استمر انحسار الطلب في السوق العقارية خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019، وهو منحى مستمرّ وأخذ يتفاقم منذ عام 2018، إذ تراجعت عمليات البيع بنسبة 18.3%، وكذلك قيمتها بنسبة 23.5% وبلغت نحو 3.9 مليارات دولار مقارنةً مع 5.1 مليارات خلال الفترة نفسها من عام 2018. هذه الإحصاءات يستعرضها تقرير بعنوان «قطاع العقارات اللبناني: الركود مستمرّ والشاري يراقب وينتظر» صادر عن قسم البحوث في «بنك عودة».وفق هذا التقرير، تستحوذ سوق الوحدات السكنية على أكثر من 77% من مجمل السوق العقارية، وبالتالي يأتي الركود المستمرّ في هذه السوق مدفوعاً بتراجع الطلب على الشقق السكنية الذي بات محصوراً بالطلب المحلّي، بعد انكفاء المغتربين والأجانب عن شراء الشقق في لبنان، فضلاً عن تراجع الطلب المحلّي أيضاً بسبب إيقاف القروض المدعومة من المصرف المركزي، والتي كانت تشكّل الخيار الأكثر رواجاً لشراء الوحدات السكنية. وهو ما يُترجم بتراجع حصّة الاقتراض في عملية تمويل شراء العقارات من 21% في عام 2017 إلى 0% في عام 2018، واستقرارها عند الصفر في عام 2019، فضلاً عن تراجع مخزون القروض السكنية بنحو 2.2%، من 13 ملياراً في نهاية عام 2017 إلى 12.7 ملياراً في آذار/ مارس 2019، وفقاً لأرقام المصرف المركزي.



انقر على الصورة لتكبيرها

ينعكس تراجع الطلب على العرض أيضاً، فهو يتباطأ بدليل تراجع تسليمات الإسمنت بنحو 32.4% خلال النصف الأوّل من عام 2019، على أساس سنوي، وكذلك تراجع رخص البناء بنسبة 27.9% خلال الفترة نفسها. وأكثر من ذلك، يتّجه المطوّرون إلى تلبية حاجات السوق المحلّية من خلال التركيز على بناء وحدات صغيرة المساحة، وهو ما تعبّر عنه دراسة حول النشاط العقاري صادرة أخيراً عن «إنفو برو»، إذ تراجعت مشاريع البناء بنحو 59% مقارنةً مع عام 2018، من 193 مشروعاً إلى 80 مشروعاً جديداً. علماً أن عمليات البناء الجديدة تنحسر في كلّ من بيروت وجبل لبنان، حيث تراجعت حصة بيروت من مجمل رخص البناء من 17.8% إلى 7.4% بين عامي 2007 و2019، وفي جبل لبنان من 48.1% إلى 35%، في مقابل تزايدها في الجنوب (من 13.5% إلى 26.8%) والشمال (من14.1% إلى 21.3%) والبقاع (من 6.4% إلى 9.4%).
إلى ذلك، ازدادت الفجوة بين العرض والطلب، وبلغ العرض نحو 50% أكثر من الطلب في بيروت الإدارية وضواحيها، علماً أن نحو نصف الطلب والعرض (المُقاس بعدد الوحدات المُباعة) تركّز على المساحات التي تتراوح بين 100 و149 متراً مربّعاً، بين عامي 2016 و2018، ونحو الربع في المساحات التي تتراوح بين 150 و199 متراً مربّعاً.
وعلى الرغم من التطوّرات الحاصلة في ما يتعلّق بالطلب والعرض في السوق العقارية، إلّا أن ذلك لم يؤدّ إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير. في الواقع، لم تنخفض الأسعار إلّا بنحو 10 إلى 30% في بيروت خلال السنوات الخمس الأخيرة، أي بأقل من معدّل ارتفاع الأسعار السنوية التي حصلت خلال الفورة العقارية بين عامي 2006 و2010.