العدل في لبنان كـ «إله التمر» الذي كان يعبده عرب الجاهلية، فإذا ما اشتد بأحدهم الجوع التهمه. هكذا هي العدالة في بلادنا، تُعبد وتُمجّد في الرخاء، وعند حاجتها تؤكل. يأكلها من يُفترض به أن يقيم العدل، بضغط من مُتنفّذ، ليُحرم منها محتاجها الضعيف. وقضية حسن ذيب دليل على ذلك. يسأل حسن: «من يعطي الحق للمظلوم إذا كان ظالمه قاضياً». قصته بدأت على خلفية مشادة عائلية أمام عدد من أبناء قريته، في 25/07/2010، مع شقيقته ابتهاج وابنها خضر س. المعاون في قوى الأمن الداخلي، تقدّمت الشقيقة إثره بادعاء تتهمه فيه بأنه أقدم، وابنه حسين، على الاعتداء عليها وعلى ابنها بالضرب والإهانة، فيما ادعى ابنها أن حسين شهر السلاح في وجهه. وأرفقا الادعاء بتقرير طبيب شرعي يعطي ابتهاج تعطيلاً لمدة أسبوعين، وابنها ليومين. فُتح التحقيق لدى مخفر مرجعيون عند العاشرة من مساء تلك الليلة. جرى الاستماع إلى الادعاء والشهود. كذّب جميع الشهود واقعة شهر السلاح أو وجود حسين في المشادة أساساً. كذلك ظهر تناقض في إفادات الجهة المدعية، ففيما قالت الوالدة إنها لم تشاهد ابن شقيقها، أكّد ابنها أن الأخير شهر في وجهه مسدساً حربياً، كما أن تقرير الطبيب الشرعي حُرّر عند العاشرة والنصف من مساء الليلة نفسها، علماً أن المحضر كان قد فُتح قبل نصف ساعة، ومنزل الطبيب الشرعي موجود في الغبيري! أثبتت الوقائع كافة، بحسب محاضر التحقيق، الافتراء بحق المدعى عليهما، لكن القاضي حكم بحبس ذيب عشرة أيام. يؤكد حسن أن الادعاء مفبرك، متحدثاً عن ضغوط مارسها مرجع قضائي أدت الى صدور الحكم مخالفاً لأبسط مقتضيات العدالة. ويسرد تجاوزات شابت القضية، «فقد حُرمت حقي بتوكيل محام»، كما أن القاضي عيّن موعد إصدار الحكم من دون إمهاله للاستماع إليه، ويضيف: «حضرت ولم يحضر القاضي في الموعد الذي عُيِّن لصدور الحكم في 19/1/2011، لكن الحكم صدر»، مؤكداً أن في حوزته «مستنداً يؤكد غياب القاضي في ذلك اليوم، إذ إن إحدى الدعاوى أجّلت حينها».
يتحدث حسن عن تلاعب في شكوى تقدم بها لدى النيابة العامة في النبطية. فقد ادعى في شكواه على كل من ابتهاج وخضر، لكن بعد استحصاله على صورة من الملف تبين أن إحالة النيابة العامة تتضمن اسمه واسم خضر س. إذ «كيف أكون مدعى عليه في دعوى أقمتها؟». ويلفت إلى أن التلاعب وصل إلى وضع اسمه مكان اسم ابتهاج، بدليل السواد الموجود تحت الاسم، ولمّا سأل عن النسخة الأصلية أفيد أن «الملف أخذه القاضي إلى منزله».
تقدم حسن بشكوى إلى هيئة التفتيش الق ضائي، ادعى فيها أن ظلماً لحق به بسبب تدخل شخصيات نافذة. وادعى أن رئيس المحكمة أصدر حكمين مخالفين للواقع. أكدت هيئة التفتيش أحقية قضيته، لكنها أفادته أنها غير معنية سوى بمحاسبة القاضي. حسن ذيب فار اليوم من العدالة. لا يريد أن يقضي عشرة أيام في السجن لأن ظلماً نزل به. أرسل رسالة إلى وزير العدل شكيب قرطباوي يشكو فيها نفوذ أحد المراجع، ويطالب بإعادة محاكمته أمام «محكمة عادلة»، إذ «لا تهمني محاسبة القاضي. كل ما أريده هو إنصافي».