علّق آلاف البقاعيين آمالاً كبيرة على مبلغ المليار ليرة الذي صرف لمؤسسة مياه البقاع بداية العام الجاري، فاعتقدوا أن مشكلة هدر المياه من الشبكات المهترئة ستجري معالجتها وتُخفَض نسبتها، كما سيجري ملء الشواغر والتعاقد مع 200 موظف وفني تحتاج إليهم مكاتب المياه في البقاع، لكن الخيبة كانت أكبر، إذ لم يرشح من ذلك المبلغ سوى لوحات إعلانية احتلت منذ فترة مساحات على الطرقات، للتأكيد على اشتراكات عام 2011 وتوعية المواطنين على مضار الهدر.ولأن سائر القرى على امتداد البقاع باتت على موعد دائم مع العطش كل صيف، سجل لبعض البلديات في غربي بعلبك محاولة استباقية للحؤول دون هدر المياه ومواجهة أزمة مياه الشفة، إذ أكد نائب رئيس بلدية شمسطار ــــ غربي بعلبك عبد الحميد الزغبي لـ«الأخبار» أن البلدية وجدت نفسها «ملزمة بوضع خطة لترشيد استهلاك مياه اليمونة في البلدة، بعدما غابت مؤسسة المياه بالمطلق عن تأدية خدماتها، على الرغم من المطالب المتكررة»، مشيراً إلى أنه، منذ بداية العام، أُلّفت لجنة لإعداد مشروع دراسة بشأن كيفية توفير المياه للأهالي، التي تبين بنتيجتها «أنه لا بديل لمواجهة أزمة المياه سوى بضبط استهلاك المياه والعمل على تركيب «عيارات» (قطع كانت قديماً تستخدم للحد من كمية المياه المستخدمة)، بدلاً من العدادات و«السكورة» المعطلة وغير الصالحة، وذلك بسبب العيوب التي تشوب تلك القطع، التي جرى تركيبها ضمن إطار عملية تنفيذ شبكة المياه للمنطقة، التي كانت عبارة عن صفقة» كما يقول الزغبي.
انتهت الدراسة، واتخذ المجلس البلدي في شمسطار، قراراً بشراء «العيارات» لنحو 2450 وحدة سكنية، إضافةً إلى «فواشة» (طابة خزان المياه لمنع الفائض)، ولتتوجه البلدية إلى التنفيذ مباشرة، قبل بدء الأزمة، فباشرت على عجل بواسطة فريقي عمل، يتألف كل منهما من عاملين للحفر و«سمكري» وشرطي بلدي، وخصصت لهم رواتب على عاتق موازنة البلدية. الزغبي لفت إلى أن العمل انطلق منذ شهرين تقريباً، لتركيب «العيارات»، وسط تعاون من جانب الأهالي، ولكل المنازل في البلدة بدءاً من الأحياء المنخفضة جغرافياً باتجاه تلك المرتفعة، موضحاً أنه جرى تركيب 900 عيار مياه، ونحو 800 «فواشة» لخزانات المنازل، في الوقت الذي جرى فيه تقاضي مبلغ بقيمة 25 ألف ليرة عن كل منزل، كبدل عن القطع والحفر والتوصيل والصيانة.
النتائج الإيجابية للمشروع عكستها حالة الرضى التي بدأت تظهر معالمها لدى الأهالي، إذ تسنّى لبعض القاطنين في مرتفعات بلدة شمسطار أن تصلهم المياه، بعد غياب دام سنوات طويلة. فقد أوضح الزغبي أن توزيع المياه حالياً يجري تقسيمه وفق برنامج تغذية على الساعات للأحياء في البلدة، فضلاً عن متابعة البلدية لأعمال الرقابة الدورية على ما جرى تنفيذه، وضبط عدد كبير من عمليات التهريب، في بساتين ومزارع دجاج ومنازل، لكن الزغبي رأى أن البلدية «لا تملك سلطة تنظيم محاضر ضبط واتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين»، وينتظر أن يبادر موظفو مؤسسة المياه إلى «قمع هذه المخالفات أو مساعدتنا على ذلك».
وتجدر الإشارة إلى أن بلدية شمسطار تمكنت بتمويل من الصندوق الكويتي من تجهيز بئر مياه في البلدة، للمساعدة على توفير المياه في فترة شح نبع اليمونة، وقد تقدمت البلدية بكتاب خطي إلى وزير الطاقة منذ فترة عن حاجة البئر إلى محطة كهربائية لتشغيل المضخات الرئيسية، وجرت الموافقة عليه، بحسب الزغبي، الذي أكد أنه بنتيجة الاستفسار عن الأموال التي صرفت للمشروع، «جرى التأكيد لنا أنها صرفت في عمل آخر، وقد تقدمنا بطرح يقضي بدفعنا المبلغ مقابل الحصول على شيك مؤجل بالمبلغ، لكنه لم يوافق أيضاً، لذلك نتوجه بمناشدة إلى الوزير جبران باسيل للاطلاع على الأمر وبته» كما يقول.
بلدية شمسطار ـــــ غربي بعلبك لم تنفرد بمشروع ترشيد استهلاك المياه فقط، بل اتخذ المجلس البلدي في بلدة طاريا أخيراً قراراً أيضاً يقضي بالشروع في تنفيذ مشروع تركيب «عيارات» للمياه.