«بلغ مجمل الثروة العالمية في نهاية عام 2017 نحو 215 تريليون دولار أميركي، وهي نمت بنسبة 27% خلال العقد الماضي، بالمقارنة مع نحو 169 تريليون دولار في عام 2007، وارتفعت بنحو 12% بالمقارنة مع عام 2016 (192 تريليون دولار)». هذه الأرقام يستعرضها تقرير تحت عنوان «اتجاهات هجرة الثروة العالمية»، الصادر عن New World Wealth، وهو يعيد التوسع في هذه الثروة إلى النمو المُحقّق في بلدان آسيوية عدّة، في مقدمها فيتنام والصين والهند، وتنامي محرّكات نمو الثروة خلال هذه الفترة، التي تقوم على «تجذير حقوق الملكيةوتقويتها، وتطوير النظام المصرفي، وتطبيق معدلات ضريبية منخفضة، وتسهيل الاستثمار عبر تقليل الضوابط، فضلاً عن خفض مستوى التدخل الحكومي والشركات المملوكة من الحكومة أو المؤسسات شبه الحكومية، وخفض مستوى المشاركة النقابية». يوجد نحو 15.2 مليون شخص في العالم، يملك كل منهم أصولاً صافية بقيمة مليون دولار وما فوق، ونحو 584 ألف شخص منهم يملكون أصولاً صافية تبلغ 10 ملايين دولار أميركي وما فوق، فيما 2,252 مليارديراً يملك كلّ منهم أصولاً صافية بقيمة مليار دولار وما فوق. ويُعرف التقرير الثروة الإجمالية بكلّ ما يملكه الأفراد الذين يعيشون في بلد ما، وهي تشمل كل أصولهم الخاصة (ممتلكات ونقود وأسهم ومصالح تجارية ومقتنيات ثمينة) بعد حسم الالتزامات المترتبة عليهم. ويرى أن الثروة ومستوى هجرتها من بلد ما هي الوسيلة الأفضل لقياس صحة اقتصاد البلد وتحليل سماته. على عكس الناتج المحلي الإجمالي الذي يتدفّق جزء كبير منه إلى الحكومة دون أن يكون له أي تأثير بتكوين الثروات الخاصة، ويتجاهل مستويات الدخل، فضلاً عن أنه يحتسب مرّات عدّة دون أن يتولّد عنه إنتاج فعلي
أثرى الأثرياء يعيشون في الجنات الضريبية

يظهر الرسم المُرفق البلدان العشرة الأغنى وفقاً لحصة الفرد من الثروة. ويبرز أن المراكز المالية الصغيرة مثل موناكو وليشتنشتاين ولوكسمبورغ وسويسرا تتصدّر تباعاً المراكز الأربعة الأولى في القائمة، ويعود ذلك إلى المركز الضريبي لهذه البلدان، حيث تنخفض معدّلات الضريبة على الدخل، وتحوّلها إلى «مركز خارجي لقطاع الثروة»، وهو ما يعدُّ عامل جذب للأثرياء والمتموّلين الذين ينتقلون إليها وينقلون أعمالهم أيضاً.
يبلغ متوسط حصّة الفرد من الثروة في العالم نحو 28.4 ألف دولار أميركي، في حين أن هذه الحصّة تراوح بين أكثر من مليونين دولار في موناكو، التي تتصدّر قائمة البلدان الأعلى وفقاً لحصة الفرد من الثروة (أي أكثر من 73 مرّة من متوسط حصة الفرد من الثروة في العالم)، وبين 173.7 ألف دولار في نيوزيلندا، التي تحلّ في المرتبة العاشرة (أي أكثر من 6 مرّات من متوسط حصة الفرد من الثروة في العالم).

الدول الأسوأ في توزّع الثروة

يقيس تقرير «اتجاهات هجرة الثروة العالمية» مستوى اللامساواة في البلدان من خلال النظر إلى نسبة الثروة التي يسيطر عليها المليونيرات، فكلّما كانت النسبة مرتفعة، كان مستوى اللامساواة أعلى. ويشير التقرير إلى أن تحكّم الأثرياء بأكثر من 40% من ثروة البلد يأتي على حساب تقلّص الطبقة المتوسطة، وبالتالي توسّع شريحة الفقراء، علماً أن المتوسّط العالمي وفق هذا المقياس هو 35%.

