يُحكى عن انطلاقة جديدة ستُسدل الستار عن حقبة «فلتانٍ» شهدها السجن المركزي، ساد خلالها هرجٌ ومرج وضع حياة السجناء وسجّانيهم في دائرة الخطر المحدق. الانطلاقة بدأت بحسب مسؤولٍ أمني منذ يوم الجمعة مع عملية التفتيش التي تأتي في إطار خطة متسلسلة تتدرّج من أكثر الأولويات إلحاحاً، التي هي أمن السجناء وحرّاسهم. فعملية الجمعة، وفق المسؤول المذكور، أعادت السيطرة للقوى الأمنية على السجن بعدما كان لبعض المباني أمنٌ ذاتي يفرضه السجناء أنفسهم كما كان يحصل في المبنى «د».فالكم الكبير من الأسلحة الحادة (سيوف وخناجر وسكاكين) التي ذكرت القوى الأمنية أنها صادرتها كان مخيفاً، ولا سيّما إذا ما ربطت المخيّلة بينها وبين انتشار المخدرات وسط السجناء وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تهديدٍ لحياة كثيرين. الخطة الجديدة ترى في تنظيف السجن من الأسلحة وما استتبعه من فرض سيطرة القوى الأمنية داخل السجن خطوة تسمح بالانتقال إلى مرحلة ثانية، كالاهتمام بالطعام والصحة والمسائل الأخرى. التفاؤل الذي يراه ضباط قوى الأمن، يُشاركهم فيه ممثلون عن جمعيات من المجتمع المدني. فرئيس جمعية عدل ورحمة الأب هادي العيّا يرى أن الخطوات الإيجابية بدأت تلوح بشائرها في الأفق، لافتاً إلى أنه يجب عدم السماح للسجناء بالعودة إلى المشاغل داخل السجن؛ لأن معظم الأسلحة المصادرة صُنّعت داخله. في مقابل التفاؤل، يبرز موقف السجناء المتشائم، يشاركهم فيه كثيرون، حيث يُنظر إلى ما حصل على أنه مسّ بكرامة جميع السجناء. فقد أُجبر هؤلاء على التجرد من ملابسهم بالكامل لتفتيش أماكن دقيقة في أجسادهم، فيما استُثني السجناء الإسلاميون من هذا التدبير؛ الأمر الذي عدّه سفير منظمة حقوق الإنسان في لبنان علي عقيل خليل منافىاً مع الاتفاقيات الدولية ومعارضاً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، يتساءل أحد السجناء: هل عدم تجريد السجناء الإسلاميين من ملابسهم عائد إلى أن «عوراتهم مقدّسة ونحن لا عورات لدينا أو كرامات». السجناء يرفعون المسؤولية عن أنفسهم حيال الأسلحة والمخدرات والهواتف المصادرة، فيرون أن من يُفترض محاسبتهم هم الحرّاس المرتشون الذين أدخلوا هذه الأشياء مقابل أموال حصلوا عليها، أو للمتاجرة بها بهدف الكسب المادي. فبحسب نزلاء السجن المركزي «يتحمّل مسؤولية الأذى النفسي والجسدي الذي لحق بالسجناء السجّان نفسه الذي سمح بدخول هذه الآلات أو تستّر عنها». واستنكر السجناء الذين اتصلوا بـ«الأخبار» ما وصفوه بالحركة الاستفزازية التي قامت بها القوى الأمنية لجهة النقل المقصود الذي طال اللجنة التي أجرت المفاوضات المؤلفة من نحو 15 سجيناً. فقد نُقل السجناء المفاوضون إلى سجون مختلفة، رغم أنهم أقل السجناء إثارة للشغب. السجناء أعربوا عن خيبة أملهم بقائد الدرك العميد صلاح جبران الذي خان العهد الذي قطعه لهم. فبحسب السفير علي عقيل خليل، أخذ السجناء من العميد جبران، بحضرة الوسائل الإعلامية، عهداً بأن لا تُتخذ بحقهم أي إجراءات انتقامية إن علّقوا إضرابهم. فأكّد لهم أنه يتعهد بذلك، غير أن ما حصل عكس ما اتُّفق عليه. السفير خليل تحدّث عن ظلم يلحق بالسجناء داخل الأروقة من دون أن يظهر من ذلك شيء أمام الرأي العام. فقد أكّد خليل لـ«الأخبار» أن عدداً كبيراً من السجناء تعرّض لضرب مبرّح في عملية التفتيش نهار الجمعة.


ضبط كميات «هائلة» من الممنوعات

نوّه اللواء أشرف ريفي بوحدتي القوى السيارة وقيادة الدرك الإقليمي ـــــ سرية السجون المركزية، بإمرة العميد روبير جبّور والعقيد فؤاد حميد الخوري، على عملية التفتيش التي نفّذتها قوة مشتركة لغرف السجن، والتي رافقتها أعمال شغب ومقاومة لعناصر هذه القوة الذين تمكنوا من السيطرة على الوضع وإنهاء عملية الشغب والتفتيش، حيث نتجت من ذلك إصابة عدد من عناصر القوة بجراح نتيجة مقاومة السجناء العنيفة، وضبط بحوزة السجناء مئات السكاكين والقطّاعات المصنّعة يدوياً داخل السجن وآلات ثاقبة ومقادح وآلات لخلع الأبواب وكمية من المخدرات وأكثر من مئة هاتف خلوي مع متمماتها، بالإضافة إلى حبال طويلة، ما يثبت نيتهم وتخطيطهم لعملية فرار، الأمر الذي ترك الأثر الطيب لدى الرؤساء والرأي العام، ولا سيما أن العملية جرت بالسرعة المطلوبة وأدت إلى ضبط كميات هائلة من الممنوعات، فاستحقت التقدير.