يعقد مجلس القيادة الجديد في قوى الأمن الداخلي أولى جلساته، اليوم، ويفتتحها ببحث ترقيات الضباط العالقة منذ السنة الماضية. الجلسة هي الأولى للمجلس الغائب منذ تشرين الأول عام 2010، نظراً الى انعدام النصاب القانوني وعدم ملء الشواغر التي طاولت مراكز بعض قادة الوحدات. ويبرز في الجلسة المنتظرة، التي كان من المتوقع أن يحضرها وزير الداخلية مروان شربل، لولا انشغاله بجلسة الهيئة العامة في مجلس النواب، موضوع الترقيات كبند وحيد على جدول أعمال المجلس، وهو ما أثار استغراب أكثر من متابع لشؤون المؤسسة الأمنية، فقد تساءل هؤلاء عن سبب تخصيص الجلسة لبحث هذه المسألة حصراً، دون الكثير من الأمور الملحة التي تنتظر اجتماع مجلس القيادة. فبالإضافة إلى الترقيات، تطل مسألة التشكيلات، أو ما يُعرف بأمر النقل العام، برأسها، كأمرٍ ملحّ. فهناك عشرات الضباط موجودون في مراكزهم، على نحو مخالف للقانون، منذ سبع سنوات. إذ إن آخر أمر نقل عام صدر عام 2004، علماً بأن القانون يحظر بقاء الضابط في مركزه أكثر من أربع سنوات.مسؤول أمني أوضح لـ«الأخبار»، رداً على هذه التساؤلات، أن الجلسة ستبحث ملف كل ضابط على حدة، من رتبة ملازم أول إلى رتبة عقيد، لافتاً إلى أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، الأمر الذي دفع بالمدير العام إلى تخصيص جلسة كاملة لبحث الترقيات. وأشار إلى أن المجتمعين سيتطرقون إلى إضبارة كل ضابط للوقوف على ما فيها من عقوبات وتنويهات، موضحاً أن مسألة الترقيات هي الأكثر أولوية، باعتبار أن تأخير بتّ الترقية المستحقة قد يحول دون ترقية المستحقين الجدد لها حفاظاً على عدم الإخلال بالتراتبية داخل مؤسسة قوى الأمن الداخلي.
والجدير ذكره أن تمرير الترقيات بات بحاجة إلى مشروع قانون لإقرارها بمفعول رجعي، علماً بأنه يتردد أن النائب غازي زعيتر بصدد اقتراح قانون في مجلس النواب لإقرار ترقيات الضباط.
مسؤول أمني آخر رأى أن من «الخطأ وغير المنطقي إصدار تشكيلات الضباط من دون بتّ مسألتين فائقتي الأهمية». تتعلق الأولى بإنهاء ملف ترقية الضباط، وتتعلق الثانية بانتظار تاريخ 3 تشرين الأول، موعد انتهاء مهلة تقديم الطلبات للضباط الراغبين في التقاعد وفق قانون الحوافز. وبحسب المسؤول المذكور، قد ينقل ضابط إلى أحد المراكز ليعين فيه، قبل أن يتبين، في ما بعد، أن الضابط المعين حديثاً يريد التقاعد، وبذلك تنشأ مشكلة إيجاد البديل. انطلاقاً من ذلك، يبرر المسؤول الأمني صوابية تأخير بتّ التشكيلات إلى ما بعد الانتهاء من مهلة تقديم طلبات التقاعد، ولا سيما وسط ما يتداول عن أن خمسة ضباط من قادة المناطق تقدموا بطلبات إنهاء خدمتهم، وهم بصدد التقاعد، فضلاً عن عدد من مساعدي قادة الوحدات أيضاً. لذلك كان الخيار هو التروي حتى حسم هذه المسألة لمعرفة من سيبقى ومن سيرحل.
لائحة القضايا العالقة تطول، وورشة العمل التي تنتظر المجلس الجديد حافلة. فبالإضافة إلى ترقيات الضباط والرتباء، وتشكيلات الضباط بين المراكز الأمنية، تبرز قضية الفرع ـــــ الشعبة. ملف فرع المعلومات الذي يُنتظر أن ينفجر على طاولة مجلس القيادة، إذ لم يُتوافق عليه مسبقاً. يضاف إلى ذلك، عدد من الأمور الإدارية كملف المساعدات المرضية والتقديمات الاجتماعية للعسكريين. وهناك أيضاً، مشروع القرض السكني الذي عُمل به لنحو شهر قبل أن يتوقف لأسباب مجهولة.
يشار إلى أن مسألة الترقيات كانت قد أثارت انقساماً سياسياً حاداً أواخر السنة الماضية. يومها كان المجلس معطّلاً، فتولّى المدير العام اللواء أشرف ريفي دور مجلس القيادة، الفاقد للنصاب، في إدراج الضباط على هذه الجداول. خطوة اللواء ريفي كانت للحؤول دون انتفاء صلاحية صدور هذه الترقيات بموجب مرسوم، إذ إن جداول الترقية، إذا لم تُنجز قبل رأس السنة، فستصبح الترقية في حاجة إلى قانون يصدر عن مجلس النواب. يومها، انطلق المدير العام في هذا الموضوع مما رأى فيه صلاحيات أناطها به القانون بصفته قائماً بمهمات مجلس القيادة، جراء عدم قدرة المجلس على الالتئام واتخاذ القرار. فبادر إلى رفع لائحة يقترح فيها ترقية نحو 400 ضابط من رتب مختلفة. خطوة ريفي شكّك في قانونيتها وزير الداخلية السابق زياد بارود، فلم يوقّع مشروع مرسوم ترقية ضباط قوى الأمن الداخلي، واستفتى هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل التي ردّت بعدم جواز إصدار ريفي الجداول بنفسه، لأن القانون حصر هذه الصلاحية بيد مجلس القيادة وحده.
يذكر أن أعضاء مجلس القيادة الجديد هم: المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رئيس الأركان العميد جوزف الحجل، قائد الدرك العميد صلاح جبران، قائد جهاز أمن السفارات العميد محمود إبراهيم، قائد الشرطة القضائية العميد ناجي المصري، قائد شرطة بيروت العميد أحمد حنينة، قائد معهد قوى الأمن العميد إبراهيم بصبوص، قائد الخدمات الاجتماعية العميد لحود تنوري، قائد القوى السيارة العميد جوزف جبور، المفتش العام في قوى الأمن العميد روجيه سالم ورئيس الدائرة المركزية العميد محمد قاسم.



للتأخير ظروفه

لماذا تأخر اجتماع مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي حتى الآن؟ سؤال لهجت به ألسنة ضباط كُثر خلال الأيام الماضية، ولا سيما أنّ الشكوى مزمنة» من غياب المجلس المنوط به تنظيم أحوال المديرية وأمور ضباطها. يردد البعض أن المدير العام اللواء أشرف ريفي يعرقل انعقاد المجلس لأسبابٍ غير مفهومة، غير أن أكثر من مسؤول أمني أكّد لـ«الأخبار» أن لا علاقة لريفي بالتأخير، وأن وفاة عم ريفي استوجب تأجيل الجلسة من الخميس الماضي إلى اليوم. كما لفت مسؤول أمني الى مصادفة وجود ثلاثة من قادة الوحدات خارج لبنان لدى صدور المراسيم.