ثلاثة عوامل ساهمت في تشكّل الخسارة
الأكبر بينها يأتي بسبب العجز الكبير لدى مصرف لبنان في حساب صافي العملات الأجنبية والتي كبّدته نحو 49.3 مليار دولار خسائر في ميزانيته بسبب اعتماد سعر صرف بقيمة 20 ألف ليرة. صافي العملات الأجنبية، هو الفرق بين ما يحمله في محفظته من هذه العملات، وبين ما يترتّب عليه من التزامات من أكبرها المصارف التي أودعت لديه 86 مليار دولار. وفي المقابل، المصارف استفادت محاسبياً من حساب صافي العملات الأجنبية لديها، والذي سجّل فائضاً بقيمة مليار دولار. - هناك الخسائر المتوقّعة من محفظة سندات اليوروبوندز التي توقّفت الدولة عن دفعها في آذار من عام 2020، ما رتّب خسائر على مصرف لبنان بقيمة 4.3 مليارات دولار، ورتّب على المصارف خسائر بقيمة 7.8 مليارات دولار. وثالثاً، هناك الخسارة الناتجة من إعادة تقييم الموجودات لدى المصارف ومصرف لبنان.

فالأصول الخاضعة لإعادة التقييم عند المصارف هي الديون المتعثّرة التي ستنتج من رفع سعر الصرف المعتمد من الحكومة للدولار إلى 20 ألف ليرة، ما يفرض على المدين تسديد ديونه بالدولار النقدي أو بما يوازيه بالليرة على سعر الصرف الجديد. وبحسب تقديرات الخطّة، فإن مصدر الخسارة المترتبة على مصرف لبنان هو من إعادة تقييم الأصول أو الحسابات التي يفترض أن تغطّي خسائر ناتجة من الهندسات الماليّة. قيمة التدنّي في هذه الأصول تبلغ 5 مليارات دولار في مصرف لبنان، وبقيمة 2.5 مليار دولار في المصارف.


12.1 مليار دولار هي الخسائر الناتجة من «هيركات» على اليوروبوندز



69 مليار دولار
هي القيمة التي تقدّرها خطّة الحكومة للخسائر في القطاع المصرفي، وهي قريبة من قيمة الخسائر التي قدّرتها خطّة حكومة الرئيس حسّان دياب، والتي بلغت 241 تريليون ليرة على سعر صرف 3500 ليرة للدولار، أي ما يساوي 68.8 مليار دولار. علماً بأنه منذ بداية الأزمة ولغاية اليوم بدّد مصرف لبنان ما يقارب 17 مليار دولار من احتياطاته بالعملات الأجنبية. إلا أن احتساب الخسائر بالليرة على سعر صرف 20 ألف ليرة، بدلاً من 3500 ليرة في الخطة السابقة، ساهم في تخفيض قيمة الخسائر المسجّلة بالليرة اللبنانية. يُظهر هذا الأمر كيف استفاد مصرف لبنان من التدهور في قيمة العملة المحليّة لتغطية خسائره المهولة.

أنجل بوليغان ــ المكسيك


100 %
هي نسبة شطب الرساميل المصرفية. ففي نهاية أيلول 2021 بلغت رساميل المصارف في لبنان 19 مليار دولار من بينها 9 مليارات مقوّمة بالدولار و10 مليارات مقوّمة بالليرة على سعر صرف يبلغ 1507.5 ليرات وسطياً. وبعد الأخذ في الاعتبار السيناريو الأساسي لتحديد الخسائر واعتماد سعر صرف يبلغ 20 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، فإن قيمة الرساميل بالليرة تدنّت إلى مليار دولار ليصبح مجموع رساميل المصارف 10 مليارات. وبعد انتقال الخسائر من مصرف لبنان إلى المصارف، تقترح الخطّة شطب كامل رساميل المصارف وتصفيرها، ثم الانتقال في إطار عملية توزيع الخسائر إلى الهيركات على الودائع بطرق مختلفة فيتم خفض قيمة ودائع الزبائن بالدولار من 104 مليارات إلى 56 مليار دولار. هذه الودائع إمّا سيتم تحويلها إلى أسهم في المصارف (عمليّة «Bail-in»)، أو يتم الاقتطاع منها، أو يتم تحويلها إلى ليرة، أو تحوّل إلى سندات مدعومة بأصول (Asset-Backed Securities). وبهذه الطريقة تكون الخسارة قد انتقلت من ميزانيات المصارف إلى المودعين بأشكال مختلفة. ويكون أصحاب المصارف قد خسروا فقط 10 مليارات دولار من (رؤوس أموالهم)، في مقابل مليارات جنوها على مرّ السنوات.

