صور | اندرج «مشروع التعاون التنموي في لبنان: تيركوم ـــــ تفعيل الآليات لدعم المناطق والمجتمعات الريفية» في سياق الهبة التي قدمتها إيطاليا، خلال مؤتمر استوكهولم للدول المانحة في آب 2006، للنهوض بجنوب لبنان بعد العدوان الإسرائيلي. موّلت وزارة الخارجية الإيطالية المشروع الذي تولى تنفيذه معهد «سيام يام باري» للدراسات العليا في إيطاليا ووزارة الزراعة اللبنانية والمجلس الوطني للبحوث العلمية.
اجتمعت هذه الأطراف الدولية والمحلية على تشجيع التنمية الريفية في المناطق اللبنانية. وللغاية، قام فريق تيركوم بزيارة مراكز التعاونيات الزراعية والبلديات والمؤسسات المحلية وتجمعات المزارعين والصيادين وبتنظيم دورات تدريبية، قادت في عام 2008 إلى تأليف مجموعة عمل محلية، مهمتها دعم وسائل العمل المشترك للتطوير وتفعيل ومواكبة العمل والنشاط المحلي من خلال مسح معلوماتي للمنتجات التقليدية والحرفية والتحقق من الحاجات وتحليل المحتويات. هكذا، وُلدَت مجموعة تيروس في صور.
انضمت إلى تيروس مختلف التعاونيات والمؤسسات الزراعية، بالإضافة إلى اتحاد بلديات قضاء صور. وتوافقت جميع هذه الجهات مع الممول والمشرف الإيطالي، على تأهيل الكوادر البشرية وإعداد دراسة للتعرف إلى المنتجات المحلية الخاصة بقضاء صور وإعداد خريطة لمنتجات المنطقة.
من تيركوم إلى تيروس، ماذا أنجز؟ يشير رئيس تيروس، حسين علوية، إلى تنظيم معرض زراعي لمنتجات التعاونيات الزراعية والعادات الزراعية في المنطقة، يقام سنوياً، إلى جانب تنظيم عدد من الندوات الإرشادية عن زراعة الزيتون والزعتر وتوضيب الزيت. إلا أن الإنجاز الأبرز لتيروس، ومن ورائها تيركوم، كان الأطلس. ففي عام 2008، صدرت النسخة الأولى من «أطلس المنتجات اللبنانية التقليدية» الذي اقترحته تيركوم وتيروس، بينما أشرف معهما على تنفيذه المعهد العالي للدراسات الزراعية المتوسطية «سيهام في باري» بالتعاون مع وزارة الزراعة اللبنانية، وموّله مجلس التعاون الإيطالي ومنطقة بوليا في إيطاليا.
بحسب مقدمة التعريف الخاصة به، يمثّل الأطلس مبادرة رائدة هدفها إبراز قيمة المنتجات اللبنانية التقليدية. وبالتالي، فإن الأطلس، بصفته المنتج الأول من نوعه في لبنان، يمثّل الدعامة الأساسية لمسار طويل الأمد بات في حكم الضروري لإرساء سياسة سليمة تهدف إلى إبراز قيمة المنتجات اللبنانية.
ويتضمن الأطلس أساساً التسميات المحلية للمنتجات اللبنانية وتصنيف السلع والاستعمالات وشروحات موجزة عن المنتجات التقليدية، ما يُسهم في زيادة المعرفة عن الأغذية والحرف التي تكافح في مواجهة تحديات العولمة.
أما عن جمعها، فيوضح علوية أنه تم من خلال جولات ميدانية قام بها فريق عمل تيركوم مع خبراء وزارة الزراعة ومجموعات العمل المحلية المنضوية فيه في بعلبك وجبيل وصور. تقسم الخريطة المأكولات التقليدية إلى تسعة أقسام: أولها المنتجات ذات المصدر النباتي كالمربيات والمحفوظات والمخللات والفواكه والخضار المجففة والدبس وزيوت. ومنها النشا وحامض الحصرم والملح الخشن البحري. ثانيها: الوجبات الخفيفة والتحليات ومنها القضامة وراحة الحلقوم ومربى اليقطين ومحفوظ قشر البوملة والجزرية. وثالثها: الوصفات التقليدية ومنها القطايف المحشوة بالقريشة وصينية الذرة والحلاوة اللواحية والخشاف وخبيصة أم علي والعوامات باللبن والمجمرة وإلبة والزلابية ومعكرون زليط. ويحوي القسم الرابع الوجبات الأساسية، ومنها عميشة ورشتا بالعدس وفريك ومسبحة الدرويش وكبة البطاطا والمجدرة. أما خامس المحتويات، فالمنتجات ذات المصدر الحيواني، ومنها الكشك الطازج المكبوس بزيت الزيتون والشنكليش واللبنة المكعزلة والأمبريس أو السردالة. أما سادسها فالمشروبات والمقطرات والخل كالعرق المثلث وماء الزهر والمقطرات. يخصص الأطلس فصله السابع للمعجنات، بينما يعرض في الثامن الحبوب والخبز ومنه المرقوق وملة السميد وكعكة العصرونية والقربان. أما الفصل التاسع، فللأطباق التقليدية مثل المغربية والمرصبان والمسيسة والمورقة وكعك العيد.
يدرج الأطلس كل صنف من المأكولات في خانته الجغرافية والزمنية، حيث يحدد المنطقة اللبنانية المعروفة بإنتاجه والفصول التي يصنع فيها والمناسبات التي يستهلك خلالها. وإلى أنواع الغذاء، يضيء الكتاب على عدد من الحرف المتعلقة به، مثل صناعة الصابون وزيت الزيتون. ومن هنا أهميته مصدراً جامعاً للمعلومات، ومرجعيةً علمية تزداد أهميتها مع مرور السنوات.