اتهامات متبادلة بالفساد والكيدية بين بلديتي غدراس، الحالية والسابقة. لكل طرف أدلّته وبراهينه ووثائقه التي تدحض الشك باليقين، والقضية لا تزال في عهدة القضاء الذي يتوقع أن يعطي كلمته خلال أشهر. «هل يُعقل أن يُصرَف بدل أكاليل وفاة لأشخاص قبل وفاتهم؟»، سؤال يطرحه رئيس بلدية غدراس الحالي فينسينت عطا الله مؤكداً أن «هذا ما فعله أعضاء المجلس البلدي السابق». وأوضح عطا الله لـ «الأخبار» أن التدقيق في الملفات والحسابات أظهر عمليات تلاعب بالجملة قام بها أعضاء المجلس البلدي السابق ما دفع بالبلدية الحالية إلى التقدم بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ضد عدد من أعضاء المجلس البلدي السابق بتهمة التلاعب بأوراق رسمية واختلاس مبالغ مالية من الأموال العامة للبلدية. إلا أن الرئيس السابق للبلدة الكسروانية كارلوس مرعب يدرج الدعوى المقامة ضدّه في خانة «الافتراءات» و«الكيدية السياسية»، نافياً ما يسوّق عن وجود أدلة ووثائق، محتفظاً بحقه في محاسبة كل من نالوا من سمعته. وفي التفاصيل، يقول أعضاء في المجلس البلدي انهم فوجئوا مع تسلم مهامهم العام الماضي، بأن صندوق البلدية شبه فارغ، إذ لم تزد المبالغ الموجودة فيه على 3 ملايين ليرة. ما دفع إلى التدقيق في الحسابات لتتكشف «عملية احتيال» سيقت على أساسها الاتهامات ضد رئيس البلدية السابق. واعتبر المدّعي أن «السرقة شكلت العنوان الأبرز في عهد البلدية السابقة»، مستنداً الى «أدلة» تؤكد حصول «اختلاس للأموال عام 2010». وشنت البلدية حملة ضد المجلس البلدي السابق، ووجّهت أصابع الاتهام مباشرة ضد رئيسه متهمة إياه بـ «تركيب التواريخ وتزوير المستندات واختلاس مبالغ مالية». وتُبرز جهة الادعاء حادثة طريفة إذ أن «جلسة المجلس البلدي بتاريخ 28/4/2010 تضمنت صرف بدل أكاليل في حين أن الشخص المعني توفي بتاريخ 11/5/2010». أي إن ثمن الأكاليل صُرف قبل نحو أسبوعين من وفاة الفقيد. ويسرد عطا الله حادثة أخرى، يرى فيها «الشعرة التي قصمت ظهر البعير»، وهي اعتراف المتعهد مارون عبيد، بموجب إقرار أمام كاتب العدل، بأنه استلم مبلغ 18 مليون ليرة في حين طلب منه، تحت الضغط والتهديد، التوقيع باستلام مبلغ 56 مليون ليرة.
واتهم عطا الله رئيس البلدية السابق بـ«التلاعب بملفات ومستندات بلغت قيمتها 73 مليون ليرة بدل أعمال بناء، إذ استعمل ختمه كرئيس بلدية بتاريخ 19/7/2010 رغم مرور أكثر من شهرين على انتخاب المجلس الجديد». كذلك أُقيمت دعوى على أمينة الصندوق في المجلس البلدي السابق عايده ع. بجرم سرقة مستندات وفواتير ومحاضر رسمية من البلدية.
وأشارت البلدية الحالية إلى صدور قرار عن المحامي العام لدى النيابة العامة التمييزية داني شبلي لجهة الاكتفاء بالادعاء عل الرئيس السابق بـ«سوء استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة»، مؤكدة أنها ستستأنف الحكم في حال صدوره، لتطالب بتوجيه تهم «النهب واختلاس الأموال العمومية للبلدية». وبناء على ما سبق، حُرّرت الشكاوى لدى مخفر غبالة ضد الرئيس السابق بجرائم انتحال صفة واستعمال مزور. كما طالت الشكاوى أعضاء من المجلس البلدي السابق بتهم هدر الأموال العامة وإساءة استعمال السلطة.
لكن مرعب ينفي، من جهته، كل هذه الاتهامات، معتبراً إياها «افتراء محض وكيدية سياسية لا تستند إلى غير أحقاد الماضي». ولفت في حديث لـ «الأخبار» الى أن المدعي العام المالي ادعى عليه بالإهمال في استخدام السلطة، مشيراً إلى أن الفرق شاسع بين التهمتين. ورأى أن ما يُساق ضده لا يزال في إطار الشبهات باعتبار أن حُكم المحكمة لم يصدر بعد. واعتبر أن ما يجري «عملية منظمة» من قبل الرئيس الحالي تهدف إلى تشويه سمعته، مؤكداً بأن لديه «الأدلة والوثائق التي تقطع الشك باليقين». وقال إن ما ساقه عطا الله بأن صندوق البلدية كان شبه فارغ «تنفيه ورقة التسلم والتسليم التي تؤكد وجود 9 ملايين ليرة فيه». وختم بأن «الكلمة الفصل ستكون للمحكمة لجهة إعطاء الحق لأصحابه».