ذات ليلة، رأى شوقي (إسم مستعار) فتاةً واقفة على طريق عام. كان ذلك قبل 5 سنوات، خلال عدوان تموز بالضبط. كانت تائهة وأهلها في الأساس غادروا منزلهم في الضاحية الجنوبية، هرباً من القصف الإسرائيلي. فقد الأهل أثر ابنتهم البالغة من العمر 13 عاماً، وأقاموا في حديقة الصنائع مع حشود النازحين. طلبت الفتاة من شوقي مساعدتها، فأخذها إلى منزل ذويه، حيث أقامت مدّة أسبوع تقريباً. وبعدها، هربت من المنزل. لكن شوقي شاهدها صدفةً بعد أيام على الكورنيش البحري. افتعل معها مشكلة أثناء محاولته إجبارها على العودة. وصادف مرور دورية من قوى الأمن، فأوقفتهما بعد الإشتباه بأمرهما، وأحالتهما على التحقيق. أفادت الفتاة أن شوقي مارس الجنس معها مرّات عدّة خلال أسبوع، بعد أن وعدها بالزواج. من جهته، اعترف الشاب بما ذكرته، ولكن «ما حصل كان برضاها». واجهه المحقق بأن الفتاة قاصر، وأن ممارسة الجنس معها بالمبدأ تعد «جرماً يعاقب عليه القانون». عندها، أنكر علمه بكونها قاصراً، معللاً الأمر بـ«شكلها الذي لا يوحي ذلك». وفي مرحلة لاحقة من التحقيق مع الفتاة، بحضور مندوب الأحداث، أفادت أنها كانت هربت من منزل ذويها، قبل أن يغادروا المنزل بسبب القصف الإسرائيلي، فتاهت حتى التقت بشوقي الذي أخذها إلى منزل ذويه، وعاشرها «معاشرة الأزواج»، طوال مدّة مكوثها معه، حتى «أصابه الملل منها»، فطردها من المنزل، ثم ضربها «على الكورنيش».
استدعت القوى الأمنية والد الفتاة للإستماع إليه. أفاد الأخير أن ابنته هربت من المنزل سابقاً، مبدياً «عدم الرغبة بالإدّعاء على أي شخص ذُكر في المحضر» رافضاً إجراء معاينة طبية لها! وبمتابعة التحقيق مع الشاب، كرر إفادته التي أدلى بها في التحقيق الأولي، لكنه هذه المرة أبدى «استعداداً للزواج بالفتاة». إلا أن الزواج لم يحصل، وبقيت القضية لدى القضاء مدّة 5 سنوات، إلى أن أصدرت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر الحكم فيها. استدعي شوقي إلى المحكمة، فتبيّن أنه موقوف في السجن بقضية أخرى (قضية قتل يحاكم فيها ببعبدا). وأفاد بأنه لا يعرف شيئاً عن الفتاة منذ رآها آخر مرّة قبل أكثر من 5 سنوات. وبناءً على الأدلة، حكمت المحكمة بتجريم شوقي بالجناية المنصوص عليها في المادة 505 من قانون العقوبات (فقرة أولى) وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة به لمدّة 3 سنوات، وتخفيضها إلى الأشغال الشاقة لمدة سنة ونصف السنة. في المقابل، لم يُعرف شيء عن مصير الفتاة، إذ لم تتطرق المحكمة إلى هذا الأمر لكون والدها «لم يتخذ صفة الإدّعاء الشخصي».