يئس فراس (اسم مستعار) من كل المشاريع الاستثمارية لتوظيف أمواله، فقرر أن يلجأ إلى طريق آخر، وهو الاستثمار في «العالم الآخر»، ظناً منه أنه سيكون الأسرع في مضاعفة رزقه. فبعد محاولات عديدة من توظيف الأموال في مشاريع بناء دون جدوى، وصل فراس إلى اقتناع بأن ثمة «قوة خفية» أو «عنصراً خارجياً» يحول دون استرزاقه، ويعمل على الوقوف في طريقه وسد السبل أمامه. هكذا استعان بأحد الأصدقاء عارضاً مشكلته، فنصحه بالتعامل مع عبيد (اسم مستعار) لكونه شيخاً ذائع الصيت، ومعروفاً بـ«قدرته» على تحسين أوضاع الناس المادية عبر اتصاله مع الجن! عملاً بنصيحة الصديق، توجه فراس إلى الشيخ عبيد مستنجداً. بعد «معاينة» حالة «مريضه» توصل «الشيخ» إلى أن «رزق فراس مقطوع»، وبناءً على هذا «التشخيص»، أعطاه حجاباً كـ«وصفة أوّلية لجلب الرزق». بدأت العلاقة تتوطد بين الرجلين إلى حدود الثقة العمياء، إذ راح عبيد يتحكم في فراس ويطوّعه إلى أن أقنعه بفتح أرصدة مالية لديه ليستثمرها في «العالم الآخر»، مؤكداً أنه سيسلّم تلك الأموال إلى الجن الذي سيعمل على استجابة طلبه. وبالفعل، سلّم فراس «الشيخ» مبلغ مئة وعشرين ألف دولار أميركي، على أمل أن استثماراته ستعود عليه بإيرادات ضخمة، وستُرد إليه أضعافاً مضاعفة. كذلك اشترى فراس لعبيد سيارة من نوع بي أم موديل 1987.
بعد فترة من «توظيف» فراس أمواله في «العالم الآخر»، ومراجعاته المتكررة للشيخ عبيد، أعاد له الأخير مبلغ 40 ألف دولار فقط. ومع تلاشي الآمال بالثروة، اكتشف (!) فراس أنه وقع ضحية الشعوذة والاحتيال. حينئذ تقدم بشكوى ضد الشيخ عبيد إلى النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب. أقرّ عبيد أثناء التحقيق الأولي معه بأنه يترتّب بذمته لفراس مبلغ خمسين ألف دولار أميركي، وأبدى استعداده لتقسيط المبلغ المذكور على دفعات، نافياً أن يكون قد مارس الشعوذة، ومشدداً على أن ما حصل بينه وبين المدّعي «مجرد غلطة» سيعمد إلى تسويتها. وقد أحيلت الشكوى على القاضي المنفرد الجزائي في صيدا، وتغيّب المدّعى عليه كلياً عن حضور جلسات المحاكمة، مقدماً كل مرة مع وكلائه القانونيين معذرة طبية عن عدم الحضور، فرأت القاضية منة حنقير أن هذا الغياب يمثّل قرينة على صحة ما هو مسند إليه وفقاً للمادة 165 أصول محاكمات جزائية.
كذلك رأت أنه استناداً الى الوقائع المذكورة، فإن المدّعى عليه يكون قد مارس فعلاً المناورات الاحتيالية بإيهامه بأنه شيخ يتعاطى مع الجن... ما أدى إلى إيقاع المدعي في الغلط، وسلبه لإرادته، وتسليمه نتيجة ذلك المبلغ المذكور. وبناءً عليه، قضت بإدانته بجرم الاحتيال، وذلك بمقتضى المادة 655 عقوبات، وبحبسه سنداً لها مدة ستة أشهر، وتغريمه مبلغ مليون ليرة، وإدانته أيضاً بمقتضى المادة 768 ع. التي تنص على أنه «يعاقب بالتوقيف التكديري وبالغرامة... من يتعاطى بقصد الربح مناجاة الأرواح والتنويم المغناطيسي... وكل ما له علاقة بعلم الغيب...» وبحبسه سنداً لها مدة 10 أيام وتغريمه مبلغ خمسين ألف ليرة، وبإلزامه دفع مبلغ ستة وسبعين ألف دولار أميركي للمدّعي.