لم يستفق اللبنانيون من هول فظاعة جريمة رأس النبع بعد. انشغل الرأي العام على مدى الساعات الماضية بالجريمة التي قُتل فيها سبعة أفراد من عائلة واحدة. وكانت دوافع الجريمة محور حديث كثيرين استهلكوا أنفسهم لإيجاد مبرر لجريمة لا تبرر. طُرحت تساؤلات عن وقائع الجريمة ودوافعها، لكنها ظلّت بلا أجوبة واضحة. فكيف يُقتل سبعة أفراد من عائلة واحدة بسبع طلقاتٍ نارية من دون أن يلتفت إلى وقوع جريمة بهذا الحجم أيّ من الجيران. وهل يمكن أن يُقتل سبعة أفراد في منزلٍ واحد من دون أن يصرخ أحد منهم. هل ثبت أن القاتل هو الابن البكر لهذه العائلة البائسة، أم أن هناك قاتلاً مجهولاً؟ تساؤلات لا تنتهي، لكنها توضع برسم التحقيق الذي يُفترض به الإجابة عنها لجلاء ملابسات الجريمة. في التحقيقات الجارية، علمت «الأخبار» أن معظم الدلائل المتوافرة لدى المحققين تكاد تحسم بأن القاتل هو هادي، الابن البكر. يستند هؤلاء، بحسب إفادات عدد كبير من الجيران، إلى أن المشتبه فيه كان يعاني من اكتئابٍ مزمن. فيذكرون أنه كان منزوياً ومنطوياً على ذاته، بحيث لم يروه يوماً يتحدث إلى أحد. جميعها احتمالات تساهم في إثبات التهمة عليه. أما في ما يتعلق بسماع صراخ الضحايا، فتتحدث مصادر أمنية وقضائية عن وضعٍ استثنائي كان يعيشه منزل العائلة الضحية. وتشير المصادر إلى عدد من الشهود أكّدوا أنهم سمعوا صراخاً، لكنهم لم يتدخلوا باعتبار أن خلافات المنزل العائلية كانت كثيرة. فظن هؤلاء أنه خلافٌ عابر مشابه لما يحصل يومياً. وتفترض المصادر الأمنية احتمال أن تكون قضايا عائلية ضاغطة أدت إلى انحراف الابن وخروجه عن صوابه أديا إلى وقوع الجريمة. وتستند المصادر إلى الاضطراب السلوكي المزعوم أنه موجود لدى هادي، بحسب الجيران، رغم أن الوالد أكّد أن ابنه كان طبيعياً. من هنا، يستبعد مسؤول قضائي أن يكون المشتبه فيه قد قصد قتل جميع أفراد العائلة، فيلفت إلى احتمال أن يكون الابن البكر أراد قتل أحد أفرادها، لكنه قاسى حالة هستيرية أسفرت عما حصل. كذلك، علمت «الأخبار» أن الوالد لا يزال موقوفاً رهن التحقيق، بانتظار صدور نتائج التحليلات. فقد رُفعت الدماء التي كانت على يديه. أضف إلى ذلك، توافر احتمال لدى القائمين بالتحقيق أن يكون الوالد على علم مسبق بنيات ابنه. فالوالد الذي كان متماسكاً وأجاب عن جميع أسئلة المحققين، بدأ «يولول» ويضرب نفسه قرابة الساعة الثانية من فجر أمس، أثناء نقله إلى نظارة قوى الأمن الداخلي.
مرّ يومان على ارتكاب الجريمة، لكن جثث الضحايا السبع لم تُدفن بعد. لا تزال في مستشفى بيروت الحكومي بانتظار صدور نتائج تحليلات الحمض النووي وفحوص الدم والبول. كما أن هناك عدداً من الأشخاص يخضعون للاستجواب. تجدر الإشارة إلى أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الجريمة حصلت على ثلاث دفعات. فكانت أولى الضحايا الوالدة ومعها الصبي (15 سنة) الذي وُجدت جثته أسفل الطاولة الموجودة في الصالون. وشملت الدفعة الثانية الشقيقة الكبرى (20 عاماً) والشقيق (23 عاماً). وقد عُثر على الشقيقة مصابة بطلق في مؤخرة رأسها أمام غرفة النوم، فيما كان شقيقها مصاباً في رأسه من الخلف ومرمياً داخل المطبخ. أما الدفعة الأخيرة، فتمثّلت بالشقيقتين اللتين أنزلهما الوالد ليذهب ويركن سيارته بعيداً عن المنزل بعدما لم يجد موقفاً بالقرب منه.
يذكر أن التحقيق في الجريمة يجري بإشراف قاضي التحقيق جورج رزق.