عكار | مضت أكثر من سنة على وفاة رئيس بلدية شربيلا السابق كابي أسعد بشور، ومع ذلك لا تزال البلدة تعيش تداعيات وفاته. فالراحل بشور ترأس أول مجلس بلدي أنشئ عام 1998، ثم أعيد انتخابه وتعيينه رئيساً عام 2004، ولولا وفاته بنوبة قلبية قبل انتهاء عمليات الفرز عام 2010 بنصف ساعة، لكان هو رئيس المجلس الثالث لبلدية شربيلا.على مسافة خمسة كيلومترات من بلدة حلبا، يبدأ مدخل شربيلا. يبدو لافتاً أول الأمر نظافة طرقاتها رغم ضيقها، وترتيب جدرانها من دون أن تبلغ مظاهر الأبهة. وبالسؤال عن مقر المجلس البلدي تأتي الإشارة بالتوجه إلى منزل رئيس البلدية جورج الوراق، ومع ذلك فالمقر موجود، لكنه عبارة عن غرفتين فقط ضمن مبنى المدرسة الرسمية المقفلة. وهذا ما يخالف على نحو عام النمط السائد في اشتغال عموم البلديات في عكار، حيث يقع في أولويات المجالس البلدية تجهيز المبنى البلدي الفخم، ثم يليه في تعيين الأولويات تشييد أضخم الجدران حتى إذا شرعت البلدية في مناقشة خططها التنموية كانت الموازنة قد استُنفدت في تشييد الجدران وفي صيانة مبنى المجلس البلدي.
قلة مظاهر الأبهة، يلاقيها من ناحية أخرى خلو البلدة من صورة زعيم ولافتات الشكر والتأييد، وهي في ذلك تخالف أيضاً عموم الواقع في عكار، إذ لا تسقط لافتة إلا لترفع واحدة محلها.
هكذا تبدو شربيلا بلدة صغيرة، يرأس بلديتها، بعد وفاة كابي بشور، العضو الأكبر سناً، جورج الوراق، الذي يعمل في ورشة للتبليط في النهار، ويزور الأصدقاء في المساء. أما اجتماعات المجلس البلدي، فيقول الوراق «الحاجة إليها قليلة لأن أموال الموازنة بالكاد تكفي لتسديد مستحقات الشركة المكلفة بجمع النفايات، وتنظيف الأقنية وبعض أعمال الصيانة في محطة صغيرة لتكرير المياه المبتذلة»، إضافة إلى تشييد جدار صغير من هنا أو هناك لا يستوجب بت أمره الكثير من الاجتماعات. تبدو شربيلا بعين الناظر عن بعد خالية من أي تنافس أو صراع، ويبدو للوهلة الأولى أن رئيس البلدية الراحل بشور محط إجماع أهل البلدة، وخاصة أنه جرى تشييد نصب تذكاري له على مدخل البلدة، كما لا تزال العبارات المعبرة عن الولاء له تغطي الأعمدة على امتداد طرقات البلدة، ومنها «ستبقى بصماتك البناءة المحفورة في كل شربيلا شمساً تنير طريقنا في العمل للسير على خطاك... وليعلم الجميع أننا أُسود خلفك».
لكن تشييد النصب التذكاري وملء الشوارع بالعبارات المعبّرة عن الولاء للراحل، مثّلا بحد ذاتهما مبرراً ومؤشراً أيضاً إلى أن وفاة بشور بنوبة قلبية لحظة فرز الأصوات عكست حدة المنافسة الانتخابية، ثم أتبعت بانقسام بلغ حد القطيعة بين الفريقين المتنافسين، انتقلت معه المنافسة من إطارها العائلي بين عائلتي شدراوي والوراق، اللتين تمثّلان مركز الثقل الانتخابي في البلدة، لتتخذ بعداً يتفق فريقا الصراع على توصيفه بالسياسي، لكنهما يختلفان في تعيين معنى هذا البعد السياسي. مع العلم أن السواد الأعظم من أبناء شربيلا يؤيد التيار الوطني الحر، إضافةً إلى حزبي البعث والقومي. ومع العلم أيضاً أن رئيس البلدية الحالي جورج الوراق ينتمي إلى التيار الوطني الحر تماماً كما هي حال منافسه في رئاسة اللائحة المنافسة نقولا الشدراوي.
فبينما يرى أنصار المجلس البلدي الفائز أن العمل البلدي يجري على خير ما يرام، وأنه لا فساد ولا رشوة ولا تمييز في العمل البلدي بين الخصم والمؤيد، يرى الفريق الآخر أن المجلس البلدي الحالي اختصر العمل البلدي «بجمع النفايات وتشييد بعض الجدران»، ويقول نقولا شدراوي إن «البشر والإنسان قبل الحجر والجدران»، وإن رئيس البلدية السابق اختزل المجلس بشخصه، وكان مدعوماً من السوريين لأنه عضو عامل في حزب البعث، ومع ذلك رفض كل محاولات التوافق بسبب الرغبة في الاستئثار برئاسة المجلس مدة ثلاث دورات متتالية.
أما المرشح المستقل، أسامة شدراوي، فيأسف لاتخاذ الانتخابات أبعاداً وصلت إلى حد المقاطعة الاقتصادية والمعيشية بين أبناء البلدة الواحدة.