%70.6 من الشركات المُصرّح عنها لدى الدوائر الضريبية تخضع لضريبة مقطوعة على أرباحها بنسبة 17%، في مقابل 15% فقط من الشركات تخضع لضريبة تصاعدية تراوح بين 4 و21%، فيما 14.4% من الشركات لا تخضع لأي ضريبة على أرباحها. هذا التفاوت في تكليف الشركات بالضريبة على أرباحها، أو إعفائها منها، يعدّ إحدى الآليات المقوننة لتوسيع هوّة اللامساواة، وتركيز النشاط الاقتصادي في قطاعات مُحدّدة، وتركّز الثروة لدى القلّة. يقدّم الجدول المُرفق لوحة عن توزّع الشركات وفقاً لشكلها القانوني، إذ تخضع الشركات المحدودة المسؤولية والمساهمة والتوصية بالأسهم لضريبة مقطوعة على الأرباح بنسبة 17%، تُضاف إليها ضريبة بنسبة 10% على دخل المساهمين فيها عند توزيع أنصبة الأرباح عليهم.
تستحوذ الشركات المحدودة المسؤولية على 52% من مجمل الشركات المُصرّح عنها، علماً أن 94% منها شركات صغيرة، فوفقاً للتعريف القانوني يجب ألّا يقل رأسمالها عن 5 ملايين ليرة، وتبيّن إحصاءات وزارة المال أيضاً، أن حجم أعمالها لا يزيد على مليار ليرة سنوياً. 35% من هذه الشركات تنشط في التجارة (من دون تجارة السيّارات وبيع الوقود)، و24% في الأنشطة العقارية، و10.5% في الصناعة التحويلية. يقول أستاذ قانون الضرائب في كلّية الحقوق في جامعة القديس يوسف، كريم ضاهر، إن هذا الشكل من الشركات برز منذ سبعينيات القرن الماضي بديل من شركات التضامن التي يتحمّل فيها الشريك حصّة شريكه من الديون، بحيث يكون الشريك فيها مسؤولاً بقدر حصّته من رأس مال الشركة فقط.

انقر على الصورة لتكبيرها


تشكّل الشركات المُساهمة نحو 18.5% من مجمل عدد الشركات. تعدُّ من شركات الأموال ويزيد رأسمالها على 30 مليون ليرة. يكون كل شريك فيها مسؤولاً عن الديون بمقدار حصّته من رأسمالها. وفقاً لضاهر، أُعفيت هذه الشركات عام 1993 من رسوم كاتب العدل التي تبلغ 4 بالألف عند نقل ملكيّة هذه الأسهم من شخص إلى آخر، وأيضاً أعفيت من ضريبة التفرّغ عن السهم والمُحدّدة بـ10%، وقد استفادت منها الشركات العقارية التي تشكّل نحو 41% من مجمل هذه الشركات (ولا سيّما سوليدير التي قامت بعمليات تفرّغ لا تعدّ ولا تحصى من دون دفع أي ضريبة).
تبلغ نسبة شركات التوصية بالأسهم نحو 0.02% (19 شركة) من مجمل الشركات المُصرّح عنها، وهي كما الشركة المُساهمة، يقسّم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة قابلة للتداول، بيد أنها تختلف عنها بوجود فئتين من الشركاء: متضامنون مسؤولون عن ديون الشركة بأموالهم الخاصة، ومُوصُون مسؤولون فقط في حدود حصصهم في الشركة.
إلى ذلك، تبلغ نسبة الشركات المُعفاة من أي ضريبة على أرباحها نحو 14.6% من مجمل الشركات المُصرّح عنها، وهي:
شركات الأوف شور التي تشكّل نحو 9.8% من مجمل الشركات. ووفقاً للتعريف القانوني تجري هذه الشركات صفقات خارج الأراضي اللبنانية، وتنشط في المنطقة الجمركية الحرّة وتستفيد من التسهيلات المتوافرة فيها. فيما تبيّن إحصاءات وزارة المال أنها تمارس أنشطة الاستيراد والتصدير فقط، وهي لا تخضع إلّا لضريبة سنوية مقطوعة بقيمة مليون ليرة لبنانية فقط. وبالإضافة إلى ذلك، تتمتّع بمزايا شتّى، فهي مُعفاة من الضريبة على أنصبة الأرباح وعلى الدخل المُحقّق من توظيف أموالها، فضلاً عن إعفائها من ضريبة الرواتب والأجور ومن كلّ ضرائب الانتقال والإرث ورسومها.
