بعد 12 عاماً على اغتيال القضاة الأربعة في صيدا، وفي مناسبة إحياء ذكراهم داخل «عدلية» بيروت، أمس، كان صاحب الرسائل الهاتفية «المفخخة» أكثر الحاضرين بطيفه. كانت «مصادفة» لافتة أن تحل الذكرى السنوية لاغتيال القضاة، الذين لم يُعاقب قتلتهم بعد، وتكون مسبوقة باتصالات ورسائل نصيّة على هواتف عدد كبير من القضاة تُهدد حياتهم.وقف وزير العدل إبراهيم نجّار، أمس، قبالة النصب التذكاري للقضاة الأربعة وسط قاعة «الخطى الضائعة» في العدلية، واضعاً إكليلاً من الورد. ألقى كلمة بالمناسبة، لم تختلف كثيراً عن الكلمات التي ألقيت سابقاً في كل ذكرى سنوية. ربما كانت كلمة «العيب» هي الجديد الوحيد فيها. «من العيب أن يبقى في تاريخ لبنان قضاة أربعة اغتيلوا ولا نعرف ماذا حلّ بالقتلة بعد 12 عاماً، هذا ما لا يمكن أن يقبل به عقل بشري. حان الوقت لكي يصبح لبنان دولة تقوى فيها المؤسسات». قال نجّار، بعد دقيقة صمت أمام اللوحة التي تحمل أسماء القضاة الأربعة: الرئيس الأول لمحكمة استئناف الجنوب حسن خزاعي عثمان، المستشار لدى محكمة استئناف الجنوب عماد فؤاد شهاب، رئيس غرفة لدى محكمة الدرجة الأولى في الجنوب ومستشار بالاستئناف وليد محمد هرموش والمحامي العام لدى النيابة العامة في الجنوب عاصم خالد أبو ضاهر.
لماذا يظهر القضاة كأنهم الحلقة الأضعف في لبنان، مقارنة مع أشخاص السلطات الأخرى؟ ولماذا لم تتمكن القوى الأمنية بعد من توقيف أحد في قضية اغتيال القضاة الأربعة، رغم وجود شبهات قوية حول أشخاص محددين، وكيف يتمكّن أحد في الآونة الأخيرة من أن يتصل بقضاة ويهددهم مرات متتالية، ومن الهاتف نفسه، من دون توقيفه أو حتى تحديد هويته؟ أسئلة وجّهتها «الأخبار» إلى الوزير نجّار، فلم يكن جوابه سوى بإحالة المسؤولية على «القوى الأمنية المعنية، المكلفة أولاً وأخيراً بحماية القضاة وتأمين الأمن». أما في ما يتعلق بقضية القضاة الأربعة، فأحال مهمة الإجابة إلى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، الذي كان واقفاً إلى جانبه ومعه عدد من كبار القضاة. طبعاً، ثمة عبارة معهودة يرددها المسؤولون في لبنان، وخصوصاً عند تعذر الإجابة، ألا وهي «التحقيقات سرّية ولا يمكن الإدلاء بأي معلومات»، رددها القاضي ميرزا أمس. لم تشأ نقيبة المحامين أمل حداد أن تمر الذكرى من دون أن تلقي كلمة. قالت: «نقف لنقول إلى متى الصمت؟ إلى متى نقرأ صلاة الغائب، متى تبدأ المحاكمة؟ ومتى يفهم الحكم؟ نقف لنقول إلى متى الخوف؟ ونتقدم بأحرّ التعازي».