«تحقيق اللامركزيّة هو معركة عامّة تحقّقت في فرنسا بعد مرور قرنين على الثورة الفرنسيّة». لم يكن نائب رئيس اتّحاد بلديّات ليون الكبرى جان ميشال داكلان بحاجة، ربما، إلى أن يقول هذه العبارة ليشعر اللبنانيون بأنهم بعيدون عن تحقيق اللامركزية في لبنان رغم كلّ ما أشيع عن جدية العمل على تحقيقها منذ بداية هذا العهد.
بل ربما لأنهم يعرفونها، كانوا متحمسين للمشاركة في ورش العمل التي لا تزال تقام تحت عنوان مناقشتها، وكان آخرها المؤتمر المخصّص للإجابة عن أسئلة كتاب «اللّامركزيّة الإداريّة في 100 سؤال» الذي عقد نهاية الأسبوع الفائت في القصر البلديّ في زوق مكايل في لقاء نظّمته لجنة رؤساء البلديات اللبنانية والتعاونيات مع مكتب منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة.
رؤساء البلديات المشاركون في المؤتمر عرضوا على مدى يومين نتائج ورش العمل التي كانت قد عقدت في مناطقهم، وقد أكد الوزير السابق خالد قباني أن «اللامركزية الإدارية يجب أن تدرس بوصفها تنظيماً إدارياً ولها أبعاد ثلاثة، البعد التنظيمي الإداري، السياسي الديموقراطي، والاقتصادي التنموي». من النقاط التي نوقشت، التحفّظ على إلغاء وظيفة المختار وإيكال مهامه إلى البلديّة، كذلك لم تتفّق وجهات النظر حول إلغاء الاتّحادات، الأمر الذي كان حصل على تأييد المشاركين في ورشة العمل التي عقدت في بلديّة جونيه في 26 أيّار الفائت والتي عرض خلاصتها رئيس بلديّة جونيه أنطوان افرام.
إنشاء مجالس الأقضية حظي بنقاش بين من يعتقد أنه سيؤدّي إلى إلغاء الاتّحادات البلديّة، وبين من راح يشرح آلياته كما فعل رئيس اتّحاد بلديّات الضاحية الجنوبيّة محمّد الخنسا في الحلقة الثالثة التي حملت عنوان مجالس اللامركزيّة. وقد عرض الخنسا خلاصة ورشة العمل التي عقدت في بلديّة الغبيري في 12 أيّار الفائت، وممّا جاء فيها أن مجالس الأقضية تتألّف من أعضاء منتخبين مباشرة من الشعب رئيساً ونائب رئيس وأعضاء لمدّة ستّ سنوات على أساس لوائح مقفلة واعتماد النسبيّة في توزيع مقاعد المجلس.
وفي العرض الذي قدّمه رئيس مجلس بلديّة بيروت بلال حمد لخلاصة ورشة العمل التي عقدت في بلديّة بيروت، وبحث خلالها توزيع الصلاحيات بين المجالس البلديّة ومجالس الأقضية وفق قطاعات معيّنة، أكد أن الاتفاق كان بالإجماع على إبقاء مدينة بيروت في بلديّة واحدة.
من جهة ثانية، عرض عضو مجلس بلديّة اسطنبول انجن ديمير خبرة السلطات المحليّة التركيّة في هذا المجال، قبل أن يتحدّث رئيس لجنة الدفاع والداخليّة والبلديّات في مجلس النواب سمير الجسر عن عمل اللجنة في وضع إطار من 11 بنداً لدراسة قانون اللامركزيّة، ومن البنود: المحافظة على ثوابت الطائف واتّفاق الوفاق الوطنيّ، المحافظة على مركزيّة الدولة، تحديد الحاجة الى التجمّعات البلديّة، مجالس الأقضية، مجالس المحافظة، إضافة إلى الحرص على عدم تضارب الصلاحيات بين مختلف الوحدات.
الحلقة الخامسة، وموضوعها الرقابة على الوحدات المركزيّة، خصّصت لعرض خلاصة ورشة العمل التي عقدت في بلديّة صيدا في 17 أيار الفائت مع عضو مجلس بلديّة صيدا محمّد البابا، وقد أشارت الى حصر الرقابة الاداريّة في حدود الاستثناء. وقد عرض المدير العام المساعد المكلّف بالشؤون الدوليّة والأوروبيّة في المجلس الاقليمي لمنطقة ايل دو فرانس خبرة السلطات المحليّة الفرنسيّة في هذا الإطار.
وفي موضوع الماليّة، تحدّث رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان عن اقتراح قانون بالتعاون مع البلديّات لإنشاء مصرف للتنمية المحليّة، لافتاً إلى أنّ هناك 893 مليار ليرة لبنانيّة لم تُستوف من وزارة الاتّصالات متراكمة من بداية 2004 حتّى تمّوز 2010، إلى جانب عائدات الصندوق البلديّ المستقلّ التي تبلغ 1100 مليار ليرة لبنانيّة. وأكد رئيس بلديّة زحلة جوزف المعلوف حقّ الوحدات اللامركزيّة في فرض الضرائب والاستدانة وقبول الهبات أو رفضها.