تشكّل شركات الهولدينغ نحو 4.6% من مجمل الشركات. وفقاً للتعريف القانوني ينحصر نشاطها في تملّك أسهم في شركات أخرى، وإدارتها وإقراضها وكفالتها تجاه الغير، فضلاً عن تملّك براءات اختراع وعلامات مُسجّلة وامتيازات وتأجيرها. تبيّن إحصاءات وزارة المال أن كلّ شركات الهولدينغ العاملة في لبنان هي شركات عقارية، ويشير ضاهر إلى أنها بدأت تتأسّس منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، بالتزامن مع بدء الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب اللبنانية والاستعداد لإعادة الإعمار. وهي تتمتّع بمزايا شتّى، إذ تخضع لضريبة سنوية مقطوعة تنازلية، بنسبة تراوح بين 2 و6%، على مجموع قيمة رأسمالها واحتياطاتها، على ألّا تتخطّى قيمة الضريبة 5 ملايين ليرة في حدّ أقصى، فيما لا تخضع للضريبة على الأرباح ولا لضريبة توزيع أنصبة الأرباح. كذلك إن الفوائد المقبوضة على القروض التي تمنحها للشركات التابعة لها مُعفاة من الضريبة أيضاً، بشرط أن تكون مدّة القرض تزيد على 3 سنوات.
في المقابل، تخضع أرباح الشركات المحاصة والفعلية والمدنية والتوصية البسيطة والتضامن (15% من الشركات)، لضريبة تصاعدية على الدخل تراوح بين 4% لشطر الدخل الذي يصل إلى 9 ملايين ليرة، وصولاً إلى 21% للدخل الذي يتجاوز 104 ملايين ليرة. تُعدّ هذه الشركات من شركات الأشخاص التي تتأسّس بين أفراد تجمعهم القربى، خصوصاً أن الشركاء يكونون مسؤولون بأموالهم الخاصّة عن حصّة شركائهم من ديون الشركة، ولكنها تختلف ببعض المواصفات.
تتألّف شركات التضامن من شخصين أو أكثر، يكونون مسؤولين بأموالهم الخاصّة عن ديون الشركة.
الشركات الفعلية والمحاصة، وهي شركات لا تمتلك رأس مال، ولا يوجد لها مركز أو شخصية معنوية، تنعقد بين شخصين أو أكثر لاقتسام الأرباح والخسائر الناجمة عن عمل ما، وهي تلائم الشريك الذي يرغب في الاستثمار من دون إظهار اسمه.
تنشط الشركة المدنية في الأعمال المدنية وتخضع للقانون المدني، ويكون الشريك مسؤولاً بأمواله الخاصّة عن ديون الشركة ويخضع لضريبة الدخل إن كان نشاط الشركة خاضعاً لها.
تقوم شركات التوصية البسيطة على وجود فئتين من الشركاء، فئة تضمّ الشريك المتضامن الذي يدير الشركة ويكون مسؤولاً بأمواله عن ديونها، وفئة تضمّ الشريك المُوصي الذي يساهم في رأسمالها ويحصل على أرباح ويلتزم خسائر وديوناً تساوي حصّته من رأسمال الشركة.
يقول ضاهر إن هذه الشركات كانت الأكثر رواجاً قبل سبعينيات القرن الماضي، نظراً إلى طابعها الشخصي والفردي والصغير. أمّا اليوم، فهي تشكّل 15% من مجمل الشركات المُصرّح عنها، وربعها عبارة عن محال تجارية للبيع بالتجزئة، و19% منها تمارس تجارة البيع بالجملة و15% تنشط في الصناعة التحويلية و12% في الأنشطة العقارية.