في إطار سعيه للحصول على المستندات التي تتيح له ملاحقة المسؤولين عن اعتقاله تعسفاً، طعن أمس اللواء الركن جميل السيد بقرار قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين الصادر في 22 تموز الفائت. وكان فرانسين قد عبّر عن تفهّمه لاعتراض المدعي العام دانيال بلمار على تسليم السيد مستندات تشير الى الموقف الذي عبّر عنه رئيس لجنة التحقيق الدولية الى المدعي العام اللبناني، القاضي سعيد ميرزا، بشأن الاستمرار في اعتقال الضباط الأربعة، وأخرى تتضمّن إفادات شهود ومحاضر تحقيق. أما بلمار فانتظر حتى اليوم الأخير من مهلة التسليم (14 تموز) ليرفع مذكرة الى القاضي يبرّر فيها عدم تسليم المستندات بحجة أن بعض الذين وردت أسماؤهم في المستندات أودعوا المحكمة مذكرات عبّرت عن خشيتهم على سلامتهم وأمنهم إذا سلّمت المستندات الى السيد. وادّعى هؤلاء بأن السيد مارس التهديد بحقّهم، على الرغم من أن طلباته من المحكمة كان يفترض أن تبقى سرية. وبالتالي تبين للسيد أن المدعي العام سرّب معلومات عن مضمون المستندات التي يطلب الحصول عليها الى بعض الذين وردت أسماؤهم فيها بهدف حثّهم على المطالبة بالحماية عبر عدم تسليم تلك المستندات. وقد استند السيد الى ثلاثة دوافع للطعن بقرار فرانسين وهي:1- عدم اختصاص المحكمة لتأمين الحماية لأشخاص لا يعتبرون من بين الشهود. وكان بلمار قد أعلن عدم عزمه اعتمادهم كشهود في القضية.
2- ان الأشخاص الذين طلبوا الحماية لا يتمتعون بالصدقية بحسب قرار فرانسين الصادر في 27 نيسان 2009، اذ إنهم كانوا قد قدّموا معلومات كاذبة أدت الى الاعتقال التعسفي.
3- ان القرار القاضي بحماية هؤلاء الأشخاص من الملاحقة القضائية يناقض النظام العام عبر قيام محكمة تعدّ نفسها غير قابلة لمقاضاة شهود الزور بتأمين حمايتهم من الملاحقة في محاكم أخرى.
وقبل البحث في أسباب إصرار بلمار على حماية المسؤولين عن جريمة اعتقال تعسّفي دام نحو أربع سنوات، لا بدّ من الإشارة الى أن الوقت كان متاحاً لتقدم المدعي العام باعتراض على التسليم بحجة الأمن والسلامة منذ العام الفائت، لكنه قرّر اللجوء، في اللحظة الأخيرة، الى هذه «الحيلة» لأسباب مجهولة. كما تجب الإشارة الى أن أحكام القاضي فرانسين التي سمحت، مبدئياً، بتسليم السيد المستندات التي طلبها، تشترط استخدام تلك المستندات حصراً في إطار الإجراءات القضائية ومجريات العدالة، وقبل السيد هذا الشرط الذي يتناسب مع الأسباب الموجبة لطلباته. ولدى مراجعة مواقف المدعي العام من الطلبات التي تقدم بها السيد من المحكمة الدولية، يتبين أنه مصرّ على حماية بعض الأشخاص من الملاحقة القضائية، على رغم خسارته طعنين تقدم بهما ضدّ قرارات تعدّ لمصلحة السيد. ويتداول موظفون في المحكمة في لاهاي بأن بلمار كوّن موقفه في هذه القضية انطلاقاً من حرصه على الحفاظ على علاقات متينة مع بعض المسؤولين السياسيين والقضائيين اللبنانيين الذين كانوا قد عبّروا له ولأركان مكتبه عن عدم مخالفتهم للقانون اللبناني في احتجاز الضباط المشتبه فيهم لنحو أربع سنوات، وأن أي خطوة قد تساهم بمقاضاتهم قد تؤثر سلباً على المسار الذي يخوضه بلمار.