الدولة اللبنانية لا تعرف الوضع القانوني لرعاياها، من محكومين وموقوفين، في السجون السورية. هذا ما تبيّن بعد مضي تسعة أيام على صدور مرسوم العفو الرئاسي في سوريا، وبعد إحالة وزير العدل إبراهيم نجّار كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية، قبل ثلاثة أيام، يطلب فيه تحديد إمكانية استفادة اللبنانيين المذكورين، وبعد رد النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، أمس، بأن مرسوم العفو الصادر عن الرئيس بشّار الأسد يطبّقه القضاء السوري، وأنه يجب انتظار صدور لائحة اسماء المعفو عنهم لمعرفة ما إذا كان بينهم لبنانيون عُدّوا مفقودين أثناء الحرب.«إنها فضيحة». عبارة لم يجد رئيس جمعية «سوليد» غازي عاد أخفّ منها للتعبير عن رأيه بالموضوع. أردف قائلاً: «يبدو أن السلطات اللبنانية تعتمد على التبصير لمعرفة من لها من رعايا في السجون السورية، أو لمعرفة من منهم مشمول بالعفو أو لا». عاد لفت في حديث إلى «الأخبار» إلى أن الاتفاقية الموقّعة عام 1951 بين لبنان وسوريا، والتي عُدّلت لاحقاً، تقضي بتبادل المعلومات حول الموقوفين في كلا البلدين، ما يعني «أن لا عائق في المبدأ أمام السلطات اللبنانية، لكن المشكلة في تقصير المسؤولين السياسيين الذين لطالما تاجروا بهذا الملف الإنساني، فيما لا نسمع لهم حساً اليوم ولا نرى أي حراك في هذا المجال». يختم عاد بسؤال إلى كل المسؤولين في لبنان: «من هي الجهة الصالحة التي سيقصدها أهالي الموقوفين لمعرفة الوضع القانوني لأولادهم؟ حددوا لنا الجهة اللبنانية المعنية، فقط لا غير».
سؤال عاد أجاب عنه القاضي ميرزا في حديث مع «الأخبار». جزم النائب العام التمييزي أنّ لدى القضاء اللبناني لائحة بأسماء المحكومين والموقوفين اللبنانيين في سوريا. بيد أن المسألة «تحتاج إلى وقت حتى ندرس قانون العقوبات السوري من منطلق مرسوم العفو الصادر أخيراً، لكي يتبيّن لنا الوضع القانوني لكل حالة، علماً أن السلطات اللبنانية تجمع المعلومات من لجنة المتابعة، لكن في كل الأحوال يبقى الأمر في النهاية بيد القضاء السوري المخوّل تطبيق المرسوم، ولا يمكننا أن نتدخل في عمله». بعيداً عن مرسوم العفو، هل في إمكان السلطات اللبنانية طلب نقل السجناء المحكومين في سوريا لكي يقضوا العقوبة في السجون اللبنانية؟ يجيب القاضي ميرزا: «هناك مبدأ قضائي معروف، وهو أن الفاعل لا يُلاحق مرتين في القضية. أما مسألة تنفيذ الأحكام في بلد المحكوم عليه، فلا اتفاقيات سابقة حولها، علماً أنه في الآونة الأخيرة جرى الاتفاق بين لبنان وسوريا على آلية لتطبيق ذلك، غير أن الاتفاقية لم تقر بعد في لبنان لكونها تحتاج إلى إقرار في مجلس النواب، وهذه المسألة ليست لدى القضاء».
يُذكر أن وزير الداخلية السوري، محمد الشعار، كان قد صرّح إثر صدور مرسوم العفو بأن «المحامين العامين وقضاة النيابة والقضاة المختصين، يعملون من خلال وجودهم في كل السجون التابعة لوزارة الداخلية على دراسة كل الإضبارات الخاصة بكل الموقوفين والمحكومين، بغية تحديد كل من تنطبق عليه فقرات مرسوم العفو الرئاسي وتطبيقه، وقد أخلي سبيل العديد منهم بعد دراسة إضباراتهم».
أخيراً، يُشار إلى أن «هيئة المتابعة والتنسيق السورية ـــــ اللبنانية» كانت قد عقدت اجتماعاً، في تموز من العام الماضي، في مقر رئاسة الحكومة السورية برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، وقد وُقّعت 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون. من هذه الاتفاقيات، واحدة لنقل المحكومين بين البلدين، وقد وقّعها وزير العدل إبراهيم نجار ونظيره السوري أحمد يونس.