أين يتركّز الفقر في لبنان؟ تاريخياً في الأطراف المنسيّة مثل الهرمل وعكّار. هذه المناطق كانت دائماً مركزاً للفقر من حيث الدخل. أما اليوم، فقد انحدرت إلى مستوى أعمق وأكثر تجذّراً وخطورة: الفقر المتعدّد الأبعاد. هو الفقر المبني على قياس سلّة من 6 أبعاد: التعليم، الصحة، الخدمات العامة، المسكن، الأصول والممتلكات، العمل والدخل. كل نقصٍ في واحدة من هذه الأبعاد يمثّل حصّةً في فقر الأسر. تبيّن أن الصحّة هي مصدر الفقر الأكبر. لم تعُد المشكلة تتعلّق بانعدام أو ضعف قدرة الأسر في الحصول على الرعاية الطبيّة بسبب عدم قدرتها المادية فحسب، بل بات الأمر يتعلّق بعدم توافر هذه الخدمات بالجودة والمستوى السّابق، سواءً كان الدّخل قادراً على التغطية أم لا، مع أرجحيّة أن مداخيل هذه الأسر لا تستطيع تغطية كلفة الرعاية الطبية التي تضاعفت مرات.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

تقول «إسكوا» في تقريرها الأخير عن الفقر المتعدّد الأبعاد في لبنان، إن 92% من الأسر المقيمة في عكار والنبطية وبعلبك الهرمل تعاني من الفقر المتعدّد الأبعاد. هذه النسبة هي الأعلى بين المناطق اللبنانية، وهي تُظهر مدى سوء الأحوال المعيشية في مناطق الأطراف المهملة تاريخياً. هذه المناطق عانت أيام «العز» من نقص هائل في الخدمات، والأسر القاطنة هناك متروكة منذ عقود لمصيرها بلا أي مساعدةٍ فعلية.
وفق تعريف «إسكوا» فإن النقص، في أيّ بُعدٍ من هذه الأبعاد الستّة المذكورة، يضع الأسرة في خانة الفقر المتعدّد الأبعاد، أما إذا كانت الأسرة تعاني من نقص في بعدين أو أكثر فتصنّف بإصابتها بالفقر المدقع المتعدّد الأبعاد الذي جاءت نتائجه على النحو الآتي: 51.5% في عكار، 49.3% في بعلبك الهرمل، 46.7% في النبطية.
أمّا من ناحية عدد الأسر التي تعاني من الفقر، فإن أكبر عدد سُجّل في منطقة جبل لبنان حيث تعاني 382 ألف أسرة من الفقر، منهم 133 ألف أسرة تعاني من الفقر المدقع المتعدّد الأبعاد. في المقابل، تبقى بيروت أقل منطقة متضرّرة من الفقر المتعدّد الأبعاد، علماً أن نسبة الأسر التي تعاني فيها ليست بقليلة، بل بلغت 73%، فيما تعاني 29% من الأسر فيها من الفقر المدقع المتعدّد الأبعاد.