أمام معاصر زيت الزيتون، يعتصم المزارعون بعبارة «يا زيت مين يشتريك»، في إشارة إلى تكدس صفائح زيتهم من مواسم سابقة. فهؤلاء رغم اعتصامهم لن يجدوا حلاً مع الدولة لجهة منع استيراد الزيت المغشوش، وليس في اليد حيلة إلا عصر الزيتون كي لا يتلف محصول يذهب أكثر من 70% منه لاستخراج الزيت.فاحت رائحة الزيتون المعصور من معصرة أبو محمود في إقليم التفاح. هناك، يسرد الرجل مسيرة استخراج الزيت، قائلاً «نغسل الحبات بالماء وننظفها من الاتربة والاوساخ ونرميها في المعصرة». دواليب حجارة المعصرة تدهسها لتمر بثلاث أقنية «واحدة للماء وأخرى للفضلات وثالثة للزيت الصافي». يتذوق الرجل زيتا خرج لتوه من المعصرة، فلا يخرج من فمه إلا عبارة «يا زيت مين يعرف قيمتك». ويكمل حديثه قائلاً «الزيتون بعد عصره تنتج عنه نفايات ملوثة منها السائل (زيبار) ومنها الصلب (الجفت)، والأخير يستخدم للتدفئة والفحم». ويضيف «جودة الزيت تحددها نوعية الشجرة وثمرتها ونوعية التربة وما إذا كانت الحبة عبية». وإلى هذه الشروط «تضاف عوامل أخرى منها المناخ وطريقة القطاف، على أن نسبة نضوج حبة الزيتون تتفاوت بين قطافها الباكر وبين من يتركها فترات اضافية لتتعرض لشتوة ترفع نسبة زيتها وحموضتها».
وعن طرق استخراج الزيت، يقول أبو محمود «لا زالت طرقاً تقليدية، ومنها المعاصر، حيث تنتشر طريقة الكبس». ويستثني الرجل «بضع معاصر حدثت طرقها باستخدام النظام المتواصل أو الطرد، حيث أنه ثبت علمياً أن الزيت المستخرج من نظام المتواصل فيه نسبة أعلى من مادة الفينولات المضادة للأكسدة من طريقة الكبس». ووفقاً لمستخرجي الزيت، فإن 100 كيلوغرام من الزيتون ينتج ما بين 17 و25 كيلو غراماً من الزيت، لا يقل سعرها عن 150 دولاراً أميركياً.
وعن طريقة الحفظ، يشير الرجل إلى أنه «يحفظ في مكان بعيدٍ عن الحرارة والهواء، يحدد صانعوه عامين لاستهلاكه كوقت مثالي». أما حبوب الزيتون اليابسة، فلا تصلح للعصر بحسب أبو محمود، ولذلك تذهب إلى صناعة الصابون.
يضفي زيت الزيتون نكهة لذيذة على الطعام. أما فوائده الصحية فمتعددة، إذ أنه يسرّع عملية الهضم، كما أن طعمه الحار فيه مواد مضادة للأكسدة، وهو غني بالدهون الجيدة غير المضرة لصحة الانسان. ويعتقد البعض أن متناولي زيت الزيتون أقل عرضة للأزمات القلبية لكونه يخفض ضغط الدم، فيما يشير آخرون إلى أن تناول الزيت يخفف من الإصابة بسرطان الثدي. ومن المعتقدات الشعبية أن الزيت مفيد لتدليك الجسم وهو مبيض للأسنان، وإذا ما خلط بالزيزفون فانه يتيح علاجاً مفيداً للحروق. ولكل هذه الأسباب يشهد زيت الزيتون زيادة عالمية في الطلب على استخدامه.