أعلنت الجمارك السورية، في الخامس من آب الجاري، أنها «أحبطت عملية تهريب شحنة كبيرة من الأسلحة والذخائر الحربية من لبنان إلى داخل الأراضي السورية عند معبر الدبوسية ــــ العبودية، مخبّأة داخل شاحنة تحمل لوحة لبنانية». إحباط العملية جرى بعد «توافر معطيات عن نية أحد التيارات السياسية في صيدا إدخال الشحنة من خلال شاحنة تعود ملكيتها الى شركة بغدادي للنقل العراقية». وعندما وصلت الى المعبر، أخضعت للتفتيش وظهرت الأسلحة المخبّأة. وبإعلان توقيف سائق الشاحنة للتحقيق معه، انتهى بيان الجمارك السورية لتبدأ معاناة عائلة فواز اللبنانية التي يمثل السائق عمادها ومعيلها.على شرفة منزلها في بلدة الغسانية (قضاء الزهراني)، تتّكئ سلمى القري على صبرها لتحمل مصابها باعتقال بكرها موسى غسان فواز (28 عاماً) و«اتهامه ظلماً بالمسؤولية عن تهريب شحنة الأسلحة». وتقول إنه منذ اعتقاله لم يتصل بالعائلة التي «لم تتلق من أي طرف معلومة تشير إلى أنه لا يزال بخير أو الى مكان احتجازه». الشيء الوحيد الذي وصل منه هو رسالة متلفزة ظهر بها على التلفزيون السوري بعيد اعتقاله، يؤكد فيها أنه لا يعلم شيئاً عن الأسلحة التي كانت محملة في الشاحنة التي يملكها، وأن مهمته اقتصرت على قيادتها لنقل بضائع إلى حمص مؤلفة من قطع غيار وفرط لسيارات المرسيدس لمصلحة تاجر عراقي، قبل أن تنقل بعدها الى العراق.
كانت الرسالة الأثر الأخير لموسى. قصدت الأسرة أكثر من جهة لمعرفة مصيره. راجعت شركة البغدادي التي يعمل فيها منذ سنتين، فتلقوا اتصالاً من صاحب الحمولة (تملك سلمى تسجيله الصوتي) يؤكد عدم علم موسى بأمر الأسلحة، موضحاً أن العملية «لم تكن تهريب أسلحة، بل صفقة تجارية لنقل أسلحة صيد ومستلزماتها اشتراها من لبنان لأنها أرخص ثمناً بهدف بيعها في السوق العراقي». ويلفت التسجيل إلى أن الحمولة تحركت من موقف حي السلم لا من صيدا كما أشيع.
كذلك قصدت الأسرة مراجع سياسية وحزبية حليفة لسوريا، وجرى التأكيد للوالدة أن ابنها «لن يترك لمصيره بمفرده وسنعمل لحل قضيته». إلا أن الوعد لم يصدق حتى الآن. لذلك توجهت بنفسها الى حمص في محاولة للعثور على مكان اعتقاله، من دون نتيجة. وتشير إلى أن تلك الجهات أبلغتها لاحقاً «أننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً له»، وهو ما يثير حرقة في قلبها «لأنه ليس ابن مسؤول أو متنفّذ». بعد أسبوعين على «فقدان» ابنها في حمص، في مقابل مرور عقود على فقدان آخرين، تسلل «اليأس من أهل الأرض» إلى نفس سلمى التي باتت على يقين بأن «الله وحده قادر على إنقاذ موسى المظلوم».