أكثر البلدان لامساواة في توزّع الثروة في العالم هي السعودية، حيث يمتلك الأثرياء نحو 60% من مجمل الثروة، أي أكثر من 1.7 مرة المتوسط العالمي، تليها روسيا في المرتبة الثانية بنسبة 58%، فيما تحلّ اليابان في أدنى القائمة بنسبة 23%. وأكثر من ذلك، تتصدّر روسيا القائمة التي تبيّن حصة الميليارديرات (يملكون أكثر من مليار دولار) من مجمل ثروة البلد، بحيث يستحوذون على 24% من إجمالي الثروة الروسية، فيما تحلّ اليابان في أسفل القائمة، بحيث يستحوذ المليارديرات على 3% من مجمل الثروة.
ويربط التقرير بين الكثافة السكنية وغنى البلد، بالإشارة إلى أن البلدان ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مثل كندا وأوستراليا، هي من أغنى دول العالم على أساس حصة الفرد من الثروة، في حين أن البلدان ذات الكثافة السكانية العالية، مثل نيجيريا وإثيوبيا وبنغلادش وباكستان، هي من الأفقر. طبعاً، هناك استثناءات للقاعدة القائلة بأن الكثافة السكانية العالية تدلّ على انخفاض نصيب الفرد من الثروة، ومن الأمثلة البارزة هونغ كونغ وموناكو وليشتنشتاين ولوكسمبورغ وسنغافورة (المراكز المالية)، وهي جميعها غنية نسبياً على أساس نصيب الفرد من الثروة، على الرغم من كثافتها السكانية العالية.

من أين تخرج الثروات وإلى أين تهاجر؟
تتسارع وتيرة هجرة الثروة في العالم، إذا هاجر نحو 95 ألف مليونير في عام 2017 من بلدانهم إلى بلدان أخرى، مقارنة بنحو 82 ألف مهاجر في عام 2016، و64 ألفاً في عام 2015. ويعيد تقرير «اتجاهات هجرة الثروة العالمية» أسباب هجرة الثروات من بلد ما إلى عوامل عدّة، منها التوترات الأمنية والمخاوف المالية وارتفاع معدّلات الضرائب... وهو ما يدفع الأثرياء إلى الهروب إلى بلدان ذات معدّلات ضريبية أقل وأكثر استقراراً على الصعيد الأمني، إضافة إلى تراجع مستوى المعيشة وعدم توافر نظام الرعاية الصحية وفرص التعليم والعمل والأعمال، وارتفاع معدّلات التلوّث. ويخلص التقرير إلى أن مغادرة الأثرياء من بلد ما هو علامة سيئة لكونه تاريخياً يسبق انهيار البلد، فضلاً عن أنه يرتّب سلبيات أيضاً على البلد المهاجر إليه، لكونهم يدفعون التضخم صعوداً، نتيجة رفع أسعار العقارات والسلع الاستهلاكية والخدماتية إلى مستويات لا يستطيع السكان المحليون تحمّلها.
أنقر الصورة للتكبير

تصدّرت أوستراليا قائمة البلدان التي تدفّقت إليها الثروات خلال العام الماضي، متفوّقة على الولايات المتحدة الأميركية التي حلّت في المرتبة الثانية، وذلك للسنة الثالثة على التوالي، ويعود ذلك إلى بيئة الأعمال المتوافرة فيها وانخفاض معدّلات الضرائب، بما فيها الضريبة على انتقال الإرث، وانتقال الشركات الأوروبية والأميركية والآسيوية إليها، وهو ما أدّى إلى ارتفاع إجمالي الثروة فيها بنسبة 83% خلال عقد من الزمن (2007-2017)، إضافة إلى تطوّر الرعاية الصحية وتوافر التغطية المجانية فيها مقارنة بالولايات المتحدة، التي ارتفعت فيها أقساط الرعاية الصحية بنسبة 120% منذ عام 2010.
أمّا الصين، فتتصدّر قائمة البلدان التي تدفّقت الثروات خارجها خلال العام الماضي، إلا أن زيادة عدد الأثرياء فيها سنوياً مدفوعين بزيادة النمو يجعل من خروج الثروات منها عاملاً أقل أهمية، وفق التقرير، على عكس أوروبا التي تشهد معدّلات خروج أكثر أهمية، والتي تعود إلى الضرائب المرتفعة المفروضة، وخصوصاً ضريبة الإرث التي تشكّل نسبة 40% في فرنسا والمملكة المتحدة.


0.4%
هي نسبة المليارديرات في لبنان من مجمل المليارديرات في العالم. هؤلاء حقّقوا ثرواتهم عبر الوراثة بنسبة 66.7% ومن خلال استغلال علاقاتهم السياسية لاستثمار الموارد المُتاحة بنسبة 33.3%

2.252
هو عدد المليارديرات في العالم في سنة 2017، أي الأثرياء الذين يملكون أصولاً صافية بقيمة مليار دولار وما فوق

75 مليار دولار
هي القيمة المُقدّرة للأعمال الفنية التي يمتلكها الأثرياء في العالم في تقييم ثرواتهم الخاصة، في مقابل 5 مليارات دولار تشكّل قيمة مقتنياتهم الثمينة من السيارات القديمة