء الأثقل من متطلبات المعالجة، وطمأنة المدّخرين من خلال ضمان سلامة ودائعهم بالعملة الأجنبية، فلا تجعلهم يبتعدون بودائعهم المستقبلية عن النظام المصرفي اللبناني حتى لو تمّ إصلاحه جذرياً من ضمن الخطة المرجوّة للتعافي الاقتصادي.
في ما يتعلق بتقلّص فرص الاتفاق مع صندوق النقد في فترة ما قبل الانتخابات، فإنني أتوقع أن يواصل مصرف لبنان سياسة تثبيت سعر الصرف وتحمّل كلفتها أقلّه حتى انتهاء الانتخابات. هنا يبرز السؤال: هل ستمضي الحكومة في تنفيذ الجوانب الأخرى لخطة التعافي بالتزامن مع التفاوض مع الصندوق حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي معه قبل الانتخابات؟ وبما أن اتفاقاً كهذا يشكّل جانباً واحداً من خطة التعافي، فإن المضي في تنفيذ بعض جوانب الخطّة أو بعضها على الأقل، قد يخلق مناخاً إيجابياً وبدوره قد يخفّض كلفة تثبيت سعر الصرف، لكن في المقابل وفي حال عدم التفاهم مع الصندوق وتوقف التفاوض معه، إضافة إلى عدم تنفيذ الجوانب الأخرى من خطّة التعافي، فإن تمكّن مصرف لبنان من تثبيت سعر الصرف يصبح على المحكّ مع كل ما ستكون عليه تبعات هذا الواقع لاحقاً.
لا بدّ من وضع وتنفيذ خطّة تعافٍ سليمة ومتكاملة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً توحي بالثقة بمعزل عن التوصل إلى أيّ تفاهم مع الصندوق أم لا.



أنقر على الرسم البياني لتكبيره