رغم أن حرج بيروت «المغلق» هو المساحة الخضراء الكبرى، إلا أن الحدائق الأخرى المفتوحة «عرضة» للتغيير هي الأخرى. فقد أكد مسؤولون في بلدية بيروت أن حدائق السيوفي، الصنائع، ومار نقولا، ستخضع لتأهيل شاملأعلنت بلدية بيروت، بعد اجتماعها الأخير، أوائل الشهر الجاري، أنها قبلت «هبة غير مشروطة من مهندسين مختصين في تصميم الحدائق العامة وتنظيمها، لإعداد دراسة كاملة لتأهيل حدائق رينيه معوض (الصنائع)، مار نقولا، والسيوفي»، لافتةً إلى أن المهندسين المذكورين سيحضرون دفاتر الشروط، والمستندات اللازمة، كما سيشرفون على تنفيذ أعمال التأهيل. وفي حديث مع «الأخبار»، أشار نائب رئيس البلدية، نديم أبو رزق، إلى أن «رؤية» البلدية الجديدة تقوم على إعادة تأهيل الحدائق البيروتية لا إصلاحها. يوافقه كثيرون في ذلك ويرون الأخضر «باهتاً» جداً في حدائق العاصمة. إذاً لا يكفي أن تنتزع «بلاطة» هنا، أو تزرع شجرة هناك.
برأي أبو رزق، الحدائق يجب أن تكون مكاناً لائقاً كي تستحق هذه التسمية. وقد وافقت البلدية على طلب المهندسين الأربعة، لعدة أسباب، أهمها: أن هؤلاء «المختصين» لم يطلبوا مقابلاً مادياً. كل ما طلبوه «هو التزام البلدية بمعاييرهم وإبعاد المشروع عن أية تجاذبات مفترضة». وفعلاً، انطلقت الدراسات، التي «ستستمر لأربعة أشهر»، تمهيداً لإعداد مناقصة عمومية أو محصورة، وتأمين دفتر شروط جديد، يستوفي عناصر جديدة و«بيئية بالدرجة الأولى»، من دون أن يفوته التذكير بالمشكلات التقليدية: عقد الصيانة والحراسة. بيد أنه يكرر «تطمينات» رئيس البلدية، إلى أن عدد الحرس البلدي في بيروت، أخيراً، مشجّع.
وعن احتمال إغلاق الحدائق أثناء فترة التأهيل، لكون العمليات المنشودة تقتضي إعادة بنائها من الأساس، لم ينف أبو رزق هذه الاحتمال، بل نسبة حدوثه «مرتفعة»، ما دام العمل لن يقتصر على «اصلاح حنفية» أو «تركيب مقعد خشبي»، كما يعقب البلدي. وفيما ترتبط الحديقتان كل منهما بالأخرى في الذاكرة الجماعية لبنانياً، بما هما نقيضتان جغرافيتان، منذ أيّام الحرب، بوصف إحداهما في «المنطقة الغربية» والثانية في «المنطقة الشرقية»، نفى أبو رزق أن تكون هذه «الاعتبارات» الشعبوية خلف اختيار الحدائق المذكورة قبل غيرها، مؤكداً أن البلدية اختارتهما «لأنهما الحديقتان الكبريان في العاصمة»، بعد حرج بيروت طبعاً.
وكان رئيس بلدية بيروت، بلال حمد (الصورة)، قد أكد أن الضجة المثارة حول مواقف السيّارات داخل العاصمة في طريقها إلى الحل، إذ وضعت البلدية خطةً لاستيعاب أكبر عدد ممكن من السيارات، على ألا تؤثر على الحدائق. ووفقاً للخطة، ستكون المواقف «على أطراف الصنائع، وتحت الأرض في منطقة السيوفي»، مما يضمر وعداً بعدم التعرض إلى الحديقتين. ويفترض أن تسهم العقارات الثمانية التي «وضعت البلدية يدها عليها» في استيعاب ما بين 500 و1000 سيارة في كل مبنى، ويتوقع حمد أن تحوي محطات «الباركينغ» الأخرى أعداداً على النحو الآتي: ساحة الشهداء 2000 سيارة، شارل الحلو 350 سيارة، ملعب بيروت البلدي 2500 سيارة، إضافة إلى مشروع إنشاء 7 طبقات تحت أرض حديقة اليسوعية لتستوعب 400 سيارة.
لكن «التطمينات» ليست 100%. فأبو رزق، لا يستبعد «إمكان إغلاق بعض الحدائق الصغيرة في مرحلة لاحقة، إذا أكدت الدراسات أنها غير قابلة للتأهيل». وإغلاقها يعني أنها «ستتحوّل إلى مواقف سيارات هي الأخرى». وهنا، يخشى كثير من المتابعين أن تكون «الأولوية الحقيقية» هي للآلة التي تتسابق مع الباطون في اجتياح العاصمة، على حساب الحدائق، وأهميتها التاريخية والثقافية.