85 % | 20.000 ليرة
هو السيناريو الأساسي الذي اعتمدته الخطّة لاحتساب الخسائر. فقد فرضت على سندات اليوروبوندز هيركات بنسبة 85%. مصرف لبنان يحمل 5.02 مليارات دولار من هذه السندات، فيما المصارف تحمل نحو 9 مليارات دولار منها.
كذلك، فرضت الخطّة إعادة احتساب الأصول والالتزامات في ميزانيات المصارف ومصرف لبنان على سعر صرف جديد يبلغ 20,000 ليرة مقابل الدولار الواحد. وبنتيجة هذه العملية انخفضت أصول مصرف لبنان بالليرة من 119 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار. أما التزامات مصرف لبنان فهي الأخرى انخفضت أيضاً من 66 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار. وبالنسبة إلى المصارف، فقد انخفضت قيمة أصولها بالليرة من 60 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار، وقيمة التزاماتها بالليرة من 54 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار.

الودائع: 34 مليار دولار
هي مجمل الودائع التي ستبقى مقوّمة بالدولار بعد الانتهاء من عمليّة توزيع الخسائر من مصرف لبنان إلى المصارف ونزولاً نحو الزبائن. ودائع الزبائن بالدولار كانت تساوي في نهاية أيلول 2021 ما قيمته 104 مليارات لكن سيتم خفض قيمتها على النحو الآتي: 12 مليار دولار سيتم تذويبها عبر الـ«Bail-In»، و36.3 مليار دولار سيتم خفض قيمتها الاسمية عبر أسعار صرف متعدّدة، أي أنها ستخضع لعملية هيركات مقنّعة غير مباشرة، و20.7 مليار دولار سيتم تحويلها إلى حسابات بالليرة.
وسيتم فصل الودائع على أساس الودائع التي تحوّلت إلى دولار محلّي بعد شهر تشرين الأوّل عام 2019، وبين الدولار الفعلي، وبين الفوائد العالية التي أُعطيت للمودعين بعد عام 2015.
بالنسبة إلى الفوائد، فتقدّر الخطّة قيمتها بنحو 16 مليار دولار، وتتعامل معها على أساس أنها كانت فوائد مضخّمة نسبة إلى المخاطر الخاصّة بلبنان حينها، حيث كانت بمعدّل 4% - 5%، بينما يجب أن تكون 1% - 2%. لذا تقترح الحكومة «ليلرَة» جميع هذه الفوائد ما سيشكّل اقتطاعاً بنسبة 75% من قيمتها. هذه الودائع، المحوّلة إلى ليرة على أساس سعر صرف 5000، سيتم تحويلها إلى سندات مدعومة بأصول الدولة (ABS - Asset-Backed Securities) تُسدّد على مدى 15 سنة.
أما بالنسبة إلى ودائع الدولار المحلّي المحوّلة بعد تشرين الأوّل من عام 2019 ستتعامل معها الخطة باعتبارها حُوّلت على سعر صرف 1500 ليرة، أي أقل بكثير من السعر السائد في السوق الموازية آنذاك. هذه الودائع مقدّرة بنحو 35 مليار دولار وتقترح الحكومة تحويلها إلى ليرة على سعر صرف 12 ألف ليرة، بشكل يقتطع من قيمتها 40%. وسيتم تحويلها إلى (ABS) تُسدّد على فترة 15 سنة.
وودائع الدولار الفعلي، وهي كل الودائع المقوّمة بالدولار غير المشمولة بالفئتين السابقتين، سيتم تقسيمها على أساس حجمها. فالودائع التي يقلّ حجمها عن 125 ألف دولار ستُسدّد بالدولار النقدي من قبل المصارف، ومجموعها 25 مليار دولار. أما الودائع المتوسطة، التي يُراوح حجمها بين 150 و500 ألف دولار، فسيتم تحويلها إلى ليرة على سعر صرف 20 ألفاً، ومن ثم تتحوّل إلى سندات ABS. وتبقى الودائع الكبيرة التي تتجاوز 500 ألف دولار، فستُحوّل 10 مليارات منها إلى سندات أبدية (Perpetual Bonds)، و12 مليار دولار منها ستُحوّل إلى أسهم في المصارف كجزء من عمليّة «Bail-In».

