
إذاً، التحسّن الطفيف في صافي الموجودات والالتزامات الخارجية للمصارف بين شهرَي تموز وآب 2021 من عجز بقيمة 607 ملايين دولار إلى عجز بقيمة 135 مليون دولار، لا يمكن تفسيره بالمطلق باعتباره أمراً إيجابياً، بل هو يضع المصارف في دائرة السلبية تجاه نظرة الخارج إليها، إذ ما زال يتحتّم عليها أن تردم الفجوة مهما كانت صغيرة وأن تراكم فوقها من دون أن تتخلف عن السداد لفترة طويلة، قبل أن يتعامل معها الخارج بشكل مختلف. وهذا التراكم لا يمكن أن يحصل من دون تصفية أوضاعها المحلية، أي الاعتراف بالخسائر وتمويلها برساميلها ثم ضخّ رساميل جديدة في شرايينها كمحاولة لاستعادة ثقة المودعين.
في الواقع، إن حركة الحسابات الخارجية للمصارف في الأشهر الماضية، تعكس تقلّبات دورية في الفرق بين المطلوبات والموجودات تشمل كل القطاع المصرفي، بينما التحسّن في الشهر الأخير ناتج عن تلقّي مصرفَي عوده وبلوم اللذين باعا وحدات خارجية - من تنفيذ التعميم الرقم 154 (صدر سنة 2020) الذي يفرض عليها زيادة سيولة بنسبة 3% من مجموع الودائع بالدولار في حسابات خارجية - دفعة كبيرة من ثمن الأصول التي باعتها في الخارج، وهذا يعني أن غالبية المصارف لم تتمكّن من تحسين سيولتها وموجوداتها الخارجية. أكثر من ذلك، إن ضخّ الدولارات في الحسابات لدى المصارف المراسلة في الخارج، لم يُقابله تسديد ديون المصارف تجاه مؤسسات دولية (وكالة التنمية الفرنسية، مؤسسة التمويل الدولي، مؤسسة «بروباكو»)، علماً بأن هناك التزامات سابقة ناتجة من اعتمادات استيراد، لا تزال المصارف تفاوض على تأجيلها مع المصارف المراسلة.