عندما فازت جوزيان خليل في الانتخابات الاختيارية، لم تقبل تسلّم ختمها من وزارة الداخليّة والبلديّات؛ إذ دوّن عليه «مختار ذوق مكايل». علا صوتها يومها: «أريد التاء القصيرة»، واستطاعت بعد معركة ساندها فيها الوزير زياد بارود استمرت شهراً ونصف شهر الحصول على ختم كُتب عليه «مختارة»، لتصبح المرأة الأولى في لبنان التي تحمل هذا الختم. «عندها بدأت رحلة سندباد في المخترة» تقول خليل.لكن رحلتها بدأت قبل ذلك. تعرّف عن نفسها بأنها «بنت ذوق مكايل، درست تصميم الأزياء والعلاقات العامّة، وعملت في مجال الأزياء ودرّسته في الجامعة، وكنت المساعدة الأولى للمصمّم إيلي صعب». كذلك كانت ناشطة في الشأن العام، إلّا أنّ وفاة أخيها الياس عن عمر 45 سنة، وهو الذي كان مختار ذوق مكايل، دفعها إلى إكمال مسيرته. «أنا ضدّ الوراثة، إلّا أنّ استغلال أحزاب وتيّارات اسم أخي، ونحن على أبواب الانتخابات، دفعني إلى الترشّح لإعادة الاعتبار إلى عائلتي ولترك اسم أخي نظيفاً».
لم تكن المهمّة سهلة، حسب خليل، التي ترشّحت منفردة مدعومة من عدد كبير من الأصدقاء والمحبّين، وكانت العبارة التي سمعتها «انقطعوا الرجال بذوق مكايل؟». تتحدّث عن عراقيل صادفتها في عملها، منها أنّ كلّ معاملات المخترة غير واضحة، إذ إنّ القانون هو من عام 1947، ورغم تعديله، إلا أنّه لا يزال قديماً. بعد سؤالها الكثير من المخاتير عن طريقة إنجازهم للمعاملات، دوّنت الأجوبة في كتيّب يصدر قريباً، يشمل كلّ نماذج معاملات المخترة. «أريد طباعة الكتيّب ليكون توجيهاً للمخاتير والمواطنين على حدّ سواء» تقول، مشيرة إلى أنّها أنجزت موقعاً إلكترونيّاً يحمل اسم «مختارة أونلاين»، إلى جانب صندوق بريد خاصّ وبريد إلكترونيّ، وتستقبل على كلّ هذه المواقع طلبات المواطنين، وخصوصاً المسافرين للإسراع في إنجازها.
المختارة في جبيل وكسروان ـــــ الفتوح، تؤمن بأنّ في الاتّحاد قوّة، فقرّرت جمع مخاتير كسروان ـــــ الفتوح في رابطة، كي يصل الصوت بسرعة. وكان المخاتير قد طالبوا منذ 14 سنة برابطة، إلّا أنّهم كانوا يختلفون، حسب خليل، على الرئاسة والسياسة. وقد استطاعت جمع 88 مختاراً من أصل 90 في قضاء كسروان ـــــ الفتوح بعد أن زارت المخاتير كلّاً في منزله، و«رغم تعدّد الألوان السياسيّة في صفوفنا»، أصبحنا رابطة لها كلمة واحدة، تقول بفخر رئيسة الرابطة الأولى في كسروان ـــــ الفتوح، مضيفة: «أثبت أنّ المرأة تجمع ولا تفرّق».
تعتقد خليل أنّ المختار هو رئيس جمهوريّة ضيعته، ولديه ختم جمهوريّ، وتشير إلى عدد من المشاكل التي واجهتها كمختارة، منها ما هو «مهضوم» كمن يدخل إلى مكتبها طالباً لقاء المختار، فتجيبه بأنّها هي المختارة، فيستدرك: «أنت، إذاً زوجة المختار؟». وبعد تنفيذ شعارات للمخاتير توضع على أرقام سيّاراتهم دوّن عليها «وزارة الداخليّة والبلديّات مخاتير لبنان»، حصلت خليل على شعار اضطرّت في ما بعد إلى إزالته عن سيّارتها؛ إذ كانت تسأل على الحواجز عن بطاقة المختار لتعود وتشرح أنّها المختارة. كذلك كانت تستقبل مواطنين يرفضون إجراء معاملاتهم عندها لمجرّد أنّها امرأة!
تجمع خليل المعلومات المتعلّقة بكلّ من يزورها، بحيث يصبح له ID خاصّ. وتعمل أيضاً على توحيد المعاملات التي ينجزها المخاتير، والخطوة الأولى كانت النجاح مع وزارة الداخليّة والبلديّات في توحيد إفادة السكن بين كلّ المخاتير في لبنان. وتُعدّ لبدء دورة كمبيوتر ودورة قانونيّة للمخاتير في كسروان ـــــ الفتوح، ليتعرّفوا إلى حقوقهم، وذلك بمشاركة اللجنة المؤلّفة من مجموعة من المخاتير (غزير ـــــ مارون غزال، صربا ـــــ ميشال شلفون، عين الدلبة ـــــ ريشار شباط، جعيتا ـــــ سهيل عقيقي وذوق مصبح ـــــ مخايل صابر) إلى جانب عدد من المستشارين ولجنة تجمع شباباً من مختلف الاختصاصات.