«القانون لا يحمي المغفّلين»، عبارة يرفعها كُثر. فـ«البيّنة على من ادّعى» تقابلها «البيّنة على من أنكر» هي الميثاق السائد الذي يحكم على أساسهما القاضي المكلّف الحكم وفق العدل. لقد لجأ متخاصمان إلى القضاء للفصل في قضية متنازع عليها بين السيدة ن. ي. (مواليد 1941) والصحافي ن. ح. من جهة، والمحامي ع. ف. من جهة ثانية. أصل الخلاف شقة في منطقة الروشة، لكن تشعباته لا تزال غامضة. القضية لا تزال أمام القضاء، حيث من المفترض أن يمثل المدعى عليهما أمام قاضي التحقيق اليوم، لكن «الأخبار» تتناول القضية، باعتبار أن «الصحافي» لا يزال موقوفاً، لتنشر وجهتي نظر المتخاصمين، مراعية الأصول القانونية، حرصاً على سير التحقيق.
وجهتا النظر تتقاذفان المسؤولية لجهة تحديد هوية الجاني من الضحية، الأمر الذي يفتح الباب على روايتين متناقضتين، فيسرد الأولى مقرّبون من السيّدة والصحافي الذي أراد أن يكون «فاعل خير». تذكر الرواية أن السيدة ن. كانت تقطن في شقة مستأجرة في منطقة الروشة، قبل أن تشتريها عام 2007 مقابل مبلغ 100 ألف دولار أميركي من مالكيها السعوديين إثر تسوية أجرتها لتحصل على الشقة، باعتبار أن عقد إيجارها قديم، ما يُحتّم مسألة حصولها على خفض. السيدة المذكورة احتاجت إلى المال عام 2009، فطلبته من صديق العائلة المحامي ع. غ. الذي أعطاها المبلغ، لكنه تمنّى عليها أن تحرر له تنازلاً، باعتبار أن لا أحد يضمن حياته. تذكر الرواية أن السيدة وافقت على طلب المحامي، باعتبار أن علاقة صداقة عائلية تربطها به منذ 12 عاماً. وتضيف الرواية أنه منذ أشهر أرادت السيدة ن. أن تُعيد للمحامي المذكور ماله مقابل حصولها على نسخة من التنازل المذكور، لكنه أجابها بأنه اشترى الشقة منها وليس لها شيء عنده. وتشير إلى أن المحامي أرسل من يغيّر قفل الشقة لمنعها من الدخول، علماً بأنها كانت لا تزال تقطن فيها. وبحسب الرواية، استغلّ المحامي طيبة السيدة ن. وثقتها به ليحتال عليها ويسرق منها الشقة. المسألة لم تنته عند هذا الحد، بحسب رواية المقربين من المدعى عليهما؛ فالسيدة ن. أعطت الصحافي ن. ح. وكالة مرافعة ومدافعة لمنحه صفة رسمية لمتابعة قضيتها قانوناً، غير أن المحامي ع. غ. أقام عليهما دعوى بجرم الاحتيال، فأُوقفا بناءً على إشارة القضاء. المحامي ادعى أن الصحافي باع الشقة لشخصٍ ثانٍ، رغم أنها كانت قد باعتها له. يتحدث أنصار هذه الرواية عن ابتزاز يمارسه المحامي بعدما اتصل بشقيقها يطالبه بالضغط على شقيقته لمنحه براءة ذمّة لإسقاط دعواه، علماً بأنه أعطى المحققين اسم ورقم الشخص المشتري الذي لم يظهر إلى الآن. ولفت الرواة إلى أن هناك سيناريو يرسمه المحامي للاستيلاء على الشقة، فهل يُعقل أن تبيع امرأة شقة في منطقة الروشة بمبلغ مئة ألف دولار، وهي بإمكانها الحصول بسهولة على مبلغ 500 ألف دولار أميركي بحسب تقدير الخبراء.
تُقابل وجهة النظر الأولى، رواية يسوقها مقرّبون من المحامي المدّعي الذين نفوا كل ما تحدثت عنه الرواية الأولى. فبحسب هؤلاء، عرضت السيدة ن. شقتها للبيع على عديدين، لكن لم يشترها أحد، باعتبار أنها لا تملك حق بيعها. فبحسب الرواة، دفعت السيدة ن. مبلغ عشرة آلاف دولار، كدفعة أولى من أصل المبلغ لمالكي الشقة، لكنها عجزت عن إكمال ثمنها، فقررت بيعها وعرضتها على المحامي الذي أعطاها مبلغ 135 ألف دولار أميركي ودفع للمالكين مبلغ 200 ألف دولار، هو باقي ثمن الشقة. لكن السيدة ن. أجّرتها رغم تسليمها له. وذكر ناقلو الرواية أن الوكالة التي أعطتها السيدة ن. للصحافي تتضمن حق بيع الشقة، رغم أنها لا تملكها. وأشاروا إلى أن الصحافي باعها بدوره لأحد الأشخاص، الأمر الذي دفع المحامي إلى الادعاء عليهما بجرم الاحتيال. وذكر المقربون أن المحامي يملك كل الوثائق التي تُثبت ملكيته للشقة، لكنهم تحفّظوا على إضافة المزيد، حرصاً على سرية التحقيق.



اختلاف

أعطت السيدة ن. وكالة مرافعة ومدافعة للصحافي ن. ح. تتضمن منحه حق البيع، فكانت السبب في توقيفه باعتبار أن الرأي القانوني يشير إلى أنها غير قانونية وتدخل في سياق جرم الاحتيال وفقاً للمادة 655 من قانون العقوبات. أنصار الرواية الأولى ذكروا أن الوكالة هدفها منح صفة رسمية للصحافي كي يتابع قضيتها أمام الجهات المختصة، لكنهم لفتوا إلى أن لجوء المحامي إلى إقامة دعوى ضدهما هدفه الاستحصال على براءة ذمة كي لا تشكوه مدنياً لإبطال التفرغ والتوكيل، كي يصبح المالك الشرعي للشقة. في المقابل، يتحدّث أصحاب الرواية الثانية عن نشرة جرمية زاخرة بعمليات الاحتيال والسلب والتعدي على عقارات للصحافي ن. ح. تُشير إلى سوابق جرمية بحقّه، الأمر الذي يُثبت النيّات السيّئة التي كان يبطنها، علماً بأنه استُدعي أكثر من مرّة ولم يحضر. لقد أحالت النيابة العامة في بيروت، أمس، الموقوفين على قاضي التحقيق الأول، حيث سيجري التحقيق معهم اليوم، علماً بأن القاضي المناوب هو فادي عنيسي.