بين طريق المطار القديم والأوتوستراد الجديد، وتحديداً في الشارع المؤدي إلى استراحة «فانتزي وورلد»، كان المشهد أمس أشبه بشوارع الضاحية بعيد انتهاء حرب تموز قبل نحو 5 سنوات. أبنية استحالات ركاماً وتناثرت حجارتها على طول الشارع. إطارات مشتعلة غطّت بدخانها سماء المنطقة. أشخاص محتجّون انتشروا على مسافة 300 م تقريباً والغضب في عيونهم. هكذا، تحوّل الشارع المشهور بشققه السكنية الفارهة، وبانتشار المحال التجارية والمقاهي الضخمة فيه، إلى خربة، كأن زلزالاً ضربه.
ما الذي حصل؟ يجيب أحد الأهالي المحتجّين عن السؤال مباشرة: القوى الأمنية حضرت بمؤازرة من الجيش، وهدمت عدداً من الأبنية. أزالوا ما بقي من المبنى الذي عُرف بـ«برج حميّة» إضافة إلى عدد من الأبنية الأخرى. نقمة الأهالي كانت كبيرة، والسبب، بحسب قولهم، أن الهدم لم يقتصر على المخالفات التي شيّدت أخيراً، بل طال بعض الطبقات السفلية المسكونة منذ سنوات.
كان الشاب جهاد حميّة، صاحب «البرج» المذكور، واقفاً بين المحتجّين. عرف أن محدّثه صحافي، فقال له «جوّهت الله عليك تكتب كل كلمة رح قولها. بدي أفضح كل المسبّبين». هات ما لديك يا جهاد. «نائب سابق (صاحب أسهم في الفانتزي وورلد)، أدهم ط.، يوسف ح. (صاحب التعاونية العاملية) ومعهم أبو سعيد الخنسا (رئيس اتحاد بلديات الضاحية) هم من طلبوا وأصرّوا على القوى الأمنية والجيش لإزالة بيوتنا. لا فرق عندهم بين مخالفات أو غيرها، المهم لديهم أن يكون الشارع لهم، وأن يسكنه الأغنياء فقط. كلهم لديهم بروج». كلمات قالها حميّة غاضباً، ثم أضاف بصوت عال ليسمعه جميع الحاضرين: «أبو سعيد الخنسا جاءني قبل مدّة وطلب مني أن أعطيه «الروف» (الطبقة العلىا من المبنى) مقابل تعهّده بعدم الهدم. رفضت ذلك وقلت له أنا لا أدفع خوّات لأحد، فقال لي إذاً سوف تخسر». لا ينكر الشاب أن ما شيّده في الآونة الأخيرة مخالف، لكنه في المقابل يتوقّف كثيراً عند شمل عمليات الهدم للمباني القديمة. يقول: «منذ 8 أيام ونحن نرى هدم المخالفات هنا. كنا ساكتين ولم نحرك ساكناً، ولكن أن يصل الأمر إلى المنازل القديمة والمحال التجارية التي هُدمت والبضاعة فيها، فإننا لن نسكت على
ذلك».
اتصلت «الأخبار» بأبو سعيد الخنسا وسألته عن الأمر. رفض التعليق على ما اتهمه به صاحب المبنى، مكتفياً بالقول: «هيدا حكي بلا طعمة. لقد طاولني بالاتهام مع 3 أشخاص. أنا لو أردت أن أكون كما يتهمني، لكان لدي اليوم أكثر من 100 مبنى. على كل حال نحن ليس لدينا دولة، للأسف، بل على ما يبدو نعيش في غابة. قلتها سابقاً وأكررها، لم يكن يفترض بالدولة أن تترك هؤلاء يباشرون عمليات البناء ثم يأتون للهدم بعد الانتهاء من الورشة».
أخيراً، يُشار إلى أن القوى الأمنية أبدت اهتماماً لافتاً بالشارع المذكور، منذ أكثر من 8 أيام، حيث كان عناصر من الدرك والقوى السيارة يرابطون في وسطه ليل نهار، فيما مخالفات أخرى في شوارع محاذية لم يجر الاقتراب منها.