عملياً، تتبنّى الورقة فرضية الاستيلاء على المساعدات من قبل النخب الحاكمة. وهي رصدت عمليات تحويل إلى حسابات سرّية، مصدرها القطاع الخاص أو مقرّبون منه تلقّوا عمولات. وهذا الأمر يمكن أن يفسّر الزيادة الحادّة في الأموال المحوّلة إلى مراكز مصرفية أجنبية متخصّصة في الإخفاء وغسل الأموال - أو ما يُعرف بالملاذات الآمنة. فإذا كانت التحويلات إلى الملاذات ناجمة عن صدمات سوقية مرتبطة بصرف المساعدات، «يجب أن نتوقع أن نرى تحويلات مماثلة إلى مراكز مصرفية أجنبية أخرى؛ ومع ذلك، لا يوجد دليل على هكذا تحويلات». وتُظهر الدراسة أنه كلما تلقّت الدول مساعدات مالية بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت التحويلات إلى الملاذات بنسبة 3.4%، ما يعني أن هناك تسرّباً في قيمة المساعدات بنسبة 7.5%. ويمكن لهذه الحسابات أن تقلّل من قيمة نسبة التسرّب الفعلية على افتراض أن الأموال المستولى عليها تحوّلت بكاملها إلى حسابات خارجية في الملاذات، ليست بالضرورة مطابقة للواقع، بل هناك فرضية تشير إلى أنه يمكن أن تتحوّل الأموال الناتجة من المساعدات إلى حسابات داخلية أو أخرى خارجية غير الملاذات.
وكذلك الأمر حصر دراسة المساعدات بمساعدات البنك الدولي تحدّ من القدرة على احتساب النسب الحقيقيّة للتسرب من مجموع المساعدات التي تتلقّاها الدولة.
كلما تلقّت الدول مساعدات مالية بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت التحويلات إلى الملاذات بنسبة 3.4%
بالإضافة إلى ذلك، إن المساعدات لا تسبقها تغيّرات في التحويلات إلى ودائع الملاذات الآمنة، بينما تزداد التحويلات إلى ودائع الملاذات بعد دفع المساعدات على وجه التحديد. كذلك، لا يمكن افتراض أن الزيادة في التحويلات مرتبطة بنموّ الطلب الاستهلاكي الناتج عن المساعدات، «فلو كان هذا الارتباط واقعياً، أي أنّ أثر المساعدات هو زيادة في الدخل المحقق عن طريق تحفيز الطلب، لكنّا نتوقع استجابة مطوّلة تعكس الديناميات الأبطأ لدورة أعمال نموذجية».
وتخلص الدراسة إلى أنّها تشكّل دليلاً جديداً على أن الاستيلاء على المساعدات قد يكون أكثر بروزاً في البلدان المتخلّفة وذات الحوكمة الضعيفة، والتي هي في أمسّ الحاجة إلى المساعدة الإنمائية. في حين أن هذا الارتباط قد يعكس ببساطة أن الجمع بين مستويات تنمية منخفضة وحوكمة ضعيفة يحفّز المساعدات الخارجية، إلّا أنه يتّفق أيضاً مع الرأي القائل إنّ مستويات المساعدات المرتفعة للغاية قد تعزّز الفساد وتآكل المؤسسات.
تابع صفحة «ملحق رأس المال» على فايسبوك