يضع المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال بلمار بتصرّف الدفاع «بلغة يفهمها المتّهم» نسخاً عن «الأدلة المؤيدة التي أرفقت بقرار الاتهام، وأيضاً جميع افادات المتهم التي تلقاها المدعي العام على أن يتم ذلك خلال 30 يوماً من المثول الأول للمتهم أو في أية مهلة أخرى يحددها قاضي الاجراءات التمهيدية؛ ونسخاً عن افادات جميع الشهود الذين يعتزم المدعي العام طلبهم في الدعوى، وجميع الافادات الخطية ونصوص الافادات (…) وإفادات سائر شهود الادعاء» (المادة 110 من قواعد الاجراءات والإثبات). وبغضّ النظر عن التوقعات في لاهاي والتي تشير الى اتجاه المسار القضائي نحو محاكمات غيابية، تمنح القواعد بلمار مهلة تنتهي في 22 أيلول (30 يوم عمل بعد 11 آب) لوضع المستندات «بلغة يفهمها المتّهم» بتصرّف الدفاع، وذلك اذا مثل المتهم أمام المحكمة في 11 آب (وهو التاريخ الذي تنتهي فيه مهلة تقديم السلطات اللبنانية تقريرها عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ مذكرات التوقيف). أما اذا تعذر مثول المتهم في هذا التاريخ أو قبل حلوله، فيبادر القاضي دانيال فرانسين الى توجيه أمر الى بلمار بإبلاغ الدفاع في موعد آخر يحدده «حسب المقتضى». وبما أن القواعد تشدّد على «اللغة التي يفهمها المتهم»، طلب فرانسين أول من امس من مكتب المدعي العام ومكتب الدفاع وقلم المحكمة أن يحيلوا اليه وجهة نظرهم في تحديد (1) لغة واحدة أو أكثر من لغة لتكون معتمدة في اعمال المحكمة؛ (2) لغة (أو لغات) المستندات التي يُعلن عنها؛ (3) لغة (أو لغات) المستندات والافادات الشفهية التي يقدمها المدعي العام والدفاع والضحايا المشاركين للمحكمة؛ و(4) لغة محاضر الجلسات. صحيح أن نظام المحكمة الدولية الاساسي حدّد اللغات الرسمية للمحكمة الخاصة بالعربية والفرنسية والإنكليزية، لكن المادة 14 منه أضافت أنه «عند الشروع في إجراءات أي قضية، يجوز لقاضي الإجراءات التمهيدية أو إحدى الدائرتين (الدرجة الاولى والثانية ـــــ الاستئناف) استخدام إحدى هذه اللغات أو اثنتين منها لغات عمل حسب المقتضى».
لكن على فرانسين أن يضمن تبليغ كلّ متهم «في أقرب وقت وبالتفصيل، وبلغة يفهمها، طبيعة التهمة الموجهة إليه وسببها» (الفقرة أ المادة 16)، وعلى المحكمة أن «توفر له مجاناً مساعدة مترجم شفوي إذا كان لا يفهم اللغة المستخدمة أو لا يتكلمها» (الفقرة ز).
راجعت «الأخبار» كيفية تعامل المحاكم الدولية الاخرى مع موضوع اللغات والترجمة، فتبين أن معظمها يعتمد الاتفاقية المبرمة بين الامم المتحدة ومؤسسة مترجمي المؤتمرات الدولية (UN-AIIC Agreement) لكن هذا الامر لا ينطبق على المحكمة الخاصة بلبنان. فوجّهت «الأخبار» سؤالاً بهذا الشأن الى المتحدّث الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف. وجاء الجواب على النحو الآتي: «بما أن المحكمة الخاصة بلبنان ليست من بين مؤسسات الامم المتحدة فهي ليست معنية بالاتفاق بين الامم المتحدة ومؤسسة مترجمي المؤتمرات الدولية. لكن قسم الخدمات اللغوية في المحكمة يعتمد المعايير المهنية والأخلاقية التي تتناسب مع معايير مؤسسة مترجمي المؤتمرات الدولية» وأضاف أن المادة 46 من قواعد الاجراءات والإثبات تحدّد المسؤوليات الأخلاقية للعاملين باللغات في المحكمة». لكن نصّ تلك المادة اقتصر على «تعهد المترجم الفوري أو المترجم التحريري رسمياً، قبل توليه مهامه، وأمام رئيس القلم، بأن يقوم بواجباته بأمانة واستقلالية ونزاهة وبالاحترام التام لواجب السرّية» من دون أن تحدّد التفاصيل التي تحدّد المقصود بالأمانة والاستقلالية والنزاهة. فكيف يمكن تمييز الخطأ اللغوي المقصود من الاخطاء غير المقصودة؟