25 مليار دولار
تفرض عملية توزيع الخسائر انتقال قسم كبير منها من ميزانية مصرف لبنان إلى المصارف. فمن بعد كل الخطوات المتعلقة بسعر الصرف والهيركات على سندات اليوروبوندز، وشطب رأس مال مصرف لبنان بكامله البالغ 3 مليارات دولار، والسماح له بالاحتفاظ برأسمال سلبي بقيمة 3 مليارات دولار أيضاً، يبقى هناك خسائر بقيمة 52 مليار دولار ستنتقل إلى المصارف لتنخفض قيمة موجوداتها بالعملات الأجنبية من 86 مليار دولار إلى 34 مليار دولار. عملياً، سيتم شطب مبلغ 52 مليار دولار من ودائع المصارف بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان.
ورغم أن هذا الحلّ يعالج دفترياً الفروقات السلبية بين الموجودات والمطلوبات الإجمالية، إلا أنه لا يعالج الفروقات السلبية بين الموجودات بالعملة الأجنبية والمطلوبات بالعملة الأجنبية والبالغة 19 مليار دولار (عجز في صافي حساب العملات الأجنبية بقيمة 19 مليار دولار). وبالتالي فإن تصفير هذا العجز يتطلب تحويل 19 مليار دولار من أصل مبلغ الـ34 مليار دولار الباقي للمصارف، إلى ليرة لبنانية.

مساهمة الدولة و«المركزي» والمصارف في تغطية الخسائر


تقترح الخطّة تحميل الدولة والمركزي والمصارف 26 مليار دولار من الخسائر البالغة 69 ملياراً. وتتضمن الأرقام 5 مليارات دولار تتحمّلها الدولة من خلال إعادة رسملة القطاع المصرفي عبر بيع أو نقل أصولها أو إصدار سندات لمصرف لبنان. وهذا يعني أن خطّة الحكومة تحاول أن تغطّي جزءاً كبيراً من الخسائر عن طريق بيع أصول الدولة. في المقابل تتحدّث الخطّة عن مشاركة الدولة في تغطية الخسائر عن طريق استعادة الأموال المهرّبة والمنهوبة، وهو أمرٌ بعيد حدّ الاستحالة، لأنه يحتاج إلى إصلاحات قانونيّة عديدة تسمح بملاحقة الأموال التي خرجت، منهوبةً كانت أو مهرّبة. كما أن هذا الأمر يحتاج إلى تعاون من الدول التي انتقلت إليها هذه الأموال، وقد أثبتت تجارب عدّة صعوبة هذا الأمر وحاجته إلى وقت طويل ليتحقق، هذا إذا تحقّق. كما تطرح الحكومة تغطية الدولة للخسائر عبر تشارك أصول الدولة بين القطاعين العام والخاص (PPP).