لا يستطيع معظم من يسلك الطريق السريع باتجاه منطقة صور، إلا أن يؤخذ بالسهل الساحلي المنبسط تحته، بدءاً من بلدة عدلون (قضاء الزهراني) وصولاً إلى القاسمية. بساتين الحمضيات وحقول الموز والبطيخ لا تأخذ سحرها من طغيان اللون الأخضر فحسب، بل من تداخله مع أزرق الشاطئ الذي يحاذيه. من فوق، يبدو البحر المترامي مغرياً، ينادي محبيه، ولا سيما أولئك الذين يسمعون عن نظافة مياهه التي لم تلوّثها مياه الصرف الصحي في عدلون، التي رفضت بلديتها مد الشبكة باتجاه البحر للمحافظة عليه. هذا فضلاً عن أن بعض شواطئه الرملية، تعدّ مقصداً تاريخياً للسلاحف البحرية لتضع بيوضها.وإذا ما لبّى المحبّ نداء بحر عدلون وتوجه لسلوك الطريق البحرية، يجد نفسه أمام «حزورة» صعبة. من أين يدخل إلى البحر؟ المفارق كثيرة من جهة الغرب، لكنها تبدو ممرات خاصة بالأراضي الزراعية التي تفصلها كيلومترات عن الشاطئ. في نهاية المطاف، يعثر الباحث أخيراً على محطة بحرية قريبة من الشارع الرئيسي تدعى الميناء. وهي عبارة عن استراحة أنشئت منذ سنوات على الصخور في وسط الماء يميناً، وشاطئ رملي ضيق يساراً، علماً أن الطريق إلى تلك المحطة، ترابية غير مجهزة، ويبدو أن الأبنية الحديثة التي شيّدت على جانبيها جعلتها أكثر ضيقاً، ما يعني أن هذا الشاطئ كان من ضحايا التعدّيات على الأملاك البحرية. فهل الميناء، هو النافذة الوحيدة على بحر عدلون الممتدة شواطئه على مساحة 7 كيلومترات؟
الجواب: نعم، بحسب عضو بلدية عدلون محمد غزالة، الذي يأسف لكون أهالي المنطقة «لا يمكنهم الاستمتاع بهذه الشواطئ إلا عند الميناء الذي لا يستوعب أكثر من 20 عائلة، وتغلب عليه الصخور»، علماً بأن هذا الشاطئ لم يكن مخصصاً للسباحة، بل لزوارق الصيادين التي انسحبت تدريجياً الى ميناءي الصرفند وصور. واللافت، أن البلدية لا تملك صلاحيات لتطوير الميناء واستثماره، لذا، فإنها تصبّ جهودها نحو وزارة الأشغال والنقل، صاحبة السلطة على الأملاك البحرية، بهدف الاستحصال على إذن منها للسماح لها بتنفيذ أشغال تطوير وشق طرق لوصول العامة إليها. كلّ ما تمكنت البلدية من إنجازه على بحرها بانتظار موافقة الوزارة، هو منع أحد أصحاب الملاحم من صرف الأوساخ والمياه المبتذلة نحو البحر مباشرة. وقد أجبرته قبل شهرين على إنشاء «جورة صحية» لتصريف ما ينتج عن الملحمة.
ماذا عن الشواطئ الأخرى؟ رغم أنها أملاك بحرية، ضمّ عدد من ملّاكي البساتين المحاذية لها الممرّات المؤدية إليها إلى أراضيهم، واستكملوا «أعمال الضمّ» بتسييجها بالجدران الإسمنتية من كلّ جانب، التي تتوسطها بوابة حديدية ضخمة، يفتحها المالك ويقفلها ساعة يشاء ولمن يشاء. خلف تلك الأسوار، تتوالى الشواطئ التي كانت مرتعاً لأبناء عدلون والمنطقة قبل أكثر من 15 عاماً. حينها، كانت البساتين مملوكة من أبناء عدلون من جهة، ولم يكن «الضم» قد شمل الممرات الفاصلة بين بستان وآخر من جهة أخرى. الزيرة وأبو الزيت باتجاه شاطئ شوران قبالة القاسمية، باتت في عهدة الملاكين الذين استحوذوا أيضاً على خط سكة الحديد الذي كان يمرّ بمحاذاة الساحل. وبعد مناشدات عدة، رفعها الأهالي لفك الحصار وإعادة الارتباط بينهم وبين شواطئهم، وحدها النائبة بهية الحريري استجابت وفتحت طريقاً توصل إلى شاطئ أبو العواميد. ولأن الطريق ترابية ولا تتسع إلا لسيارة واحدة، رفعت البلدية طلباً إلى الوزارة لإحالة صلاحية التصرّف بالشواطئ على البلدية.
على صعيد آخر، رفع رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني على مطر، مشروعاً إلى المدير العام لوزارة النقل عبد الحفيظ القيسي لتأهيل ميناء الصيادين في عدلون، بغية تخفيف الضغط عن ميناء الصرفند ولمّ شمل صيادي المنطقة الذين يرسون إما في صور أو في صيدا، وأحياناً في الناقورة. وكان القيسي قد وعد بتنظيم زيارة تفقدية لساحل الزهراني خلال أيام لبتّ طلبَيْ الموانئ وإنشاء ثلاثة مسابح شعبية في البيسارية والخرايب والسكسكية.