اللقاء حصل قبل نحو 7 شهور عند حلاق في ساقية الجنزير. لم يكن سامي (اسم مستعار) على معرفة بنبيل (34 عاماً ــــ اسم مستعار)، لكن الحديث دار بينهما، وأخبر سامي نبيل بأنه ورث عن والده جزءاً من منزل، وقد باع حصته أخيراً بمبلغ 140 ألف دولار. نبيل بدوره تحدث عن شقيقه هاني (42 عاماً ــــ اسم مستعار)، وقال لسامي إن هاني يتمتع بقدرات «خارقة»، وإنه قادر على استحضار الجن واستخراج الكنوز من باطن الأرض. انطلت الكذبة على سامي، واتفق مع نبيل على لقاء قريب، وخاصة بعدما اقتنع بأن هاني «عالم روحاني» وأنه يخاطب الجن الذي يدلّه على الثروات وأمكنة دفنها.حصل اللقاء بالفعل، وادّعى الشقيقان أمام سامي أن عملية التواصل مع الجن لها مستلزماتها، ومنها كمية من البخور النادر، أو الغالي الثمن. فسلّم سامي إلى أحد الشقيقين مبلغ 104000 دولار (حسب ادّعائه، فيما قال الشقيقان إنه سلّمهما مبلغ 94000 دولار).
اللقاءات بين سامي والشقيقين تكرّرت، وقد كان سامي يزور منزل هاني في منطقة برج أبي حيدر حيث كانت تُعقد «جلسات استحضار الجن وحرق البخور». بعض الجلسات حضرها رجل أربعيني هو بهاء الذي قال إنه هو أيضاً سدّد مبلغاً من المال لهاني «بهدف استخراج الكنز المدفون في أرض في بلدة صوفر»، وأضاف أنه توجه برفقة هاني إلى المكان لهذه الغاية.
تكررت جلسات استحضار الجن، ولم يحضر الكنز المنتظر. أثار هذا الأمر غضب سامي وقلقه، وبدأ يشك في أقوال هاني. في إحدى الجلسات المخصصة لاستحضار «ملك الجن شخصياً، شرطاً ضرورياً لنبش الكنز المقدّر بكمية من القطع الذهبية الموضوعة داخل أوان تساوي ملايين الدولارات»، بادر سامي إلى شتم «ملك الجن»، وذلك لأنه «تقاعس عن إتمام العملية»، ما أدى إلى «تأخرها»، فردّ عليه هاني بأن هذا التصرف أغضب «ملك الجن». ردُّ هاني زاد غضب سامي، فغادر المكان، وتوقفت عملية البحث عن الكنز أو استخراجه باستحضاره، توقّفاً نهائياً. بعدما تأكّد سامي من «ضياع» أمواله، تقدم بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، وقد أُجري تحقيق أوّلي بواسطة مفرزة صيدا القضائية، ثم أُحيل الطلب على قاضية التحقيق في لبنان الجنوبي التي أعلنت عدم اختصاصها في الأمر، لتُحال القضية أمام دائرة التحقيق في بيروت.
المدّعى عليه هاني ادّعى خلال التحقيق الأوّلي أنه قبض مالاً من سامي، وقال إن المبلغ كان 94 ألف دولار، وإن الغاية منه كانت شراء البخور واستحضار الجن بواسطته.
عملية النصب حصلت وفق سيناريو توزّعت فيه الأدوار على هاني وشقيقه نبيل وصديقهما بهاء. اقتصرت مهمة نبيل على الإيقاع بالضحية وتأمين اللقاء مع هاني. أما بهاء فحضر بعض الجلسات ليوهم الضحية بأن هاني صادق، وقد قبض مقابل تمثيل هذا الدور مبلغ 20 ألف دولار.
اعترافات نبيل حملت بعض التناقضات في ما يتعلق بمكان لقاء سامي، فقال بداية إنه تعرّف إليه في أحد مقاهي الحمرا، ثم ادّعى أنه اقترح على سامي افتتاح مشروع عمل مشترك.
أمس، أصدر قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي قراراً ظنياً في هذه القضية، طلب فيه عقوبة السجن حتى ثلاث سنوات لكل من المدّعى عليهما، الموقوف هاني، وبهاء، وأحالهما أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت للمحاكمة، ومنع المحاكمة عن نبيل من جرم المادة 655 عقوبات لانتفائه بحقه.
(الأخبار)