حينما قرر المخرج جورج لوكاس صنع «إنديانا جونز»، ناقش الشخصية مع زاهي حواس، الذي أخبره عن القبعة والسراديب والقبور المخبأة... مبادئ أسست لسلسلة «إنديانا جونز»، التي نظّم حواس محاضراته بعدها للتماشي مع المشاهد السينمائية. ولأن له قدرة غريبة على استعمال السلطة والخروج من المشاكل على نحو شبه سالم، كاد حواس أن يفلت من «براثن» الثورة، ويخرج الصديق المقرب لسوزان مبارك منتصراً مع الثوار من أمام باب المتحف المصري المنهوب، لكن «المشهد السينمائي» لم ينجح بسبب مثابرة علماء الآثار المصريين الذين رفضوا عودة «الفرعون» و«غاصب الاكتشافات ومحولها الى سلعة إعلامية». رفضوا أن ينصاعوا لأوامره حتى عادت رئاسة الحكومة عن قرارها، وأرسلت وزير آل مبارك الى منزله. وحواس يعمل بجهد ليشرح الرشى المالية المتهم بها. فهو كان يتقاضى سنوياً مبلغ 200.000 دولار اميركي من مؤسسة «ناشيونال جيوغرافيك» التي تنظم له جولات عالمية حول المكتشفات الجديدة، ويتقاضى مبلغ 15.000 دولار عن كل محاضرة يلقيها، كل ذلك لأنه «مستكشف في الإقامة». منصب تشرح المؤسسة أنه «يشرف من خلاله على المقالات التي تتحدّث عن الاكتشافات الحديثة، ويسهّل عمل البعثات في المواقع الأثرية». وللتذكير: تحارب «ناشيونال جيوغرافيك» الفساد عالمياً حينما لا يتماشى مع مشاريعها الخاصة، لكن عندما يعطيها القدرة الحصرية على العمل في مصر، تجد له لقباً ومنصباً عالمياً!
وأكد حواس لجريدة نيويورك تايمز أنه لم يخالف القانون المصري الذي يسمح للموظفين بأن يتقاضوا أجوراً لأعمال من خارج إطار الوظيفة!
أما الرشى الثانية، فهي عمل المتحف المصري حصرياً مع شركتين أميركيتين تتوليان تسويق المعارض والتذكارات. الأولى هي Art & Exhibitions International التي تسلّمت منذ حتى 2003 ـــــ 2013 تنظيم الجولات العالمية لمومياء الفرعون توت عنخ أمون ومقتنياته، التي كانت ستؤمن لمصر مبلغ 100 مليون دولار، على أن تهب مؤسسة سوزان مبارك مبلغ مليوني دولار. وبالطبع أُعطيت الأرقام من دون تحديد المبالغ التي جنتها الشركة.
أما الخلاف الثاني، فهو مع شركة Exhibit Merchandising. وهذه الأخيرة مسؤولة منذ سنين عن تسويق «قبعة زاهي حواس»، وباتت منذ بداية السنة الجارية تدير (على نحو غير قانوني) متاجر التذكارات في المتحف الوطني في القاهرة. وعن بيع القبعة أكد حواس أن الهدف هو دعم المؤسسات الخيرية المصرية، مثل «متحف الطفل» ومستشفى الأطفال للأمراض السرطانية التابعين لسوزان مبارك! وأوضح أن القبعة أمنت 500.000 دولار دعماً لهذه المؤسسات الخيرية، من دون تحديد دخله الشخصي من هذا المنتج، لكنه قرر تسويق «مجموعة زاهي حواس من الألبسة» التي تجمع الأناقة بحس المغامرة!
في الحقيقة الرجل لم يعد عالماً، بل أصبح نجماً سينمائياً في ثياب عالم الآثار. فقد حاز جائزة ايمي لدوره في وثائقي عن الآثار المصرية. لذا يجب أن يكمل مسيرته في الإعلام على أن يتحول سلعة تستغلها مصر لجلب السياح. يجب أن تتحول الآية: حواس سلعة مصر بدل مصر سلعة حواس.